شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

«العربي الجديد»: السيسي حاول اتّباع نهج مبارك في استخدام كرة القدم سياسيا.. لكنه فشل

جندي مصري عند أبواب الاستاد

قالت صحيفة «العربي الجديد» إنّ نظام السيسي حاول اتّباع نهج مبارك في استخدام كرة القدم لتلميع صورته وتثبيت أركان حكمه؛ لكنه لم يؤدّ جيدًا مثلما فعل مبارك طوال مدة حكمه. وبدلًا من ذلك، حظر السيسي روابط الأولتراس؛ وبالرغم من محاولاته لم تكن الأمور في صالحه.

وأضافت، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أنّ كرة القدم هي الشيء الوحيد الذي يتّفق عليه جميع المصريين، بغض النظر عن دينهم أو وضعهم السياسي والاقتصادي والاجتماعي أو انتمائهم السياسي. وساهم اللاعب محمد صلاح في تأهل مصر إلى مونديال روسيا 2018، وهي المرة الأولى منذ 28 عامًا.

ووجّه المحللون الشكر لمحمد صلاح والسيسي، الذي لم يحضر المباراة من الأساس؛ بالرغم من أنه كان على بعد ساعتين منها، لكن الإعلاميين اعتادوا توجيه الثناء لشخص لم يفعل شيئًا، ولا يبالون بالخلافات السياسية المفروضة على لعبة يعتزون بها.

بدءًا من مباراة كرة القدم مع الجزائر إلى مذبحة بورسعيد بعد 2011 وكرة القدم سلاح مخفي في الترسانة السياسية لجميع الأنظمة التي حكمت مصر، كما هو الحال في بقية أدوات العلاقات العامة التي يتقنها الاستبداديون هنا في مصر؛ ومن ضمنهم السيسي.

وقالت الصحيفة إنّ انعدام كاريزمة السيسي لا يضر بقدرة نظامه على خوض اللعبة التي أتقنها مبارك على مدار عقود؛ لأنّ النظام المصري الحالي تعمّد التنكيل بالشباب المصري وحوّل معظمهم إلى محاكمات لمجرد الاعتراض فقط.

دماء الشهداء

شهدت ثورة 2011 صعود أبطال غير مرحّب بهم لدى النظام، وهم شباب الأولتراس، الذين وجدوا الراحة في تجمّعهم البعيد عن السياسة نوعًا ما. وتتكون روابط الأولتراس في معظمها من شباب وليس فتيات، وعلى الرغم من خطهم الرياضي المتبع؛ كان لهم دور هام في ثورة يناير.

تصدّر شباب الأولتراس المشهد السياسي في الثورة، منهم نوعان: أولتراس أهلاوي وأولتراس زملكاوي، أكبر فريقين في مصر. وأثناء الثورة في ميدان التحرير، دافع هؤلاء الشباب عن المتظاهرين ووقفوا أمام الجيش ودافعوا عنهم أمام أنصار مبارك وقت موقعة الجميل، ومع تنحي مبارك عن الحكم وتولي وزير دفاعه السلطة، شهدت هذه المدة احتجاجات مستمرة بسبب أعمال القمع التي انتهجها النظام الجديد على غرار سلفه؛ وانتهى هذا القمع بمذبحة بورسعيد في فبراير 2013.

وتخلّت الأجهزة الأمنية، الموالية لمبارك -ولا زالت- والمخولة بالدفاع عن المواطنين، عن مواقعها وقت موقعة الجميل وتركت أنصار مبارك يهجمون عليهم. وفي أعقاب المبارة بين الأهلي والمصري في بورسعيد أيضًا تخلّت الأجهزة الأمنية عن موقعها وقُتل 74 مشجعًا وجرح 500.

مسير للأولتراس إلى وزارة الدفاع في القاهرة (15 فبراير 2013) للمطالبة بمحاكمة أعضاء المجلس العسكري السابق

ومع ذلك، فشلت المذبحة في دفع الأولتراس مرة أخرى إلى تبني مواقف بعيدة عن السياسة؛ إذ استمر الشباب في تأليب الاحتجاجات الطلابية ضد المجلس الأعلى للقوات المسلحة حينها، ومن بعده مرسي والسيسي.

وفي 5 يونيو 2015، أدين 46 شخصًا، بينهم تسعة من ضباط الشرطة، في أحداث بورسعيد. لكن، قبلها بشهر، حُظرت روابط الأولتراس؛ ما عزّز موقف الحكومة ضد المعارضة.

أفيون الجماهير

استطاع المنتخب المصري حصد كأس الأمم الإفريقية ثلاث مرات على التوالي، وكان الصعود في 2010 المرة السابعة في تاريخه؛ ونجاح المنتخب الوطني هو الشيء الوحيد الذي يستطيع حشد المصريين، وهو الأمر الوحيد الذي يجعلهم جميعهم سعداء وفخورين بكونهم مصريين.

فإذا صادف وجودك في أي مكان ساعة مباراة ستجد أصداء الهتافات تذهب بعيدًا وتصدح بالوطنية وترفع الأعلام والهتافات المناصرة لمصر. وفي غزة أيضًا، أثناء المباراة الأخيرة، كان هناك شيء محير أقرب إلى متلازمة ستكهولم؛ فعلى الرغم من سجن مصر كثيرًا من الفلسطينيين بدعوى انتمائهم إلى حركات إرهابية، وشاركت مصر في تحويل قطاع غزة إلى سجن كبير؛ رُفعت الأعلام المصرية هناك بعد مواجهة الكونغو.

وتضيف الصحيفة: بذلك يمكننا القول إنّ كرة القدم في مصر هي أفيون الجماهير، ومهدئات في لحظات الصراع السياسي، ومهدئة أيضًا من الفتنة الطائفية؛ وتفنّن الرئيس المخلوع مبارك في استخدام هذه الميزة، بعكس ناصر والسادات؛ إذ كانت الحرب مع «إسرائيل» وحدها كفيلة بحشد المواطنين خلف قيادتهم.

جمال وعلاء مبارك يحضران مباراة ضمن تصفيات كأس العالم 2010

واستطاع مبارك خلق عدوّ للمصريين في مباراتهم مع الجزائر في السودان، في وقت كانت هناك فيه تدابير اقتصادية شاملة عانى منها المصريون وتركت كثيرًا منهم عاطلين عن العمل، إضافة إلى الضرائب الحديثة التي فُرضت حينها، وساهمت الأزمة التي اندلعت مع الجزائر حينها في صرف نظر الجمهور عن الأوضاع السيئة.

وكانت الهزيمة التي مني بها المنتخب المصري في كأس العالم 1990 بإيطاليا دافعًا للنظام السياسي بتوجيه المنتخب نحو تحقيق فوز في بطولات أقل أهمية من كأس العالم؛ ككأس الأمم الإفريقية، وقدّمت الحكومة مبارك على أنه الداعم الذي لا مثيل له للمنتخب الوطني. وبحلول عام 2000 التقط فريق التصوير صورًا لا تحصى لمبارك وهو يظهر دعمه للمنتخب في أي مناسبة. ومع الضغط الذي أدى إلى ثورة يناير 2011، عاد مبارك العدو الذي أدى إلى تدهور الاقتصاد طوال عقود ماضية.

وقالت الصحيفة أيضًا إنّ المباراة مع الجزائر في عام 2009 لم تصرف نظر الجمهور عن المشكلات الاقتصادية حينها؛ بل ساهمت أيضًا في إفساح المجال أمام وجوه جديدة من عائلة مبارك (كنجليه علاء وجمال).

ليس جيدًا بما فيه الكفاية

على الرغم من الإنجاز الذي حققه يوم الأحد، كافح المنتخب المصري مقارنة بمكانته في عهد مبارك؛ ويرجع ذلك -إلى حد كبير- إلى تعليق الدوري الممتاز في البلاد لمدة عامين في أعقاب مذبحة بورسعيد. لكنّ السيسي استغلّ هذه المباراة بمثالية كما كان سيفعل مبارك لو كان موجودًا حينها.

أحد أسباب ذلك أنّ مصر لم تتأهل إلى كأس الأمم الإفريقية منذ ثورة يناير، وهي البطولة التي مكّنت مبارك من الحكم من قبل، لكن السيسي حاول في هذه المباراة مواءمة الصورة نفسها وفعل ما فعله مبارك، وإظهار أنّ المصريين جميعهم سعداء.

وختمت الصحيفة بأنّ المصريين استفاقوا في اليوم التالي وتقريبًا نسوا مباراة كرة القدم؛ لكن مازال السيسي موجودًا بنظامه يسحقهم.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023