بعد فشل مطالب السودان في حلّ قضية حلايب وشلاتين ومحاولة امتلاك المنطقتين على غرار ما حدث في جزيرتي تيران وصنافير، لجأ إلى التحكيم الدولي ضد مصر، الذي رآه خبراء قانون دولي لن يفيده بشي؛ لأن الخرائط الدولية تعتبر هذه المنطقة ضمن الحدود المصرية.
وفي 17 أبريل الماضي، دعا بيان صادر عن الخارجية السودانية مصر إلى الجلوس «للتفاوض المباشر لحل هذه القضية أسوة بما تم مع السعودية»، أو اللجوء إلى التحكيم؛ امتثالًا للقوانين والمواثيق الدولية كما حدث في إعادة طابا للسيادة المصرية.
وأضاف البيان أنّ الخارجية السودانية تابعت الحوار المصري السعودي قبل الاتفاق وأثناءه وبعده، وأن الاتفاق المبرم يعني السودان لصلته بمنطقتي حلايب وشلاتين وما يجاورهما من شواطئ.
رفض مصري
ولم يتأخر الرد المصري؛ إذ قال المتحدث باسم الخارجية المصرية بعد ساعات إن «حلايب وشلاتين أراض مصرية وتخضع للسيادة المصرية، وليس لدى مصر تعليق إضافي على بيان الخارجية السودانية».
وتقول الخرطوم إن مثلث حلايب وشلاتين تراب سوداني، والسودان أودع لدى مجلس الأمن الدولي منذ عام 1958 مذكرة يؤكد فيها حقه السيادي، وظل يجددها منذ تاريخه.
وينادي السودان بما يسميها «حقوقه السيادية» على حلايب وشلاتين منذ استقلاله عن الحكم الثنائي البريطاني المصري عام 1956.
وجاءت المطالبة السودانية بعد أيام من إعلان حكومة شريف إسماعيل في 8 أبريل الماضي توقيع اتفاقية لترسيم الحدود البحرية مع السعودية، أقرّت فيها بأحقية المملكة بجزيرتي تيران وصنافير؛ وهو الاتفاق الذي أنشب جدلًا واسعًا بين المصريين ونظام السيسي.
ودعت الخرطوم القاهرة إلى القبول بالتحكيم الدولي لفض الاحتلال على المثلث الحدودي، معتبرة أن الوجود المصري احتلال بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. وفي المقابل، تمسكت القاهرة بمزاعم مصرية المثلث وبالحوار حلًا وحيدًا لهذه الأزمة.
وجددت الحكومة السودانية اتهامها للقاهرة باحتلال منطقة مثلث حلايب وشلاتين، وقال وزير الخارجية إبراهيم غندور إن مصر تعمل على تمصير حلايب بالكامل؛ لكن بحقائق التاريخ والجغرافيا ستظل سودانية بنسبة 100%، وقال إنّ السودان سيظل يطالب بحلايب لإرجاعها إلى حضن الوطن، متهمًا إعلاميين وسياسيين مصريين بممارسة «سياسة التغبيش» على قضية حلايب.
خسارة سودانية
من جانبه، قال الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولي، في تصريح خاص لـ«رصد، إنّ «السودان لا يمتلك وثائق دولية لإثبات امتلاكه مترًا واحدًا من مصر؛ بل بالعكس مصر هي التي تمتلك وثيقة ملكية مسجلة في مصر وإنجلترا باتباع السودان للأراضي المسلحة».
وأضاف أنّ «قضايا التحكيم الدولي لا تفصل في التنازع على الأراضي، خاصة وأن هناك جزرًا وأراضي محتلة لم تتمكن الأمم المتحدة من إعادتها إلى أصحابها الأصليين؛ وبالتالي السودان خاسر؛ لأنه ليس صاحب حق».
تلميحات حكومية
وأثار ممثل الحكومة المصرية حالة من الجدل أثناء جلسة مناقشة البرلمان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، عندما شرح الفروق بين أعمال السيادة وحق الإدارة ووضع اليد على الجزر والأراضي.
وقال إنّ مصر وضعت يدها على جزيرتي تيران وصنافير، وذلك لا يمنحها حق تملك الجزيرتين؛ ولو أنه بالمنطق نفسه فالسودان وضع يده على حلايب وشلاتين وستصبحان من حقه.
وتسبب هذا الحديث في إثارة أعضاء ائتلاف 25-30، الذين حذّروا من خطورته، وقالوا إنّ كلامه يدوّن في مضابط البرلمان وقد يستخدمه السودان في محافل ضد مصر في المستقبل، مطالبين بضرورة حذفه من المضبطة بشكل عاجل، وسط تعالي أصوات متهكمة: «ابقى إديلهم حلايب وشلاتين بالمرى».
صنافير مثل شلاتين
وفي تصريح آخر، قال المستشار أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، إن معظم الشعب المصري لم يتكن لديه دراية بوجود جزيرتي «تيران وصنافير»، والدولة المصرية تولت إدارة الجزيرتين بطلب من الحكومة السعودية، والحكومة حريصة على توضيح حقيقة الجزيرتين بكل شفافية، متابعًا: «إحنا مش عاملين عاملة عشان نخبي عليها».
وقال المتحدث الرسمي إنه لم يطلع على وثيقة واحدة تثبت مصرية «تيران وصنافير»، ووضع حلايب وشلاتين لا يختلف عن وضع جزيرتي «تيران وصنافير»، قائلًا: «في وقت من الأوقات طلب وزير الداخلية المصري من السودان إدارة حلايب وشلاتين ثم استردتهما الدولة المصرية بعد ذلك».