تسبّبت السعودية في نفور دول عربية، من بينها قطر واليمن والعراق وسوريا، باعتبار أن أيديولوجيتها المرتبطة بتنظيمي الدولة والقاعدة وجماعة بوكو حرام تهديدًا لوجودهم وبقائهم؛ وهو ما دفعهم إلى التوجه لإيران، التي تعتبر دولة أكثر ثقة منها، بحسب شبكة «آر تي» الروسية.
وأضافت الشبكة، بحسب ما ترجمت «شبكة رصد»، أنّ النظام السعودي تحوّل إلى الشرود والعشوائية في البداية بقطعه علاقته مع جارته الصغرى قطر، وكانت العلاقات على وشك أن تعود ثانية فاتهمت السعودية وسائل الإعلام القطرية بتشويه الحقائق، وأبدى الرئيس الأميركي دونالد ترامب استعداده للتوسط في حل الأزمة، وحثّ دول الخليج من قبل على مقاطعتها في مؤتمر القمة الإسلامية في الرياض.
بدعم أميركي
وقال الباحث الإيراني «سيد محمد ماراندي» إنه يعتقد أنّ المشكلة الأهم هي عائلة آل سعود نفسها، ومحمد بن سلمان على وجه الخصوص؛ فهو صغير جدًا وولِد مليارديرًا، وتسبب في خلق فوضى في علاقة السعودية بقطر، وأيضًا غزا اليمن، ويقتل منذ ثلاث سنوات شعبه وتقصف قواته الجوية المستشفيات والجنازات وحفلات الزفاف والمدارس والمدنيين الأبرياء بدعم غربي، وبدعم الولايات المتحدة في ظل ولايتي أوباما وترامب.
وأضاف المحلل السياسي أنّ الحرب فقدت فاعيلتها وأصبحت دون جدوى، وساعد ابن سلمان بأفعاله على نشر التطرف الوهابي ووالده، الذي نشره من قبله في سوريا والعراق وعبر العالم، مضيفًا: «الوهابية هي ما يُصدّره السعوديون».
والأصعب من ذلك أنّ النظام السعودي أصبح متقاعسًا وغير قابل للتنبؤ به، وتحوّل ضد واحد من الأنظمة القليلة التي لها أيديولوجية متطابقة معها؛ فقطر والمملكة العربية السعودية هما الدولتان اللتان تعلنان صراحة أنهما وهابيتان، والأمر ليس مجرد مسألة طائفية، كما أنّ مهمة الولايات المتحدة لن تكون سهلة في إعادة التوفيق والجمع بين البلدين، مضيفًا: «حتى لو فعلوا ذلك، لا أعتقد أن القطريين سيثقون بالسعوديين في المستقبل. ولا يعتبر ترامب نفسه شريكًا موثوقًا به، كما اكتشف الحزب الجمهوري نفسه».
وأوضح أنه من الصعب فهم النزاع الحالي بين قطر والسعودية والإمارات؛ لأنه يبدو مصطنعًا تمامًا، فلا يوجد واقع حقيقي وراءه. وفيما يتعلق بعرض الرئيس ترامب بالتوسط، قال إنه يؤيد الوساطة الكويتية، وإنه مستعد للتوسط بنفسه إذا كان ذلك مفيدًا، لافتًا إلى أنّ ما قاله ترامب أيضًا والسفير البريطاني السابق لدى ليبيا بأنها أشياء لا يُعوَّل عليها.
فرصة للتقرّب
وقال الباحث إنّ العلاقات بين إيران وقطر لم تُقطع من قبل بالرغم من الضغوط السعودية، والواقع أن السعوديين فشلوا في تعطيل العلاقة بين إيران ودول أخرى، مثل عمان، كما إنهم يضغطون ضغطًا هائلًا على الكويت لتنأى بنفسها هي الأخرى عن إيران.
وأضاف: «لكن، في حالة قطر، أعتقد أنها تتراجع. وذهبت السعودية بعيدًا من أجل أن تقطع قطر علاقتها مع إيران؛ عن طريق محاولة إذلال البلاد وسلب سيادتها، ومحاصرتها بمساعدة دول الإمارات والبحرين برًا وبحرًا وجوًا، ومنع الطعام عنها».
الأمر الذي أعطى قطر فرصة للتقرب من إيران، حيث كانت الطريق الوحيد أمامها؛ بينما شعر الإيرانيون بأنّ عليهم التزامًا بدعم القطريين، لافتًا إلى أنّ الأمر ذاته حدث مع اليمن؛ بعدما تسبّب الغزو السعودي في تقاربها مع إيران أكثر وفي سوريا وكذلك والعراق.
واعتبر الباحث الإيراني «سيد محمد ماراندي» أنّ هذه الدول اقتربت من إيران لاعتقادهم أنّ الأيديولوجية السعودية المتطرفة، التي ترتبط بتنظيمي الدولة والقاعدة وجماعة بوكو حرام، تهديد لوجودهم وبقائهم؛ وهو ما استتبع انتقالهم إلى إيران، التي اعتبروها شريكًا موثوقًا فيه، مضيفًا أن الأمر أشبه بـ«إطلاق السعوديين النار على أقدامهم»، في إشارة إلى سياستها التي أدت إلى فرار الدول منها.