«مصر تشقّ طريقَها بثقة في ظل مخاطر غير مسبوقة، متبنيةً استراتيجية تنموية طموحة، تقوم على إصلاحات اقتصادية جذرية وشجاعة»، هكذا صرّح عبدالفتاح السيسي أمام الدورة 72 للجمعية العامة للأمم المتحدة مساء أمس الثلاثاء؛ لكنّ مؤسسات دولية كشفت وهمية تصريحاته.
فقالت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني، في تقريرها السنوي الصادر أمس الثلاثاء، إنّ التصنيف الائتماني لمصر مستقر عند B3، إضافة إلى ضعف الأوضاع المالية الحكومية، كما توقعت حدوث عجز بنسبة 10% في الموازنة.
وآخر رفع أجرته الوكالة لتصنيف مصر الائتماني في شهر أبريل 2015م، من Caa1 إلى B3، ومنذ ذلك الحين لم تغيّر أيّ شيء في تصنيف مصر.
فضح السيسي
وقال الخبير الاقتصادي ممدوح الولي، في تصريح خاص لـ«رصد»، إنّ بقاء مصر عند مستوى B3 في التصنيف الائتماني العالمي يُحرج السيسي دوليًا؛ خاصة وأنه تباهى أمس أمام العالم بخطواته التي وصفها بالإصلاحية والخطوات القوية.
وأضاف: تصنيف موديز يكشف ثبات الحالة الاقتصادية لمصر، وهذا واضح؛ فسعر الدولار لم يهبط، ويقترب من الـ18 جنيهًا منذ ثلاثة شهور؛ ما يعني أنّ الحركة الاقتصادية للدولة تسير لمجرد الوجود وليس التنمية.
سياسات «الإصلاح» الاقتصادي
يأتي تقرير «موديز» بعد 48 ساعة من إعلان وزير المالية ومحافظ البنك المركزي المصريين تحسن الأوضاع المالية وارتفاع قيمة الجنيه.
ووجّه طارق عامر، محافظ البنك المركزي، رسالة يدّعي فيها أنه لن تحدث صدمات اقتصادية أخرى للاقتصاد المصري في الفترة المستقبلية.
وقال يوم الاثنين الماضي: «نحن نسير في الاتجاه الصحيح، كما نتحرك بسرعة كبيرة»، والحكومة المصرية كانت حازمة في شأن سياستها النقدية؛ لأنها تعتمد على أهمية هذه السياسيات الاقتصادية التي تتضمن إصلاحًا اقتصاديًا في القريب العاجل.
وأعلن وزير المالية عمرو الجارحي يوم الاثنين أيضًا أنّ الفجوة التمويلية للسنة المالية 2017-2018 تتراوح بين عشرة مليارات و12 مليار دولار، مدعيًا أنّ لدى مصر برنامجًا لطرح سندات دولية قيمته ثمانية مليارات دولار؛ لكنه لم يذكر جدولًا زمنيًا.
التغير الجذري غير كاف
ورأت موديز أنّ التغيّر الجذري في الأوضاع الاقتصادية لا يعد كافيًا، والإشارات بتباطؤ الإصلاحات ستعرّض النظرة المستقبلية للخطر.
عجز في الموازنة
وتوقّعت موديز أن يصل عجز الموازنة في السنة المالية 2017-2018 إلى 10% من الناتج المحلي الإجمالي؛ أي ما يزيد على توقعات الحكومة بوصول عجز الموازنة إلى 9.2%، ولكنه أقلّ من عجز الموازنة البالغ 12.1% من الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي 2015-2016.
وتوقعت أيضًا أن يصل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 5% في العام المالي 2018-2019.
ترقّب وحذر
وكشفت نتائج الاستبيان الذي أصدره المركز المصري للدراسات الاقتصادية، المعروف باسم «باروميتر الأعمال»، عن «ترقّب وحذر» من الشركات المصرية حيال التعافي الاقتصادي.
وقال الباروميتر الذي يغطي عينة تتكون من 120 شركة تقيّم أداء الاقتصاد المصري: «إن مجتمع الأعمال استقبل العام المالي الجديد بتوقعات حذرة حيال تعافي الاقتصاد المصري لا تتسق مع تعافي معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي».
وفقًا لما ورد في الباروميتر، فإنه على الرغم من شروع الحكومة في إصلاحات اقتصادية؛ فآراء مجتمع الأعمال لم تشهد تحسنُا؛ بعدما تراجع مؤشر «باروميتر الأعمال» لتقييم الأداء بمقدار نقطتين في الربع محل الدراسة، مدفوعًا بارتفاع أسعار المدخلات.
تقييم سلبي
وأظهرت نتائج مؤشر «بارومتر الأعمال» تراجع الآراء الإيجابية للشركات الكبرى والصغرى والمتوسطة على حد سواء في مدتي التقييم (أبريل-يونيو) والتوقعات (يوليو-سبتمبر) مقارنة بالمدة السابقة.
وتراجعت المبيعات المحلية بالمقدار نفسه، وانعكس ذلك على مؤشر استغلال الطاقة الإنتاجية؛ فتراجع بفارق نقطتين عن الربع السابق، وهو ما يلفت إلى استمرار الحذر من الشركات بشأن أعمالها والمناخ الاقتصادي؛ على الرغم من الجهود التي تدعي الحكومة بذلها لزيادة الاستثمار.