في الخفاء، وبعيدًا عن أعين وسائل الإعلام، تطيح وزارة الداخلية السعودية بمسؤولين من مناصبهم وتستبدلهم بآخرين؛ للحدّ من نفوذ ولي العهد السابق «محمد بن نايف».
وتحتفظ الحكومة بملف قالت إنه يرصد تمرير «ابن نايف» أسلحة إلى مجموعات في العراق وسوريا، إضافة إلى مشكلاته الطبية المزعومة وأوراق أخرى تتعلق بمزاعم فساد في عقود مع شركات أجنبية؛ بل وحتى اتهامات بأنه كان يراقب أفرادًا من العائلة المالكة.
وقالت دورية «إنتليجنس أون لاين» الفرنسية إنّ أشخاصًا رفيعي المستوى كانوا موالين لمحمد بن نايف ويؤدون دورًا بارزًا في تعاقدات الوزارة رهن الاحتجاز حاليًا.
إقامة جبرية
يخضع «محمد بن نايف» إلى الإقامة الجبرية، بالرغم من نفي المسؤولين. وهرب سعد الجابري، مستشار الشؤون المالية المقرب لـ«ابن نايف»، من المملكة خوفًا من الاعتقال.
ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية عن مسؤولين سعوديين أنّ اُستُبدل حراس الأمير محمد بن نايف بآخرين أكثر ولاء للديوان الملكي، وذكر أحدهم للصحيفة أنّ القيادة السعودية «تريد منع أيّ مخططات محتملة».
وقالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية إنّ الأمير محمد بن نايف «حبيس قصره في مدينة جدة الساحلية» وممنوع من مغادرة المملكة.
وكان «ابن نايف» يود المغادرة إلى سويسرا أو لندن؛ لكن الملك «سلمان» وابنه الأمير «محمد» قررا أنه يجب أن يبقى، وفق «رويترز».
ولم يكن يتوقع «محمد بن نايف» أن يفقد منصبه لمصلحة «محمد بن سلمان»، الذي لم يتجاوز من العمر 32 عامًا؛ ويرى أنه ارتكب أخطاء سياسية مثل تعامله مع الصراع في اليمن وإلغائه المزايا المالية للموظفين الحكوميين. لكنّ رفضه حصار قطر، والطموح المتسارع لـ«ابن سلمان» لتبوؤ العرش، عجّلا بتنحية ولي العهد السابق وتأمين العرش لابن سلمان، بحسب مقربين من القصر الملكي.
ويعاني محمد بن نايف من مرض السكري، وأعرب أصدقاء مقربون عن قلقهم بشأن صحته منذ محاولة اغتياله عام 2009؛ قائلين إنّه يعاني من ألم مستمر وآثار اضطراب ما بعد الصدمة.
استخبارات عالية
وقالت الدورية الفرنسية إنّ جهاز أمن الدولة الجديد يستوعب داخله جميع أجهزة الاستخبارات العالية الإنفاق في الوزارة، من مديرية المخابرات العامة والقوات الخاصة والقوات الجوية التابعة لوزارة الداخلية ومركز معلومات الويب والمديرية العامة الشؤون الفنية.
ولا يخضع هذا الجهاز إلى ولاية وزير الخارجية الجديد «عبدالعزيز بن سعود بن نايف»؛ لكن يترأسه «عبدالعزيز الهويريني» رئيس أمن الدولة، ويرفع تقاريره مباشرة إلى ولي العهد.
مراجعة العقود
وتقول «إنتليجنس أون لاين» إنّه بجانب ذلك، يستعرض «محمد بن سلمان» بشكل موسع جميع العقود الموقعة أو قيد التفاوض مع الوزارة. ولا يعفي أي اتفاق مع الوزارة من الفحص؛ على الرغم من أن الصفقات تفاوض عليها بشكل مستقل تقريبًا موظفو «ابن نايف».
وتلفت الدورية إلى أن الأزمة في الوزارة عرقلت برامج رئيسة؛ بما يشمل المشاريع السيبرانية مع الشركات الأميركية وعقدًا فرنسيًا كبيرًا يتفاوض عليه منذ فترة طويلة.
وتؤكّد الوثائق المودعة لدى وزارة العدل إلغاء وزارة الداخلية السعودية عقدًا بقيمة 5.4 ملايين دولار مع مجموعة «سي بي جي سونوران» في 21 يونيو، وهو اليوم نفسه الذي أطيح فيه بمحمد بن نايف، وذلك بعد مرور 38 يومًا فقط على توقيعه.