كشف السفير معصوم مرزوق، المرشح الرئاسي المحتمل، ومساعد وزير الخارجية الأسبق في مصر، عن أن قوى وأحزاب مدنية وشخصيات عامة وحركات شبابية ستعلن من داخل مصر عن إطلاق جبهة وطنية واسعة من توجهات مختلفة لمواجهة النظام الحاكم حاليا، وفي إطار توحيد تحركاتها خلال الفترة المقبلة.
وأشار، في مقابلة خاصة مع “عربي21″، إلى أن الإعلان الرسمي عن الجبهة سيكون في مؤتمر صحفي كبير بالقاهرة، خلال أسابيع قليلة، ولن يتجاوز موعد الإعلان نهاية الشهر المقبل، لافتا إلى أن بلورة هذه الجبهة وصلت لمراحلها الأخيرة بعدما استغرقت جهدا كبيرا ووقتا طويلا وحوارات ونقاشات واتصالات واسعة بين مختلف القوى الوطنية على مدار الفترة الماضية، وفق قوله.
وأضاف مرزوق: “أصبحنا قاب قوسين أو أدنى كي تُفصح الجبهة الوطنية عن نفسها ورؤيتها، وكيفية تعاطيها مع تطورات المشهد المصري، خاصة أن هذه الجبهة وصلت لمرحلة متقدمة للغاية في عملها”.
ولفت إلى أنه تم الاتفاق بشكل شبه نهائي على صياغة مشروع الجبهة ورؤيتها الكاملة والمتكاملة بشأن مختلف القضايا الوطنية، وتم الانتهاء من كتابة الوثائق التأسيسية للجبهة، وأهدافها، وجميع الملفات منها التعليم والصحة والعشوائيات والعدالة الانتقالية والبرلمان والانتخابات، خاصة بعدما عكفت لجان متعددة ومتخصصة على صياغة جميع هذه الملفات والوثائق.
وشدّد على أن الجبهة؛ أحد أهم مبادئها الرئيسية هو الالتفاف حول أهداف ثورة يناير بالأساس، وليس أي شيء آخر، مضيفا: “من يتفق معنا على هذه الأهداف فهو جزء من الجبهة الوطنية، ومن يعترض عليها أو يختلف معها فلن يكون جزءا منها”.
وأردف: “يجب على الجميع أن يكونوا ملتزمين بدستور 2014 والقوانين الحالية، فليس لدينا ترف الدخول في معارك جانبية أو معارك مع الماضي الذي تجاوزناه، ويجب علينا جميعا النظر للمستقبل وإلى الإمام، فليس هناك وقت نضيعه للحديث عن الماضي وما جرى فيه، وعلينا أن نتعاطي مع الواقع الجديد بآليات مختلفة وجديدة”، وفق تعبيره.
وأوضح مرزوق أن الجبهة المنتظرة؛ لا علاقة لها مطلقا بالجبهة الوطنية المصرية، التي تم إطلاقها مطلع الشهر الماضي، عبر مؤتمرين صحفيين بالخارج، والتي قال إنها (الجبهة الوطنية المصرية) أحرزت أهدافا متقدمة ومتقاطعة مع التشكيل المقترح.
وقال: “من وجهة نظري الشخصية، أرى أنه لن تكون هناك مشكلة في التعاون بيننا طالما وافقت على الدستور الحالي، ولو أرادت الجبهة الوطنية المصرية في الخارج أن يحدث توأمة أو تعاون أو اندماج أو تنسيق بين الجبهتين، فنحن نرحب بذلك ونمد يدنا للجميع، خاصة أننا ننشد التعاون مع جميع ألوان الطيف السياسي في الداخل والخارج، لكن مع مراعاة الشروط التي تحدثنا عنها، والتي يجب على الجميع احترامها”.
وتحدث عن إشارات ودلائل وصفها بـ”الإيجابية والمشجعة”؛ تصل من الجبهة الوطنية بشأن التوافق أو التحالف، وقال: “الجميع أدرك الآن خطورة بقاء الوضع الراهن كما هو عليه، وخطورة استمرار العبث والتراشق في معارك أيدولوجية وجانبية، بعيدا عن أهداف الجماعة الوطنية لبناء صف وطني واحد متماسك وقوي”.
وتابع: “ليس بالضرورة أن تكون آراء ومواقف المنتمين للجبهة متطابقة، بل نعمل جميعا وفق المشتركات التي تجمعنا، وهي موجودة وكثيرة حاليا بدون شك في ظل حالة القمع والاستبداد وانسداد الأفق السياسي غير المسبوق”، كما قال.
ولفت إلى أن هناك خطرا وجوديا يهدد الدولة المصرية كلها، “فلأول مرة في تاريخ البلاد يصبح وجود الدولة مُهددا بخطر حقيقي وداهم، وهو ما لم تتعرض له سابقا حتى مع وجود احتلال أجنبي لها، خاصة بعد التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير بإجراءات باطلة ومنعدمة، وأزمة مياه نهر النيل، وما تعترض له سيناء حاليا في ظل أحاديث بشأن صفقة القرن المشبوهة، فضلا عن الكثير من الأدوار الأخرى الكارثية التي تقوم بها السلطة الحالية التي نرى أن شرعيتها قد سقطت”.
وبشأن الموقف من انتخابات الرئاسة المقبلة في مصر، قال مرزوق: “هناك توجه كبير بضرورة خوض هذه المعركة، وإن كانت هناك بعض الأصوات الشبابية التي تدعو لمقاطعة تلك الانتخابات على اعتبار أن المشاركة ستعطي شرعية للنظام، وباعتبار أن المعركة محسومة سلفا”، مضيفا: “لم نحسم الموقف نهائيا، فنحن لا نزال في مرحلة التحاور والتشاور للوصول لقواعد مشتركة وواضحة”.
واستدرك بقوله: “إلا أنني، والكثيرون، نختلف تماما مع فكرة المقاطعة جملة وتفصيلا، فالأهم من الانتخابات الرئاسية ذاتها، هو رفع منسوب الوعي لدى الجماهير، ولذلك نرى أنه لا بد من خوض هذه الانتخابات”.
وأضاف: “الانتخابات الرئاسية ليست هي المشكلة التي تواجه القوى الوطنية، فليست المعضلة في من يسكن قصر الاتحادية؛ لأنه ثبت لدينا أن من يسكن هذا القصر ليس هو الذي يحكم مصر، بل مؤسسة الفساد والاستبداد هي الحاكمة، وبالتالي فليس من المهم الشخص الذي سنضعه على رأس الدولة بل المنظومة الحاكمة بأكملها ومن هم وراء الرئيس وصناع القرار”، على حد قوله.
وأشار إلى أنه سيتم الاتفاق على اسم المرشح لخوض انتخابات الرئاسة بمجرد الانتهاء من تأسيس الجبهة الوطنية “العريضة”، مؤكدا أنه لن تكون هناك أية مشكلة في تسمية أي اسم للترشح للرئاسة، “بل سيكون ذلك أسهل ما في الأمر، حيث سيخضع أي شخص تماما لإردة الشعب وأحكام القضاء والدستور”.
وقال مرزوق: “قد أكون أنا هذا الشخص أو غيري، فهذا ليس بيت القصيد، إلا أن الاهتمام منصبّ حاليا حول كيفية مواجهة شياطين الأنس والجن الذين أجهضوا الثورة ويسعون لقتل أي أمل”.
وكشف عن أن من أبرز الشخصيات المطروحة لخوض الانتخابات الرئاسية، المستشار هشام جنينة، والمستشار يحيي الدكروري، والحقوقي خالد علي، والسفير معصوم مرزوق.
وأردف: “إذا عملنا بشكل جاد وقوي خلال الفترة المقبلة فستكون فرص التغيير كبيرة وقوية جدا، ولو ترشح أي شخص أمام السيسي حتى لو في الأسبوع الأخير من غلق باب الترشح للانتخابات، والتفت حوله الجماهير حتما سينجح، إن لم يتم تزوير الانتخابات أو التلاعب بها”.
ورأى أن “السيسي لم تعد لديه أي فرص، ولو بسيطة، في الفوز بانتخابات الرئاسة، فهو لا يملك الآن من الرصيد الشعبي سوى أقل بكثير من 30 في المئة، وهذه النسبة في تناقص متواصل يوميا، وبالتالي نرى أنه من الأجدى التعاطي بشكل إيجابي مع هذه الانتخابات”.
واعتبر أن “السيسي لا يحكم مصر، بل مؤسسة الفساد التي قد تكرّس نفس الشخص (السيسي) أو اسم على شاكلته. وسواء فاز السيسي أو خسر، ستكون لنا مواجهة حاسمة مع دولة الفساد والمحاسيب والاستبداد”.
وبشأن الموقف من المؤسسة العسكرية، قال مرزوق: “لسنا في خصومة مع الجيش أو مؤسسات الدولة، وينبغي على المؤسسة العسكرية أن تخضع وتطيع صوت الشعب السيد، أما لو كانت هناك شخصيات فاسدة في هذه المؤسسة أو تلك، فحتما سيدفعون الثمن يوما ما؛ لأن وظائفهم لخدمة الشعب وليس أي شيء آخر”.
وتابع: “أنا ضد شعار “يسقط يسقط حكم العسكر”، فليس هناك حكم عسكري لمصر، بل لدينا حكم مؤسسة فساد، وأتمنى على الجميع عدم الإساءة للجيش بأي صورة من الصور؛ لأنه جيش وطني، ويمكن أن يدخل في معركة مع إسرائيل خلال الفترة المقبلة”، وفق قوله.
ورفض مرزوق فكرة تدخل المؤسسة العسكرية في انتخابات الرئاسة المقبلة، قائلا: “لا نريد للمؤسسة العسكرية أن تتورط في أي عمل سياسي، ولن يقبل أحد مطلقا بهذا الأمر، ويجب أن يكون لها دورها الاحترافي المرسوم لها في الدستور. وأتوقع وانتظر ألا يتم الانحراف عن هذا المسار، ومن يخرج عن هذا المسار سوف يُحاكم، والأمر مختلف تماما هذه المرة عن سابقتها”.
وأضاف: “من ورطوا مصر في نكسة 1967 جميعهم حُوكموا وسجنوا، وتمت الإطاحة بثلاث مستويات في قيادة الجيش عقب الهزيمة، والتاريخ يشهد على ذلك، ولهذا لا نتمنى أن يورط أي أحد المؤسسة العسكرية في مستنقعات السياسة”.
وأشار إلى أن “المؤسسة العسكرية أو غيرها من المؤسسات لن تستطيع فعل شيء ضد إرداة الشعب، حتى لو أمرها القادة بقمع المتظاهرين أو أي شيء آخر، طالما تحركت الجماهير وارتفعت نسبة وعيها بالقدر الذي يمكنها من التغيير، فلا أحد يستطيع مواجهة الإرادة الشعبية”.
ونفى مساعد وزير الخارجية الأسبق وجود أي تواصل مباشر أو غير مباشر بين الجبهة المزمع الإعلان عنها؛ والمؤسسة العسكرية أو أجهزة الدولة، مشددا على أنه وزملاءه سوف يقاتلون “بإصرار” حتى يتم اعتماد أفكارهم لضمان نزاهة الانتخابات.
وأضاف: “ليس من المهم الصياغات القانونية للانتخابات أو تشكيل هيئة وطنية لها، المهم هو درجة الوعي لدى الشعب لكي يقوم هو بنفسه بحماية الانتخابات وصناديق الاقتراع، ووقتها لن يستطع أحد أن يقف بوجهه”.
واختتم مرزوق بقوله: “البعض لم يدرك حجم التغيرات الهائلة التي حدثت بمصر عقب الثورة، والشعب ليس هو كما كان قبل 25 يناير 2011، والصمت الحالي والسطح الهادئ يخفي وراءه تيارا عارما يتحرك بقوة ويغلي داخليا، وسيتحرك في اللحظة المواتية، فما نشهده هدوء يسبق عاصفة آتية لا محالة”.
المصدر: عربي 21