من مصر وحتى باكستان، مرورًا بمالي وإفريقيا الوسطى، برز دور الإمارات في التآمر على العرب والمسلمين؛ بدعمها الأنظمة الديكتاتورية، عبر الثورات المضادة أو الانقلابات العسكرية؛ فسخّرت أموالًا طائلة لإجهاض الثورات العربية في مصر وسوريا وليبيا وتونس واليمن.
ففي مصر، وفور انتهاء الانتخابات الرئاسية في 2012، تحوّلت الإمارات إلى قبلة الهاربين من نظام المخلوع حسني مبارك؛ على رأسهم الفريق أحمد شفيق، الذي يعمل حاليًا مستشارًا لرئيس دولة الإمارات خليفة بن زايد.
وبعد أحداث الثالث من يوليو، كانت الإمارات على رأس الدول الخليجية التي دعمت الجيش وباركت لإسقاط حكم الإخوان، وقدّمت مساعدات مالية قدرت بـ45 مليار دولار.
كما وصفت المناهج الدراسية في الإمارات عبدالفتاح السيسي بأنه «رجل المرحلة» ضمن الكتاب المدرسي «بصمات خالد» الذي أعده مركز الإمارات للدراسات الاستراتيجية والسياسية ويضم شخصيات بارزة في مجالات السياسة مثل جمال عبدالناصر والشيخ زايد وفي مجال العلوم مثل آينشتين و مجال التكنولوجيا مثل ستيف جوبز.
عُنون الجزء الخاص بعبدالفتاح السيسي باسم «رجل المرحلة»؛ لأنه من وجهة نظر معدّي الكتاب، المطوعة لحكومة الإمارات، أنّ السيسي استطاع استعادة مصر من التنظيم الذي يطلق على نفسه اسم الإخوان المسلمين، وأنه يلعب دورًا بارزًا في القضاء على التطرف والإرهاب في القطر العربي كافة.
إعادة ابن المخلوع إلى اليمن
وفي اليمن، وبالرغم من مشاركتها الجزئية في مواجهة مليشيا الحوثي؛ كشف تصريح أنور قرقاش، وزير الإمارات للشؤون الخارجية، لموقع بريطاني، عن خطة جديدة لإعادة نظام المخلوع علي عبدالله صالح إلى اليمن.
وقال قرقاش: «اقترحنا على أصدقائنا في السعودية والولايات المتحدة وروسيا إتاحة الفرصة لعودة السفير اليمني السابق في الإمارات أحمد علي عبدالله صالح إلى بلاده من أجل القيام بدور أكثر فاعلية في هذا الموضوع؛ لأن وجوده في الإمارات لا يفيد بأي شيء».
وبعد تصريح أنور قرقاش، أعلن شقا حزب المؤتمر الشعبي المؤيد لعبدالله صالح والمؤيد للرئيس هادي موافقتهما على ترتيبات الإمارات، وخرجت جماهير حزب المؤتمر الشعبي في الشوارع بمسيرات للهتاف باسم أحمد عبدالله صالح، حاملين لافتات مكتوبًا عليها «غيرك لن نختار»، ومن المتوقع أن تدعم دولة الإمارات تحولًا في السياسة اليمنية.
ووضع أحمد علي عبدالله صالح على قيادة حزب المؤتمر الشعبي لتحقيق أهداف؛ أهمها تمهيد الطريق أمامه كي يعتلي منصبًا سياسيًا بارزًا في اليمن، من المتوقع أن يكون رئيس الوزراء أو رئيس الجمهورية، إضافة إلى تكوين جبهة قوية تقف أمام حزب التجمع اليمني الذي يديره الإخوان المسلمون في اليمن.
الإمارات وتونس
منذ اندلاع الثورة التونسية، لعبت الإمارات دورها بدعم الثورات المضادة من ناحيةٍ أخرى، وكان أوّل موقف رسمي أخذته أبو ظبي ضد تونس بعد رفضها الإطاحة بالدكتور محمد مرسي أن أوقفت إصدار التأشيرات للمواطنين التونسيين وأوقفت مشروع شركة سما دبي الاستثماري الضخم الذي كان من المقرّر أن يبدأ في تونس عام 2013.
ولم يكن منصب المرزوقي، الرئيس التونسي، مفضلًا لدى الإمارات، وعكفت على دعم قائد الباجي التونسي مع إعلان ترشحه للرئاسة، وتداول سياسيون وناشطون تونسيون وثيقتين حديثتين قالوا إنهما مسربتان من مصلحة الجمارك التونسية تفيدان بإرسال سيارتين فاخرتين ومصفحتين لرئيس حزب تونسي معارض من دولة الإمارات.
الوثيقة الأولى كانت على شكل رسالة من السفارة الإماراتية في تونس تحيي فيها مصلحة الجمارك التونسية وتطالبها بتسهيل دخول سيارتين فاخرتين هديتين إلى الباجي قائد السبسي رئيس حزب نداء تونس.
أما الرسالة الأخرى فتظهر بيانات السيارتين، وتعود ملكيتهما -حسب الوثيقة- إلى قائد السبسي.
وأثناء الانتخابات الرئاسية الماضية حاولت الامارات بشتّى الطرق مساعدة الباجي قائد السبسي للوصول إلى كرسيّ الرئاسة؛ على أمل أن يحقق أجندتها في مواجهة الثورة التونسية.
إجهاض الثورة الليبية
وفي ليبيا، دعمت الإمارات مليشيات قائد محاولة الانقلاب اللواء خليفة حفتر بشكل مباشر وغير مباشر، ضمن اتجاهات بدعم موجة الثورات المضادة للربيع العربي، وإن لم يكن هذا الدور معلنًا فإنه دائمًا ما يظهر جليًّا في المعلومات والوثائق والرسائل والمكالمات المسربة.
وأثار حضور خليفة حفتر حفل افتتاح قاعدة محمد نجيب العسكرية في 24 يوليو الماضي مع ولي عهد الإمارات الشيخ محمد بن زايد تكهنات بشأن دور القاعدة المصرية في دعم قوات حفتر، ودورها كقاعدة تخدم مصالح دول الخليج أيضًا ضد أي تهديدات محتملة.
وبحسب محللين وخبراء، فإن هذه القاعدة تعتبر دعمًا قويًا لجيش حفتر في ليبيا؛ حيث التعزيزات والإمدادات المصرية لجيش حفتر في ظل دعم عبدالفتاح السيسي له ضد الثوار.
وفي مايو 2015م، بثّت قناة «مكملين» الفضائية تسريبًا صوتيًا جديدًا من داخل مكتب عبدالفتاح السيسي عندما كان وزيرًا للدفاع يتعلق بشحنات أسلحة ترسلها الإمارات عبر مصر إلى الداخل الليبي.
وتكلّم اللواء عباس كامل مع اللواء «عيسى عبلان المزروعي»، نائب رئيس أركان القوات المسلحة الإماراتية، قائلًا: «أنا عرفت إن في حاجة جاية من عند حضراتكم بكرة عندنا، سي 17 هتنزل عندنا، ثم أضاف: «ولو تحب نحط الجاجة فيها مفيش مشكلة».
التآمر على عمان
وأكدت مصادر عمانية واسعة الاطلاع اكتشاف شبكة عُمانية تموّلها شخصية إماراتية نافذة وترعاها، في إجراء غير مسبوق في العلاقات بين دول مجلس التعاون؛ إذ اُختُرقت جميع الأجهزة الأمنية المرتبطة بالقصر، خصوصًا الحرس السلطاني.
وقالت المصادر إن اعتقالات واسعة نُفِّذت وشملت مسؤوليين في الأجهزة الأمنية العمانية، وأوضحت أن الشبكة لم تصل إلى مسؤولي الصف الأول واقتصرت على كوادر من الصف الثاني.
وكشفت صحيفة «هيندوستان تايمز» الهندية عن خطة إماراتية لضرب اقتصاد سلطنة عمان الناهض؛ عبر إفشال مشروع ميناء «الدقم» العماني على بحر العرب، الذي يعد من أكبر موانئ المنطقة.
وتراهن سلطنة عمان على ميناء «الدقم» ومنطقته الاقتصادية الحرة مشروعًا استراتيجيًا للبلاد؛ بهدف زيادة الدخل القومي، ويضم المشروع صهاريج ضخمة لتخزين النفط وإعادة تصديره اعتمادًا على بترول دول الخليج.
هذا الأمر أكده الأكاديمي والإعلامي اللبناني أحمد ياسين، عندما قال إن سلطنة عمان ستكون «كبش المحرقة التالي» بعد قطر، مؤكدًا أن الجشع والتهور السعوديين الإماراتيين لا حدود لهما.
وأضاف، في تدوينات عبر حسابه بموقع «تويتر»: «كبش المحرقة التالي هو سلطنة عمان بعد أن ينتهي فعليًا دور قطر في المنطقة. الجشع والتهور السعودي الإماراتي لا حدود لهما».
وأضاف في تغريدة أخرى: «استمرار السعودية بسياساتها سيعرّض سلطنة عمان والكويت إلى مصير قطر نفسه عاجلًا، ما سيهدد أمن الخليج واقتصاده، وهو ما لا يريده أحد في الوقت الراهن».
وبالعودة إلى أهداف التجسس الإماراتي على عمان، يؤكد عضو مجلس شورى أنّ ضباطًا من المكتب السلطاني (أرفع جهاز أمني في سلطنة عمان) اجتمعوا بأعضاء المجلس وأبلغوهم رسميًا بالقبض على خلية التجسس.
وتناولت الصحافة العمانية أخبار خلية التجسس، وتسابق مدونون عمانيون إلى تأكيد الخبر من مصادر خاصة، وقالوا إن عدد المتهمين المعتقلين بالعشرات، وبعضهم عسكريون في مواقع قريبة جدًا من السلطان قابوس.
مجازر إفريقيا الوسطى وأفغانستان
قالت صحيفة «كيه كيد» التي تصدر في ولاية كاليفورنيا الأميركية في تقرير عن مطاردة الإسلاميين في أفغانستان وإفريقيا الوسطى إنّ الجنرال ديفيد بترويس، مدير المخابرات الأميركية «سي آي إيه» السابق، اعتبر الإمارات أقدر الدول في الخليج الفارسي -حسب تعبير الصحيفة- على مواجهة الإرهاب الإسلامي.
وقالت الصحيفة إنّ ديفيد أكد أنّ الإمارات أكثر دولة خليجية خبرة في الهجمات الخاصة واغتيال «الإرهابيين الإسلاميين»، وجنودها لديهم خبرة في ذلك؛ عبر مشاركتهم القوات الأميركية في مثل هذه الأنشطة في أفغانستان.
وتابع: «لقد شارك الجنود الإماراتيون ونفذوا هجمات كهذه كُلّفوا بها في أفغانستان، وكانوا ينفذون التعليمات بحذافيرها ولم تأخذهم رحمة بهؤلاء الإرهابيين».
قتل مسلمي مالي
ويضيف صديق بترويس ذاته للصحيفة أنّ مدير المخابرات الأميركية السابق قال في الجلسة ذاتها إن «لديه معلومات عن أن الفرنسيين استخدموا جنودًا إماراتيين لاغتيالات مشابهة في حرب مالي مؤخرًا».
الهجوم على المساجد في باكستان
وذكرت معلومات سابقة أنّ جنودًا إماراتيين متورطون في اقتحام المسجد الأحمر في باكستان بتمويل من الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي، بجانب القوات الباكستانية؛ وهو الهجوم الذي قتل فيه المئات من طلبة الدين الباكستانيين قبل سنوات أثناء اعتصامهم في المسجد.