بعد تأييد أكثر من 92% من المصوّتين في استفتاء كردستان يوم الاثنين 25 سبتمبر الماضي الانفصال عن العراق، أصبح نفط الإقليم تحت الميكروسكوب العالمي، في ظل التنازع القائم للسيطرة عليه من سلطات كردستان والحكومة العراقية.
وتشترك كبرى شركات النفط العالمية في الاستثمار فيه، كما تضع «إسرائيل» أيضًا أنظارها عليه باعتبارها أبرز داعمي الانفصال.
اتفاقات غير فعالة
وقالت الحكومة العراقية إنّ شركة تسويق النفط الحكومية «سومو» هي الجهة الوحيدة المخوّلة ببيع النفط الخام العراقي على الساحة الدولية.
وبعد ستة أشهر من المفاوضات، أُدرِج بند في الموازنة الاتحادية العامة العراقية للسنة المالية 2015 ينص على أنه بإمكان حكومة إقليم كردستان تصدير 250 ألف برميل من النفط الخام حدًا أدنى في اليوم عن طريق «سومو»؛ بالرغم من أنه ليس واضحًا إذا كانت حكومة إقليم كردستان تحتفظ بحق تصدير فائض الإنتاج من عدمه.
في المقابل، تُحوِّل الحكومة العراقية 17% من الموازنة الوطنية إلى حكومة إقليم كردستان شهريًا.
ولكن، لم يتقيد أيّ من الطرفين بالاتفاق بشكل كامل؛ فحكومة إقليم كردستان لم تسلّم شركة «سومو» الكمية المتّفق عليها منذ 2015، كما لم تتوخَّ «سومو» الشفافية في الإبلاغ عن مجموع النفط الخام المُسلّم وبيعه في العراق، الذي يتبدّل من شهر إلى آخر ويؤثّر في الموازنة الشهرية النسبية لحكومة إقليم كردستان.
ففي مايو 2015 مثلًا، لم تحصل حكومة إقليم كردستان إلا على 508 مليارات دينار عراقي (450 مليون دولار أميركي)، أي نصف نسبة الـ17% التي يُفترَض أن تسدّدها لها حكومة بغداد.
مطالب بالتسليم
وطلب المجلس الوزاري للأمن الوطني العراقي الأحد الماضي 8 أكتوبر من حكومة إقليم كردستان تسليم النفط والمنافذ الحدودية، بما فيها المطارات، إلى الحكومة الاتحادية؛ داعية دول العالم إلى وقف التعامل مع أربيل في هذين الجانبين.
وذكر بيان حكومي عقب اجتماع عقده المجلس الوزاري للأمن الوطني برئاسة رئيس الوزراء حيدر العبادي أنّ «المنافذ الحدودية تابعة للحكومة الاتحادية، وكذلك النفط؛ فهو ثروة لكل الشعب العراقي حسب الدستور العراقي».
وتابع البيان: «لذلك فإن الحكومة العراقية توجه إقليم كردستان بتسليم جميع المنافذ الحدودية بما فيها المطارات إلى سلطة الحكومة الاتحادية، وتطلب من دول الجوار ومن دول العالم التعامل مع الحكومة العراقية الاتحادية حصرًا في ملف المنافذ والنفط؛ كي تتولى السلطات العراقية الاتحادية في المنافذ تنظيم انسيابية حركة البضائع والأشخاص وتسهيلها من الإقليم وإليه».
85 % من النفط العراقي
يستحوذ إقليم كردستان على 85% من النفط العراقي؛ لا سبما في مدينة كركوك التي يحارب عليها النظام العراقي الآن وقوات البيشمركة الكردية للسيطرة عليها.
ويتراوح حجم صادرات إقليم كردستان من النفط حاليًا بين 550 ألفًا و600 ألف برميل يوميًا؛ ما يدرّ لخزينة الإقليم نحو 11 مليار دولار سنويا، تمثّل بديلًا لـ17% التي التزمت الحكومة العراقية بدفعها للإقليم بموجب اتفاق سابق، حسب وزير النفط العراقي السابق عصام الجلبي.
ونجحت المليشيات العسكرية الكردية التابعة لإقليم كردستان (البيشمركة) في السيطرة على مناطق واسعة من محافظة كركوك المتنازع عليها بين بغداد وأربيل، عبر مشاركتها في محاربة تنظيم الدولة العام الماضي.
وسيطرت البيشمركة على مناطق في محافظات نينوى وديالي؛ ما اعتبرته حكومة الإقليم إنجازًا يمكن فرضه أمرًا واقعًا على بغداد حال التفاوض بشأن الاستقلال، لا سيما بعد إعلان أربيل دخول المناطق التي نجحت القوات الكردية في استعادتها من قبضة «تنظيم الدولة»، وأطلقت عليها «المناطق الكردستانية».
تعديل العقود
وشدّد الخبير النفطي حمزة الجواهري على ضرورة تعديل العقود الموقّعة مع شركات النفط وجعلها تحت تصرف حكومة بغداد بعد السيطرة على نفط كردستان، وقال في تصريح صحفي (5 أكتوبر) إنّ «جميع تعاقدات شركات النفط مع حكومة كردستان مخالفة للدستور وتجاوزٌ للسيادة، ومن المفترض أن تُحوّل عقود الشركات إلى حكومة بغداد وتعدّلها وفق الدستور وسياساته».
وتابع أنّ «الطريقة التي تعاقدت بها شركات النفط مع بغداد سابقًا للعمل في كردستان لم تذكر العمل في مكان معين؛ إنما العقد محدد للعمل في مساحة معية وأهداف محددة، وقانونًا لا يمكن إجبار الشركات على العمل في مكان آخر. وأضاف أنّ الخطوة المقبلة هي إعادة الحكومة الاتحادية السيطرة على نفط كردستان وإخضاعه للحكومة الاتحادية».
نتنيتاهو يدعم الانفصال
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنّه يؤيد إقامة «دولة كردية مستقلة» في أجزاء من العراق، بحسب صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية، التي نقلت حديثه هذا عنه في لقاء جمعه مع وفد من 33 عضوًا في الكونجرس الأميركي في أغسطس 2017.
وذكرت الصحيفة أنّ نتنياهو لا يتطرّق في كثير من الأحيان إلى «القضية الكردية، التي تعدّ حساسة سياسيًا»؛ لأنّ الموقف الأميركي التقليدي، خاصة موقف الرئيس دونالد ترامب، يؤكد بقاء العراق «دولة موحدة» غير مقسّمة، إضافة إلى أنّ «الدولة الكردية» تعتبر خطًا أحمرَ لتركيا التي تشعر بالقلق من أن هذا التطور من شأنه أن ينقل العدوى إلى الأكراد الموجودين في أراضيها.