أثار استقبال ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للإعلامي المصري المقرب من الأجهزة الأمنية أحمد موسى، الأحد، باعتباره أحد «كبار الشخصيات» التي تؤدي مناسك الحج، غضب واستنكار الكثيرين الذين استفزهم ما وصفوه بـ«النفاق والفساد» الذي صبغ حج والإعلاميين والسياسيين المصريين المؤيدين للانقلاب هذا العام.
الحج مقابل بيع الأرض
وسافر المئات من نواب البرلمان والوزراء والمسؤولين والإعلاميين إلى الحج هذا العام، بتأشيرات سعودية مجانية، جاءت كمكافأة لهم على تمرير اتفاقية تيران وصنافير، بحسب مراقبين أكدوا أن النظام السعودي يستغل الحج لمكافأة الحكومات والأفراد المؤيدين له، فيما يضيّق على من يخالفه.
وفي هذا السياق، كشف تقارير صحفية أن السفارة السعودية في القاهرة أصدرت نحو ألف تأشيرة حج مجانية لسياسيين مصريين وإعلاميين مع أقاربهم، «تقديرا» لدورهم في تمرير اتفاقية تيران وصنافير، كما منحت مجلس النواب نحو 1500 تأشيرة حج تم توزيعها على أعضاء البرلمان.
ورفعت السعودية عدد تأشيرات الحج الممنوحة لمصر هذا العام، إلى 78 ألفا تأشيرة بدلا من 62 ألفا العام الماضي.
الحجاج يؤيدون السيسي ويهاجمون تميم!
وكان للإعلامي أحمد موسى نصيب الأسد من الانتقادات والتعليقات الساخرة بسبب تصريحاته ومواقفه، حتى أن حديثه الموالي للسيسي أثناء قيامه بتغطية مناسك الحج استفز كثيرا من مؤيدي النظام أنفسهم.
واستغل موسى تواجده في المشاعر المقدسة لمهاجمة قطر وممالأة النظام السعودي وقائد الانقلاب في مصر، عبد الفتاح السيسي، حيث كتب عبر تويتر يقول: «أؤكد لكم أن جميع حجاج بيت الله الحرام يؤيدون ترشح الرئيس عبد الفتاح السيسي لفترة رئاسية ثانية».
وفي تغريدة أخرى قال: «الحجاج القطريون يوجهون رسالة إلى تميم من الحرم ويقولون ارحل يا تميم”. وكتب أيضا: «السعودية استقبلت 1000 قطري لأداء مناسك الحج ووفرت لهم كافة الخدمات بعد أن منع أمير قطر الحجاج القطريين من أداء الفريضة لرغبته في تسييس الحج».
ورد مدير المكتب الإعلامي لوزارة الخارجية القطرية أحمد الرميحي، على موسى بقوله: «حجاج قطر محرومون من أداء فريضتهم وهذا النكرة مسموح له بالتواجد في أطهر بقاع الأرض ليرسل شتائمه لقطر».
وقال رئيس نادي الزمالك مرتضى منصور: «مين هيرجم التاني الشيطان ولا أحمد موسى؟»، فيما علق رجل الأعمال أشرف السعد ساخرا: «حبيب قلبي أحمد موسى بيطبل للسيسي من أمام مسجد الرسول».
«حج غير مبرور»
وتعليقا على حج النواب بتأشيرات مجانية من النظام السعودي، كتب أستاذ القانون الدستوري نور فرحات عبر فيس بوك: «النواب يحجون على حساب السعودية.. لا حجا مبرورا ولا ذنبا مغفورا إن شاء الله».
وعلقت الصحفية المؤيدة للانقلاب غادة شريف على سفر نواب البرلمان وأسرهم للحج على نفقة السعودية؛ بقولها: «هى الناس دي ما تعرفش إن الحجة تظل معلقة بين الأرض والسماء حتى يعيد الحاج الحق لصاحبه وينصف من ظلمه؟ أنا مستغربة جدا، هم فاكرين إن ربنا بيتضحك عليه؟!».
أما الإعلامي المؤيد للانقلاب، محمد الغيطي، فوجه انتقادات حادة للوزراء الذين سافروا لأداء فريضة الحج رغم اتهامهم في قضايا فساد، معتبرا، خلال برنامجه على قناة «إل تي سي» الأسبوع الماضي، أن «المسؤولين الفاسدين يسافرون كثيرا للحج ليغسلوا أنفسهم أولا بأول وكأنهم سيخدعون الله».
«غسل للسمعة»
وحول حج المسؤولين والنواب والإعلاميين المؤيدين للنظام، قال الباحث السياسي عمرو هاشم ربيع، إن «كل من شارك في تمرير اتفاقية تيران وصنافير أخذ مكافأته من السعودية»، مضيفا أن «الإعلاميين النواب والوزراء الذين طبلوا للنظام حصلوا على تأشيرات حج مجانية من السفير السعودي بسبب دورهم في هذه الصفقة المشبوهة»، على حد وصفه.
وأضاف ربيع، في حديث لـ«عربي21»: «الله وحده هو الذي يعلم نوايا الإنسان وهل هو صادق في حجه أم لا، لكن ليس من المنطقي أن يكذب أحد الإعلاميين ليل نهار على الناس أو يتسبب أحد المسؤولين في فقر الشعب طوال العام ثم يذهبون للحج ليكفروا عن ذنوبهم، وعندما يرجعون يستأنفون النفاق والفساد من جديد»، كما قال.
من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية عبد الخبير عطية إن «هناك مجاملات وفساد واضح في تأشيرات الحج هذا العام»، مؤكدا أن «مسؤولين وإعلاميين ذهبوا للحج كمكافأة من النظام على تأييدهم له، بالإضافة إلى رغبة بعضهم في غسل سمعتهم من الفضائح التي لحقت بهم أو الأزمات التي تسببوا فيها»، وفق تعبيره.
وأوضح عطية، لـ«عربي21»، أن «البيئة السياسية والاجتماعية في مصر أصبحت فاسدة أكثر من عهد مبارك بكثير»، مشيرا إلى أن «فكرة الرشوة والمحسوبية أصبحت منتشرة بكثافة، وأصبح كل مسؤول يحاول أن يأخذ أكبر قدر من الغنائم والمنح التي يعرضها النظام على مؤيديه».
وأكد أن «الناس أصبحت تعرف جيدا من هو الفاسد والمنافق، ومن هو الصادق الذي يبحث عن الصالح العام»، وفق قوله.