أعلنت شخصيات سياسية عن تشكيل جبهة معارضة جديدة لنظام عبدالفتاح السيسي في مصر، على غرار جبهة الإنقاذ التي تشكلت إبان حكم الرئيس محمد مرسي.
وكانت «عربي21»، قد انفردت، في 7 آب/ أغسطس الماضي، بنشر بعض تفاصيل هذه الجبهة، في مقابلة خاصة مع المرشح الرئاسي المحتمل ومساعد وزير الخارجية الأسبق السفير معصوم مرزوق، الذي كشف عن أن قوى سياسية وشخصيات عامة ستعلن من داخل مصر إطلاق جبهة وطنية واسعة لمواجهة النظام الحاكم.
ويتصدر تلك الجبهة المهندس والناشط السياسي ممدوح حمزة؛ الذي أكد في تصريحات سابقة لـ«عربي21»، أن عهد السيسي يتسم بـ«الاستبداد والغلاء والتفريط بالمياه والأرض»، مشيرا إلى أن الإعلان الرسمي عن تلك الجبهة وأعضائها سيكون في نهاية أيلول/ سبتمبر الجاري، وأن أهم النقاط التي تتضمنها وثيقة الجبهة ستشمل الحفاظ على مدنية الدولة، وفتح المجال الاقتصادي أمام كافة قطاعات الشعب، وإيقاف تدخل السلطة التنفيذية في القضاء والإفراج عن المعتقلين.
ونفى العديد من الشخصيات السياسية، في الأيام الأخيرة، الأنباء التي تحدثت عن انضمامهم لجبهة المعارضة الجديدة، ومن بين هذه الشخصيات عمرو موسى ومحمد أبو الغار والمرشح الرئاسي السابق خالد علي، فيما أعلن شريف الروبي، القيادي في حركة 6 أبريل، أن الجبهة الجديدة ستستبعد جماعة الإخوان المسلمين وحركتي 6 أبريل والاشتراكيين الثوريين، مستنكرا استبعاد الجبهة لرموز ثورة يناير والاصطفاف مع رموز نظام مبارك، كما قال.
ترحيب مريب
وكان من اللافت للنظر ترحيب وسائل الإعلام المؤيدة للنظام بهذه الجبهة ونقل أخبارها وإجراء حوارات مع قياداتها، وهو أمر غير معتاد منذ انقلاب تموز/ يوليو 2013، حيث كان الإعلام المصري يهاجم بشراسة أي شخص أو جهة تمثل منافسة محتملة أو تهديد للسيسي.
وفي هذا السياق، سمحت صحف وقنوات فضائية لقيادات المعارضة بمهاجمة النظام والدعوة للجبهة الجديدة، حيث أدلى المهندس ممدوح حمزة الناشط السياسي بتصريحات لوسائل إعلام عديدة أكد فيها أن قرار تشكيل جبهة وطنية للمعارضة جاء بسبب سياسات الدولة الخاطئة.
وأضاف أن الجبهة لم يتم تشكيلها من أجل انتخابات الرئاسة المقبلة فقط، بل من أجل توفير البديل الديمقراطي القادر على تغيير الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية في البلاد.
كما أفرد الإعلامي الموالي للنظام في مصر، عمرو أديب، وقتا كبيرا من حلقة مساء الاثنين من برنامجه على قناة «أون إي» لاستعراض أهداف هذه الجبهة، ونقل جزءا من تصريحات المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي لقناة «بي بي سي»، مرحبا بأي معارضة وطنية للسيسي، شريطة «عدم الدعوة لهدم النظام»، على حد قوله.
كما رحب الإعلامي المقرب من الأجهزة الأمنية، أحمد موسى، بأي مرشح أمام السيسي في الانتخابات المقبلة، معتبرا أن السيسي لا يخشى أي منافسة ويمكنه الفوز بالانتخابات بسهولة، وفق قوله.
اتفاق صعب
من جهته، قال الباحث السياسي عمرو هاشم ربيع؛ إن كثيرا من المصريين يتمنون أن يتم التوافق على مرشح رئاسي ينافس السيسي في الانتخابات المقبلة، مؤكدا أن البلاد لم تعد تحتمل مزيدا من الاضطراب السياسي والاقتصادي.
وأضاف ربيع، في حديث لـ«عربي21»، أن وجود بديل قوي يطرح رؤية فيها عدالة اجتماعية وتحقيق لأهداف ثورة كانون الثاني/ يناير، هو أمر ضروري حتى يحظى الائتلاف الجديد بتأييد شعبي، متوقعا أن يرفض النظام تكوين أي جهة معارضة ضده، خصوصا وأن وثيقة ممدوح حمزة المعلنة تتناول ضمن بنودها المصالحة مع جماعة الإخوان المسلمين، فيما تضم الجبهة عددا من الشخصيات العامة التي يعتبرها أنصار النظام من أعدائه، مثل المستشار يحيى الدكروري والمستشار هشام جنينة وغيرهم.
وتابع: «أعتقد أن الاتفاق حول مرشح واحد في هذه الجبهة سيكون صعبا للغاية؛ لأن اسم الفريق أحمد شفيق مطروح فيها من عدد كبير من أعضاء الجبهة الذين يرون أنه المرشح القوي القادر على منافسة السيسي، وعلى الجانب الآخر هناك عدد كبير من السياسيين والنشطاء الذين يرفضون ترشحه باعتباره من فلول نظام مبارك».
بديل قادر على المنافسة
من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية أحمد رشيد؛ إن وجود وثيقة وائتلاف معارض يدعم مرشحا رئاسيا هي «فكرة جيدة، ومن الطبيعي أن تفكر قوى المعارضة في هذه الطريقة كمحاولة لتحريك المياه الراكدة في الحياة السياسية وإنهاء تسلط شخص واحد على الدولة وتمتعه بسلطات مطلقة»، بحسب تعبيره.
وتوقع رشيد، في حديث لـ«عربي21»، أن يقابل النظام هذه الجبهة بهجوم وتشويه شديد؛ مثلما فعل منذ فترة مع خالد علي وعصام حجي حينما أعلنا نيتهما الترشح للرئاسة.
ورأى أنه «لو تم تشكيل هذه الجبهة واتفقت القوى الوطنية على مرشح واحد يترشح ضد السيسي، ووقفت وراءه قوى المعارضة لآخر المطاف، فمن الممكن أن ينجح هذا المرشح في الانتخابات؛ شريطة أن يكون مدعوما من أجهزة الدولة”، موضحا أن “السيسي نفسه لم يكن بوسعه أن يفعل ما يفعله الآن إذا لم يكن مدعوما من أجهزة بعينها داخل الدولة تتحكم في الأمور على الأرض»، كما قال.
المصدر: عربي21