شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

تحليل: الشرق الأوسط لا يبشّر بالتفاؤل.. صراعات وحروب ونزاعات محتملة

خريطة الشرق الأوسط - أرشيفية

يرى المتفائلون أملًا في أنّ الشرق الأوسط قد يخرج من نفقه المظلم، من العنف والحرب الأهلية والنزاعات الطائفية والمنافسات الإقليمية المنهكة؛ فتنظيم الدولة على وشك أن يُهزم في سوريا والعراق، والمملكة العربية السعودية على وشك أن تنهي تدخلها العسكري المدمر في اليمن، وتشرع دول الخليج في إصلاحات اقتصادية واجتماعية؛ إذعانًا بانتهاء مرحلة الاقتصاد النفطي.

وبجانب ذلك، تحاول دول الخليج حلّ أزمتها المتورطة فيها حاليًا، وربما تكون هناك أيضًا جهود لإنهاء التوتر القائم بين إيران والسعودية، بينما أبدت حماس استعدادها للتفاوض مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس بشأن الحكم المشترك لقطاع غزة والتحرك لإجراء انتخابات، بحسب تحليل للمحلل الأميركي الدكتور «جيمس دورسي» في موقع «هافنجتون بوست».

لماذا لا نتفاءل مما سبق؟

يرى «جيمس»، بحسب ما ترجمت «شبكة رصد»، أنّ هذا التفاؤل يقف على رمال متحركة؛ فلا ينطوي أيّ من المؤشرات السابقة على إجراءات من شأنها معالجة الأسباب الجذرية التي أدت إلى وجود هذه الصراعات من الأساس، وما يحدث والحلول المطروحة هي مجرد تغطية على الأسباب؛ في حين أنّ بعضها أيضًا مهّد الطريق لمرحلة تالية من الصراعات.

وأضاف أنّ المحادثات بين الفصائل الفلسطينية المتصارعة فشلت، ولم يتضح بعد ما إذا كانت حماس مستعدة بالفعل لوضع جناحها المسلح تحت سيطرة السلطة في رام الله، وهو مطلب رئيس من «عباس» يرفضه الإسلاميون حتى الآن، مضيفًا: «ويبقى أيضًا أن نرى كيف سترد إسرائيل، التي تعتبر والولايات المتحدة والسعودية والإمارات حماس منظمة إرهابية».

وغير فلسطين، هناك ملامح أخرى لصراعات قادمة؛ فـ«الروهينجا في ميانمار، والأكراد، المحتمل أن يمثّلوا خطًا لصدع جديد داخل الشرق الأوسط»، بعدما عادت بوادر النزاعات على الأراضي والسلطة والموارد بين المسلمين السنة والشيعة والأكراد؛ وهي الأسباب التي غذّت في الأساس صعود تنظيم الدولة في العراق.

الوحدة العراقية مُهددة

ويقول «جيمس» إنّ المثير للسخرية في هذا استطلاع رأي مؤخرًا في العراق وجد أنّ المسلمين السنة أكثر تفاؤلًا بمستقبل العراق من الأغلبية الشيعية هناك.

فعلى الرغم من تفاؤل السنة هناك، لا توجد أي بوادر تشير إلى إعادة إعمار المدن السنية العراقية شرق سوريا المدمرة بسبب النزاع مع تنظيم الدولة، مضيفًا أنّ «إعمارها مظهر من مظاهر الوحدة العراقية»، ومع غياب علامات على إعادة الإعمار؛ فالجروح القديمة التي دفعت العراقيين إلى التمرد لأكثر من عقد من الزمان يمكن أن تثير «تنظيم الدولة» بأشكال جديدة.

وقال «هوشيار زيباري»، وزير الخارجية العراقي السابق والسياسي الكردي، إنّ «أيّ خطوة للتمرد، حتى بمجرد الكتابة على الجدران، ستعود إلى تنظيم الدولة».

ولفت «جيمس» أيضًا إلى الاستفتاء الكردي على الانفصال؛ باعتباره قضية من الممكن أن تفجّر الوضع هناك؛ فمن المؤكد أن الأكراد العراقيين سيصوتون بنعم في الاستفتاء المزمع إجراؤه في 25 سبتمبر، موضحًا أن إصرار الأكراد على الانفصال بكركوك الغنية بالنفط سيؤدي حتمًا إلى صراع.

وأوضح أن الاستفتاء والنزاع بشأن كركوك أعادا فتح مسألة الحدود الكردستانية بعد الانفصال؛ حتى لو بقيت مؤقتًا جزءًا من العراق، لكن حتما ستثار مسألة الحدود.

وغير ذلك، تثير مسألة الاستفتاء ثغرة أخرى في الوجود الهش أصلًا للعراق كدولة موحدة؛ إذ ندد الرئيس العراقي «حيدر العبادي» بالاستفتاء، ورفض دعم حاكم كركوك «نجم الدين كريم» للاستطلاع، وطالب البرلمان العراقي بسحب الثقة منه ومن كبار المسؤولين المنحدرين من أصل كردي؛ وكل هذا قد يدفع الأكراد إلى اتخاذ خطوات نحو الصراع.

كما تعهّد المسؤولون العسكريون العراقيون، وكذلك المليشيات الشيعية المدعومة من إيران، بمنع إجراء الاستفتاء في كركوك، وقال العبادي إنّ كركوك تنتمي إلى العراق، و قال «أيوب فالح»، قائد مليشيا شيعية: «لن نتخلى بأي حال من الأحوال عن كركوك؛ حتى لو أريق كثير من الدماء».

التدخلان الدولي والعسكري

وأكد «جيمس» أنه لا يمكن احتواء أيّ معركة محتملة على كركوك؛ إذ تتنافس قوتا الحكومة الكردية والعراقية عليها، وتعهد «العبادي» بالتدخل العسكري إذا اُستفتي عليها. إضافة إلى ذلك، هناك تحالف دولي ضد الأكراد من إيران وتركيا والولايات المتحدة؛ فالولايات تدعم الحكومة العراقية، المحتمل أن تفرض على الأكراد حظرًا جويًا ومائيًا إذا فعلوا واستقلوا، وتتفق «إسرائيل» مع حلفائها العرب ضدهم أيضًا.

وحذّر قائد المخابرات التركية «هاكان فيدان» وقائد قوة القدس الإيرانية «قاسم سليماني» من إجراء الاستفتاء، وهددت ايران بإغلاق حدودها مع المنطقة.

ووصف رئيس الوزراء التركي «بينالي يلدريم» الاستفتاء بأنه «مسألة تتعلق بالأمن القومي»، وقال إنه «لا ينبغي لأحد أن يشكّ في أننا سنتخذ جميع الخطوات اللازمة في هذا الشأن». ويقول كاتب المقال إنّ تركيا تخشى من أن يحفّز الاستقلال الكردستاني التطلعات الانفصالية للأكراد في تركيا، الذين يشكلون ما يصل إلى 20% من سكانها، وستأوي كردستان المستقلة المتمردين الأكراد فيها.

وهو الأمر الذي ألمح إليه «العبادي» من قبل، حينما قال إن استفتاء كردستان سيكون دعوة عامة لدول المنطقة لانتهاك الحدود العراقية، في إشارة إلى التدخل العسكري المحتمل الإيراني والتركي، مؤكدًا أنّ الأتراك غاضبون للغاية بسبب عددهم الكبير في تركيا، وشعورها بالتهديد الأمني إذا حدث الانفصال. وبطبيعة الحال، الإيرانيون على الخط نفسه، حسبما أوضح العبادي.

وقال جيمس إنّ الانفصال في العراق سيخلق مشاكل في سوريا أيضًا، التي يوجد فيها مليشيات كردية مسلحة حاربت ضد تنظيم الدولة في الرقة، ويأمل الأكراد أن تترك لهم نهاية الحرب في سوريا منطقة مستقلة ذات طابع عراقي على الحدود التركية؛ وهو طموح تعارضه تركيا، كما هو الحال في العراق، ويستغل الأكراد ضعف القوات الجوية التركية الحالي عقب التطهير الجماعي لتركيا بعد الانقلاب الفاشل، وتعتبر القوات الجوية التركية بمثابة تهديد للأكراد؛ لذا سيحاولون استغلال هذه النقطة.

التوترات المحتملة في الشرق الأوسط لن تقتصر على العراق وسوريا فقط؛ بل ستشمل السعودية أيضًا. كيف؟

أخطاء السعودية ستعود عليها

يقول «جيمس دورسي» إنّ السعودية تبحث الآن عن مخرج من حربها في اليمن، التي دفعت بالبلد الفقير إلى حافة الهاوية، وسيتعين على المملكة أن تتعامل مع بلد مكتظ بالسكان على حدودها أغضبها ما ألحقته من دمار ومعاناة إنسانية؛ ما سيستغرق سنوات لتخفف آثارها.

ومن المحتمل أن يترك الخلاف الذي استمر ثلاثة أشهر بين قطر والتحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية ندوبًا عميقة الجذور، تعرقل الاندماج بين دول الخليج الست التي تشكل مجلس التعاون الخليجي؛ وفشل جهود حلّ الأزمة لا يبشّر بأنها ستنتهي قريبًا.

وتؤدي هذه العوامل مجتمعة إلى زيادة معاناة ولي العهد السعودي «محمد بن سلمان» في الوقت الذي يستعد فيه إلى أن يكون الملك؛ فبعدما حظي بشعبية بين الشباب في البلاد بسبب التغيرات الاقتصادية والاجتماعية، اضطر بالفعل إلى التراجع عن تغييرات وعد بها. إضافة إلى ذلك، أشار المقرضون الأجانب إلى انعدام الثقة، ويبحثون الآن عن مخرج بدلًا من فرص جديدة في السعودية.

بالإضافة إلى ذلك، أعرب الأمير محمد عن قلقه إزاء المعارضة لإصلاحاته المقترحة داخل أسرة آل سعود نفسها، والعازمين على تجنب أي تغيير سياسي أو القبض الحديدة التي يحاول فرضها، ولفت «جيمس» إلى حملة الاعتقالات التي قادها الأمير ضد علماء دين بارزين ونشطاء سعوديين، بينما وضع أعضاء المعارضة في الأسرة الحاكمة قيد الإقامة الجبرية.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023