نشرت صحيفة «الموندو» الإسبانية تقريرا، تحدثت فيه عن قناة السويس المصرية التي تم توسيعها قبل عامين بحجة تعزيز عائدات القناة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته «عربي21»، إن عائدات قناة السويس لا تزال بعيدة كل البعد عن مطامع مشروع التوسعة الفرعوني. وفي الوقت الذي تتباهى فيه الحكومة بعدد السفن التي تمر عبر القناة يوميا، تعمل في المقابل على إخفاء حجم عائداتها.
وبلغت عائدات قناة السويس حوالي 447 مليون دولار خلال شهر آب/ أغسطس الماضي، علما أن هذا الرقم يعد ضئيلا مقارنة بالعائدات المسجلة في سنة 2014، حيث قدرت بما يناهز عن 510 ملايين دولار.
وبينت الصحيفة أن قناة السويس تعتبر بمثابة «هدية من مصر إلى العالم» وتتويجا سعيدا «لحلم مصري كبير». لكن، بعد مرور سنتين عن مشروع التوسعة الضخم للقناة، لا تزال التوقعات بشأن عائدات القناة يلفها الغموض.
وقد شمل مشروع التوسعة الذي تم تنفيذه في وقت قياسي، خلال 12 شهرا فقط، إنشاء تفريعة موازية للقناة على طول 35 كيلومترا، وزيادة عمق 37 كيلومترا أخرى.
لكن من المثير للاهتمام أن الأرقام الأخيرة التي سجلتها قناة السويس على مستوى العائدات؛ بعيدة كل البعد عن التوقعات التي رسمها النظام المصري. ففي الشهر الماضي، قدرت إيرادات القناة بحوالي 447 مليون دولار، مقارنة بما يقارب عن 462.1 مليون دولار سُجلت في شهر آب/ أغسطس 2015، وما يناهز عن 510 ملايين دولار في الشهر ذاته سنة 2014.
والهدف من هذا المشروع يتمثل في الحد من المدة التي تقضيها السفن في الانتظار، للعبور؛ من 18 إلى 11 ساعة. وبالتالي، تعزيز طاقة استيعاب القناة التي يمر من خلالها حوالي 7 في المئة من التجارة العالمية.
ونقلت الصحيفة عن المتحدثة باسم القناة مروة ماهر أنه «قد تأثرت الإيرادات نتيجة ضعف التجارة الدولية وانخفاض أسعار النفط». وأردفت: «هناك الكثير من شركات النقل البحري التي اختارت أن تلتف حول القارة الأفريقية، وهو مسلك أطول بكثير مقارنة بالمسالك البحرية الأخرى. في هذه المرحلة، نحن بصدد الاعتماد على سياسة أكثر مرونة، وذلك من خلال توفير خصومات وتخفيضات لصالح الشركات التي تستخدم القناة».
وأبرزت الصحيفة أن توسيع القناة يهدف إلى مضاعفة الإيرادات، وذلك في أقل من عقد من الزمن، حيث يرجى أن ترتفع العائدات من 5.3 مليارات دولار خلال سنة 2014، إلى 13.2 مليار دولار في سنة 2023.
وفي هذا الصدد، أشار عمرو عدلي، الخبير الاقتصادي المصري والباحث في مركز كارنيغي للدراسات، إلى أنه «في السنتين الماضيتين، لم ترتق الإيرادات إلى المستوى المطلوب من حيث القيمة المطلقة أو التقريبية. ومن جانبها، لم تبادر الحكومة على الإطلاق بتقديم توضيح بشأن كيفية تحقيق زيادة في الإيرادات بنسبة 250 في المئة خلال تسع سنوات». وأضاف: «العائدات الحالية تشهد حالة من الركود بسبب تباطؤ نسق التجارة العالمية. لكن، وفي حال تحسنت الأمور خلال السنوات القادمة، فمن المرجح أن نسبة العائدات سترتفع».
وأشارت الصحيفة إلى أنه، وفي محاولة لإخفاء الفشل الذريع، قامت هيئة قناة السويس التي يديرها الجنرال مهاب مميش، من خلال موقع القناة، بالإعلان عن العدد الشهري للسفن ووزن الشحنات التي تمر عبر تفريعة قناة السويس الجديدة.
وأفادت الصحيفة أن هذه التوسعة لم تلق ترحيبا من قبل الكثيرين، حيث ندد المنتقدون بافتقار المشروع لدراسة جدوى قبل إنشاء هذه التفريعة، في حين طالبوا بفرض رقابة على عملية الاستثمار. فقد وضعت الدولة يدها على حوالي 8.5 مليارات دولار من خلال سندات ذات فائدة سنوية تبلغ 12 في المئة، لمدة خمس سنوات. من جانبهم، حذر العلماء من العواقب البيئية الخطيرة التي يمكن أن تحدث، على خلفية انتقال كائنات حية من البحر الأحمر إلى البحر الأبيض المتوسط.
وأكدت الصحيفة أنه في ظل عدم تحقيق الإيرادات المتوقعة، لم تجد السلطات ملاذا سوى تطوير مشروع آخر؛ يقتضي تطوير المجال الاقتصادي المحيط بالقناة. وتعد هذه الخطة طموحة، حيث ترمي السلطات إلى بناء منطقة صناعية ولوجستية على طول ضفة القناة التي ساهمت في العقد الماضي في توفير حوالي 2.5 في المئة من النقد الأجنبي لصالح خزينة الدولة. وفي هذا الصدد، قال الخبير الاقتصادي عمرو عدلي إن «هذا المشروع يفتقر لوضوح الرؤية، ولا زال الغموض يشوب الطريقة التي ستستقطب من خلالها القناة الاستثمار الأجنبي».