اكتشفت بعثة مصرية مقبرة «أمنمحات»، صانع الذهب للإله آمون، في منطقة «ذراع أبو النجا» بالبر الغربي قرب مدينة الأقصر في صعيد مصر، وتبعد كيلومترين فقط عن وادي الملوك.
تتكون المقبرة من غرفة صغيرة وفناء خارجي للدفن طوله ثمانية أمتار، يحتوي على أربع مومياوات، وتعود إلى صانع الذهب «أمنمحات»، من الأسرة الثامنة عشرة (1550 إلى 1292 قبل الميلاد)، وقت توت عنخ آمون ونفرتيتي وحتشبسوت. كما تحتوي المقبرة على هياكل عظمية وقطع أثرية جنائزية، بما في ذلك 150 تمثالًا أوشابتيًا وأربعة توابيت خشبية ومجوهرات.
وبحسب «زاهي حواس»، عالم الأثريات المصري ووزير الآثار السابق، فالمقبرة تعود إلى أحد النبلاء؛ بسبب ما عثر عليه فيها.
واحتوت المقبرة على 50 ختمًا جنائزيًا؛ من بينها 40 تدل على وجود مقابر لأربعة أفراد لم تُكتشف بعد. وقال «مصطفى وزيري»، قائد أعمال الحفر، إنّ «هذه علامة جيدة؛ وهذا يعني أننا إذا واصلنا الحفر سنجد أربع مقابر أخرى»، ووصف وزير الآثار المصري الحالي خالد العناني ذلك بـ«الاكتشاف العلمي المهم».
وقال التقرير إنّ المقبرة المكتشفة تعود إلى عصر الأسرة الثامنة عشرة، أو الدولة الحديثة ما بين الأعوام 1070 و1570 قبل الميلاد، واُكتُشفت قاعدة مبنية بالطوب اللبن عليها تمثال مزدوج لصاحب المقبرة وزوجته، وبينهما بقايا تمثال صغير لابنهما المدعو «نب نفر»، وتعود إلى ما بين 2050 و1800 قبل الميلاد، وقال العناني إنّ هذا يعني أنّ هناك مومياوات ستُحلّل ويُبحث فيها، كما سيُبحث في التوابيت والمصنوعات اليدوية وقصائد الشعر التي وجدت معها.
عام الاكتشافات
بدأت أعمال الحفر في المنطقة منذ أربعة أشهر، وتوقع «العناني» اكتشاف مزيد فيها، وأضاف: «نأمل أن نصدر إعلانًا جديدًا الشهر المقبل».
وقالت «الجارديان» إنّ سلسلة من الاكتشافات بدأت في عام 2017، ووصفه العناني بأنه عام «الاكتشافات الأثرية»؛ ففي مارس كُشف عن تمثال من «الكوارتزيت» طوله ثمانية أمتار يعود إلى الملك «بسامتيك الأول»، واعتقد الجميع في البداية أنه يعود إلى الملك الفرعوني الشهير رمسيس الثاني، وعثر عليه في المطرية (شرق القاهرة).
وقال «حواس» إنّ مصر الحديثة مبنية على مصر القديمة، مضيفًا أننا لم نجد حتى الآن سوى 30% من الآثار المصرية التي ما زالت مدفونة.
ومن بين الاكتشافات الأخرى قبر يعود تاريخه إلى العصر الروماني، كُشف عنه الشهر الماضي بالقرب من المنيا، إضافة إلى أكثر من ألف تمثال جنائزي خشبي عُثر عليها في قبر يبلغ عمره 3500 سنة بالقرب من الأقصر. وفي أبريل، اُكتشف هرم جديد يُعتقد أنه لملك فرعوني في منطقة دهشور.
وتأتي الاكتشافات الأخيرة بعد فترة ركود منذ احتجاجات الربيع العربي في عام 2011 وما تلاه من انخفاض في مستوى السياحة؛ بسبب الأعمال الإرهابية والاضطراب السياسي. ففي العام الماضي، زار مصر 4.8 ملايين شخص فقط، أي أقلّ من ثلث العدد في عام 2010، كما ساهم تفجير الطائرة الروسية في أكتوبر 2015 ومقتل 224 راكبًا على متنها في تدهور الوضع أكثر.
وكانت المواقع السياحية والثقافية على طول وادي النيل الأكثر تضررًا؛ إذ قالت وزارة الآثار في عام 2014 إنّ الإيرادات من سياحة الآثار القديمة انخفضت بنسبة 95%.
بينما بذلت الحكومة المصرية جهدًا كبيرًا لإعادة السياحة إلى مجراها الطبيعي، وإلى مستويات ما قبل عام 2011، وفي سبيل ذلك استأجرت العام الماضي شركة علاقات عامة مقرها نيويورك لتنظيم حملة إعلانية بقيمة ملايين الدولارات لتعزيز السياحة. وحتى الآن، لم تسفر هذه الجهود حتى الآن عن تحسن كبير.
وهو الأمر الذي أثّر على وزارة الآثار التي تكافح من أجل مشاريع الصيانة وهي في أشد الحاجة إليها؛ للحفاظ على هذه الآثار، وتحتاج بحسب الصحيفة إلى مبلغ 1.3 مليار جنيه مصري؛ وهو ما يعني أنها في حالة حرجة للغاية.
وتشمل المشاريع الكبرى التي تحتاج إلى أموال «المتحف المصري الكبير، الذي لا يزال قيد الإنشاء في هضبة الجيزة»، وهو المتحف الذي أطلق عليه حواس «أهم مشروع ثقافي في القرن الحادي والعشرين»، وتقدر تكلفته بمليار دولار أميركي.