قال يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» في قطاع غزة، إنّ حركته تمتلك أوراق قوة في ملف الأسرى؛ «ما يجعلها تقف على أرض صلبة، بحيث تقدم لأبناء شعبها صفقة مشرفة».
وفي لقاء جمعه مع صحفيين في مكتبه بمدينة غزة اليوم الاثنين، قال إنّ الحركة تسعى جاهدة إلى منع حدوث حرب جديدة على قطاع غزة، وأضاف: «لا نريد الحرب، وشعبنا يريد التقاط انفاسه، ولأننا نعمل على مراكمة القوة بشكل يومي بهدف التحرير وليس بهدف حماية غزة فقط».
وفي الوقت نفسه، شدد على أن الحركة لا تخشى الحرب؛ بقوله إنّ «طائرات الاحتلال تحوم فوق منزلي على مدار الساعة، وهذا لا يخيفني».
أوضاع غزة المعيشية
وبشأن الأوضاع المعيشية للقطاع، أكّد تدارك حركة حماس لخطورة الأوضاع المعيشية الصعبة داخل القطاع وارتفاع مستوى الفقر والعوز، لافتًا إلى أنّ هدف الحصار هو «كي وعي الشعب الفلسطيني بهدف إجباره على التنازل عن مشروع المقاومة والمشروع الوطني».
وتابع: «نعمل على تحسين الأداء الحكومي وحل المشاكل كافة، كنقص الكهرباء وإغلاق معبر رفح؛ ولذلك طرقنا كل الأبواب عدا باب الاحتلال».
واستطرد السنوار أنّ حركة حماس وضعت هدفًا استراتيجيًا يتمثل في تمكين سكان قطاع غزة من «العيش الكريم» دون التخلي عن المشروع الوطني والمقاومة الفلسطينية.
وأضاف: «لن نتخلى عن سلاحنا ومقاومتنا ومشروعنا الوطني، وسنطرق كل الأبواب باستثناء باب الاحتلال لحل مشاكل قطاع غزة، ولن نقايض احتياجات المواطنين بثوابت شعبنا»، مضيفًا: «لسنا معنيين باستمرار حكم حركة حماس؛ فهو أتفه من موت طفل واحد في المشفى».
المشروع الوطني
وأكّد السنوار أنّ حركته راكمت قوة عسكرية وصفها بـ«المحترمة» في القطاع، وقال إنها ستواصل الإعداد بهدف خدمة المشروع الوطني الفلسطيني، وأضاف: «حماس ليست هدفًا أو غاية، وهي أصغر بكثير من أن كذلك، ما يهمنا هو المشروع الوطني».
وقدّم السنوار رؤيتين للخروج من «المأزق الذي يحيق بالمشروع الوطني»: الأولى تتمثل في إعادة تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني، عبر الانتخاب أو أي طريقة أخرى؛ ومن ثم تطوير منظمة التحرير الفلسطيني كي تصبح إطارًا جامعًا تمثل «الكل الفلسطيني».
أما الاقتراح الآخر فيتمثل في تشكيل حكومة وحدة وطنية تمثل الفصائل الفلسطينية الرئيسة، وتتحمل المسؤوليات والصلاحيات كافة في الضفة والقطاع.
ويسود الانقسام السياسي أراضي السلطة الفلسطينية منذ منتصف يونيو 2007؛ إثر سيطرة حماس على قطاع غزة، بينما بقيت حركة (فتح) تدير الضفة الغربية، ولم تفلح وساطات إقليمية ودولية في إنهاء هذا الانقسام.
وقال السنوار إنّ «الأمر المهم الذي يجب أن نركز عليه هو الحفاظ على المشروع الوطني الفلسطيني؛ لأنه في خطر كبير، وفي استمرار هذا الوضع، فقد تضيع القضية الفلسطينية برمتها»، مضيفًا: «مستعدون للمصالحة وسنكون مرنين للغاية ولأبعد الحدود».
وطالب رئيس حماس من كل الشعب الفلسطيني العمل على تحديد رؤية للنهوض بالمشروع الوطني الفلسطيني.
اللجنة الإدارية
وبشأن اللجنة الإدارية التي شكلتها الحركة في قطاع غزة، أكّد استعداد حركته لحلها؛ بشرط «إنهاء المبررات التي أدت لتشكيلها»، قائلًا إنها جاءت «لمنع الفراغ الذي أحدث غياب حكومة الحمد الله».
وفي مارس الماضي، شكّلت «حماس» لجنة لإدارة الشؤون الحكومية في قطاع غزة؛ وهو ما قوبل باستنكار الحكومة الفلسطينية، وبررت الحركة خطوتها بتخلي الحكومة عن القيام بمسؤولياتها في القطاع.
واتهم السنوار الرئيس الفلسطيني محمود عباس باستخدام اللجنة الإدارية ذريعة لتشديد الحصار على قطاع غزة، وقال إنّ «اللجنة الإدارية ليست المشكلة، عباس يستخدمها كقميص عثمان، ولو كانت هي المشكلة فسوف نحلها فورًا، المشكلة أكبر من ذلك بكثير»، وأضاف أنّ «المشكلة تتمثل في سعيهم إلى سحبنا من مربع المقاومة والتخلي عن سلاحنا».
وأكمل: «حل اللجنة الآن بمثابة انتحار؛ لأنه سيزيد المشاكل ويحدث فراغًا في القطاع».
التواصل مع دحلان
وفي السياق ذاته، كشف السنوار عن أهداف التفاهمات التي أجرتها الحركة مع القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان ترمي إلى حل مشاكل القطاع.
وقال: «لا يوجد أي انقطاع في الاتصالات مع تيار دحلان، ونحن مستعدون للعمل مع أي جهة مستعدة لخدمة أهلنا في غزة، عدا الاحتلال».
وردًا على سؤال عن صحة إصدار حماس قرارًا بمنع لقاء أيّ من قادتها بمحمد دحلان شخصيًا، قال السنوار إنّ «أي لقاء من هذا القبيل يحتاج بالطبع لقرار من المكتب السياسي للحركة».
صفقة تبادل أسرى
وبخصوص إجراء مفاوضات صفقة تبادل أسرى مع الكيان الصهيوني، قال السنوار إنّ حركته ما تزال متمسكة بشرطها المتمثل في إفراج الإحتلال الإسرائيلي عن 54 معتقلًا أعاد الكيان المحتل احتجازهم بعد تحريرهم في صفقة «شاليط» عام 2011.
وكشف السنوار عن وساطات دول عربية ودولية، ولكنها قوبلت بالرفض من الحركة.
وبشأن استقالة منسق شؤون الأسرى والمفقودين الإسرائيليين «ليؤر لوتان» مؤخرًا، قال السنوار: «نعتقد أنه استقال لأنه يحمل مسمى دون صلاحيات، وهذا يدل على أن الحكومة الإسرائيلية جبانة».
العلاقات مع مصر وسوريا وإيران
وفي إطار تطور العلاقات بين حماس ومصر قال إن زيارته للقاهرة مؤخرًا ساهمت في تفكيك الأزمات السابقة وأحدثت اختراقًا كبيرًا في طبيعة العلاقة بين الجانبين، مؤكدًا أن المصريين وعدوا بفتح المعبر؛ لكن بعد الفحص عادوا وقال «إن هذا الأمر صعب، فلهم احتياجات أمنية».
وأضاف: «لدينا قنوات اتصال يومية معهم، وهم وعدوا بأن الأمور تسير نحو الانفراجة ووعدوا بفتح المعبر للأفراد والبضائع بعد ترميم المعبر؛ لكن وفق الأوضاع الأمنية في سيناء».
ووصف السنوار علاقات حركة «حماس» مع إيران بالجيدة، وقال إنها «أكثر من دعم الجناح العسكري (كتائب القسام) بالمال والسلاح، وقد توترت العلاقات سابقًا بسبب الأزمة السورية، وهي تعود لسابق عهدها، وسينعكس هذا على المقاومة وتطوير برامجها».
وأكد السنوار أن حركته لا تمانع من إعادة علاقاتها مع سوريا، وقال: «لا جديد في هذا الأمر حاليًا، لكن لا مشكلة لدينا في إعادة العلاقات مع الجميع، لكن المهم هو التوقيت حتى لا ندخل في لعبة المحاور»، وأضاف أنّ «هناك آفاق انفراجة في الأزمة السورية، وهذا سيفتح الآفاق لترميم العلاقات وعودتها».