دعوات جديدة للتقسيم تواجهها دولة إسبانيا، بعد إعلان إقليم كتالونيا إجراء استفتاء لتحقيق حلم الانفصال الذي يطالب به على مدار أكثر من 500 عام، بعد أن أصبحت كتالونيا جزءًا من المملكة الإسبانية، بزواج الملكين الكاثوليكيين إيزابيل ملكة قشتالة، وفرديناند ملك أراغون.
امتلك الكتالونيين علما خاصا بهم ونشيد وطني لإقليمهم، ولغة خاصة مع الإسبانية، إلا أن مطالب المواطنين في الإقليم تتخطى هذه الحدود ليصبحوا «دولة كتالونيا المستقلة».
ونظم الإقليم على مدة عقود عدد من الاستفتاءات لم تنجح في تحقيق حلم الكتالونيين، على الرغم من التأييد المطلق لمواطنيه للانفصال، بسبب الرفض الذي تواجه به مدريد تلك الإجراءات.
ساعات ساخنة قبيل الاستفتاء
وتظاهر الآلاف من المواطنين الإسبان، اليوم السبت، رفضا لإجراءات الاستفتاء المقررة غدا فى إقليم كتالونيا للانفصال عن إسبانيا، وحمل المتظاهرون أعلام إسبانيا مرددين هتافات تطالب بإسبانيا موحدة.
وفي المقابل اتجه المؤيدون للاستفتاء إلى أماكن الاقتراع في محاولة للسيطرة عليها، ضمانا لإجراء الاقتراع في موعده، وسيطر الانفصاليون على مدرستين على الأقل في وسط برشلونة، في حين نشرت «منصة المدارس المفتوحة من أجل الاستفتاء» صورا على تويتر لعدد من مراكز الاقتراع التي تم احتلالها.
وأكد زعيم إقليم كتالونيا كارلس بودجمون لوكالة رويترز، أن اماكن الاقتراع والبطاقات جاهزة للاستفتاء «كل شيء أصبح جاهزا في كل مراكز الاقتراع التي يزيد عددها عن ألفين»
ومن جهتها أعلنت الحكومة الإسبانية أنه لن يكون هناك استفتاء على تقرير مصير إقليم كتالونيا، وقالت السلطات إنها صادرت مليونين وخمسمئة ألف بطاقة تصويت، وأربعة ملايين مغلف من مستودع في إيغالادا قرب برشلونة.
كما سيطرت الحكومة الإسبانية على مراكز الشرطة بإقليم كتالونيا في محاولة لمنع إجراء الاستفتاء على الانفصال.
معلومات عن الإقليم
إقليم كتالونيا هي منطقة تقع في شمال شرق إسبانيا، من سبعة عشر مناطق حكم ذاتي في إسبانيا، وعاصمتها هي مدينة برشلونة، وتنقسم المنطقة إلى أربع مقاطعات: برشلونة، جرندة، لاردة وطراغونة.
تحدها من الشمال فرنسا وأندورا، ومن الجنوب منطقة بلنسية، ومن الشرق البحر الأبيض المتوسط، ومن الغرب منطقة أراغون، وتبلغ مساحة كتالونيا 32.106 كم².
تعتبر الكتالانية هي اللغة الرسمية بالإضافة إلى اللغة الإسبانية التي هي لغة إسبانيا، الغالبية العظمى من الكتالونيين يعتنقون الديانة المسيحية على مذهب الرومانيَّة الكاثوليكيًّة.
أصبح الإقليم جزءًا من المملكة الإسبانية، في 20 يناير 1479، وفي عام 1931 استعادت كتالونيا مؤسسات الحكم الذاتي.
لماذا يسعى الإقليم للانفصال
يطالب إقليم كتالونيا بالانفصال عن الحكومة المركزية رغم تمتع الإقليم الذي يبلغ عدد سكانه 7.5 ملايين نسمة بأوسع تدابير للحكم الذاتي بين أقاليم إسبانيا، ويأتي في الترتيب السابع بين 17 إقليما تتمتع بحكم ذاتي في البلاد.
ويرفض المواطنون في كاتالونيا وصفهم بأنهم مواطنون أسبان، وعلى الرغم من كون اللغتين الكتالانية والإسبانية مسموحة في الإقليم، إلا أن الغالبية يرفض التعامل بالإسبانية مطلقا.
يرفع معظم المواطنون علم كتالونيا ذو الشارة الزرقاء ، في شرفات المنازل، في إشارة لاستقلالهم وتأيدهم للانفصال.
ويعتبر المواطنون في كتالونيا أنهم محتلون من طرف إسبانيا بعد صلح البرانس التي وقعته إسبانيا مع فرنسا في أعقاب حربهم التي استمرت منذ عام ١٦٣٥ وحتى عام ١٦٥٩.
وعلى الرغم من أن الإقليم يمثل ٦٪ فقط من مساحة اليابسة في إسبانيا، إلا أن ما يقرب من ٢٠٪ من الناتج القومي الإجمالي يأتي من تلك المنطقة، وهذه إحدى أسباب الخلاف بين كتالونيا وإسبانيا، حيث يقوم الإقليم بتحويل مبالغ مالية إلى الحكومة المركزية الإسبانية تفوق الـ ٢٠ مليار يورو سنويًا ، وهي الضريبة التي تفرضها الحكومة الإسبانية على الإقليم والمقدرة بـ 10% من الناتج المحلي، وفي المقابل، لا يوجد مردود من ناحية الخدمات.
محاولات الانفصال
نظم الإقليم سلسلة من الاستفتاءات أكدت مطالب الأغلبية بالانفصال، وافقت الحكومة الإسبانية على بعضها في حدود الحكم الذاتي، ورفضت نتائج أخرى كانت تسعى للانفصال.
في 25 أكتوبر 1979 وافق مواطنو كتالونيا في استفتاء شعبي على قانون الحكم الذاتي الجديد لإقليمهم، والذي اعترف باللغتين الإسبانية والكتالونية كلغتين رسميتين في الإقليم، وسمح للسلطات الإقليمية بتولي مسؤوليات المقاطعة، بعد أن ألغيت المؤسسات الكتالونية 1939 بعد حرب أهلية.
ونظم مواطنو كتالونيا استفتاءا شعبيا أقروا خلاله قانونا جديدا للحكم الذاتي، في 18 يونيو 2006، يوسع من صلاحيات الحكم الذاتي في الإقليم، بعد مفاوضات مع رئيس الحكومة الإسبانية السابق خوسيه لويس ثاباتيرو، ومصادقة البرلمان الإسباني عليه.
تظاهر آلاف من الكتالونيي في يونيو 2010، بعد أن ألغت المحكمة الدستورية جزءا من قانون الحكم الذاتي الجديد.
أجري استفتاء في 9 نوفمبر 2014، وصوَّتت الأغلبية الساحقة منهم لصالح خيار الاستقلال عن إسبانيا، وفي 11 يونيو ألغت المحكمة الدستورية الإسبانية نتائج الاستفتاء على استقلال إقليم كتالونيا.
ومنذ ذلك التاريخ وحتى سبتمبر الجاري، تؤكد الحكومة الإسبانية أنها ستعرقل أي محاولة لاستقلال منطقة كتالونيا، مؤكدة أن إجراءها « غير قانوني».
في 9 سبتمبر أقر برلمان كتالونيا قانونا يحدد أسس الاستفتاء على استقلال الإقليم عن إسبانيا، المقرر أن يُجرى بالأول من أكتوبر، في تحدي لقرار الحكومة الإسبانية.