علقت صحيفة «القدس العربي» على الخطاب الأخير لبشار الأسد بمناسبة الذكرى الرابعة لقصف قواته لمدينة الغوطة بدمشق بالسلاح الكيميائي ووصفته بـ «ديكتاتور يقف على قمة كبرى من المجازر».
وأضافت الصحيفة في مقالها الافتتاحي الصادر، أمس الإثنين، أن «بشار الأسد ألقى خطابا آخر من خطاباته قبل يوم واحد من الذكرى الرابعة لقصف قواته للغوطة وأثار خطابه الدهشة لامتلائه بأفكار غريبة لديكتاتور يقف على قمّة كبرى من المجازر والمآسي الهائلة فلا يجد غير بضاعته الكاسدة من التعالم والتفاصح والغطرسة التي لا حدود لها»
وتقول الصحيفة إن« الأسد لم يستذكر طبعاً أحداً من قتلى هجومه الوحشيّ قبل أربع سنوات الذي قتل مئات الأطفال في ليلة واحدة، ولكنّه أشار مع ذلك إلى أن البلد خسر خيرة شبابه وبنيته التحتيّة لكن، سيادة الرئيس المحترم، ربح مجتمعا أكثر صحة وتجانساً»، بحسب ما قاله الأسد.
وتابعت أن «الحقيقة التي يجب أن تقال إن صلافة الأسد المرعبة هذه ما كان لها أن تحصل لولا أنه خرج من مجزرة الغوطة تلك من دون عقاب بعد أن تراجع الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما عن (الخط الأحمر) الشهير الذي رفعه بوجه الأسد، وكانت تلك، عمليّاً، بداية مشوار طويل لتفكيك مفاعيل الثورة السورية وإيصالها إلى النهاية المحزنة التي آلت إليها».
وأضافت القدس العربي بمقالها أن «كان ذلك قراراً دوليّاً شاملاً ومحكماً بإبقاء بشّار الأسد في السلطة وتدمير إرادة السوريين بالقوة والخبث والتلاعب لتمكين «السيناريو» الذي رسمه الأسد منذ بداية الثورة: أنا أو المتطرّفون الجهاديون».
وأكدت على «أنه من الصعب، مع ذلك، أن تجادل طاغية فريداً مثل الأسد في فكرته هذه عن المجتمع المتجانس ، من دون ربطها مع فكرة الحل النهائي الذي ابتدعه النازيون للخلاص من اليهود، والذي استتبع أيضاً الخلاص من أجناس أدنى أخرى كالمسلمين والغجر، ومن كل الأحزاب السياسية المعارضة، وهكذا قاد الأسد، حرب إبادة ضد السوريين غير المتجانسين، ما أدى لمقتل قرابة نصف مليون، واعتقال وإخفاء مليون ونصف المليون، وتهجير 15 مليون سوري، ليكسب مجتمعاً صحيا متجانساً».
وتساءلت الصحيفة في مقالها أن «ماذا كان يمكن أن يفعل أكثر نظام حكم لقرابة خمسين عاماً بحزب شمولي مطلق، وعدد هائل من أجهزة المخابرات وتوابعها التي يسيطر عليها من اتحادات عمال وفلاحين وشبيبة وصيادلة وأطباء ومهندسين وكتاب، كي يتمكن من تأسيس مجتمع متجانس»؟.
فيما ختمت المقال بقولها «بعد الملايين الذين دمّرت مدنهم وهجّروا ولوحقوا واعتقلوا واختفوا وماتوا يحقّ فعلاً للرئيس السوري أن يتحدّث عن مجتمع متجانس وصحي، وهذا ربح كبير، لكن الربح الأكبر، هو أن الأسد ما زال واقفاً يخطب في الجمهور، وأن عرشه المضمخ بالدماء والمبني على الجثث محميّ بقوات صحية ومتجانسة من الجنود الروس والإيرانيين».