قالت صحيفة «أروتز شيفا» الإسرائيلية إنّ تهميش العرب للقضية الفلسطينية كشف مرة أخرى أنها ليست المركزية في النظام العربي وليست من أولوياتهم، مؤكدة أن الدول العربية تسعى الآن إلى إقامة علاقات ودية وصداقة مع «إسرائيل» ضمانًا لدعم الولايات المتحدة لما يفعلونه.
وعلى النقيض من عناوين وسائل الإعلام الغربية، لا يركّز صانعو السياسات والشارع العربيان على الحقوق الفلسطينية والأقصى؛ فهم منشغلون بالفوضى الخاصة بهم والتحديات المحلية والإقليمية المستعصية التي لا علاقة لها بالقضية الفلسطينية، مضيفة أن الشيخ محمد حسين، مفتي فلسطين، انتقد القادة العرب لتقاعسهم عن الهجوم الأخير على المسجد الأقصى.
وأضافت الصحيفة أنّ السيسي والشارع المصري مشغولان بـ«الصدمات النفسية والاجتماعية والتحديات وتراجع مستوى السياحة»، التي تشكّل مصدرًا رئيسًا للدخل القومي وما تواجهه مصر من تحديات وانتشار الهجمات المسلحة ضد النظام، إضافة إلى تهديد التعاون بين تركيا وقطر وإيران، وكذلك الأوضاع المتفجرة على حدود السودان.
كما لفتت الصحيفة إلى أن السيسي يستثمر وقتًا أطول في التنسيق الجغرافي والاستراتيجي مع الأردن والسعودية ودول الخليج العربية الأخرى والولايات المتحدة و«إسرائيل» في مواجهة ما يدعي أنه «إرهاب» أكثر من التركيز على الأوضاع في فلسطين، التي يُنظر إليها على أنها كيان مزعزع لاستقرار مصر.
وبحسب العدد الصادر في 20 يوليو الماضي من «ميدل إيست مونيتور» في لندن، تخلى قادة العالم الإسلامي عن الأقصى؛ وأصبحت هناك لا مبالاة باردة تجاه ما يحدث فيه، وغابت المؤسسات الدينية في مكة المكرمة والمدينة المنورة والقاهرة عن الوضع الفلسطيني بالرغم من الوضع الخطير هناك.
وقالت الصحيفة الإسرائيلية إنهم يقودون الآن حملة إقليمية للتطبيع الكامل للعلاقات مع «إسرائيل»، مفسرين ذلك بأن الصداقة مع الاحتلال أفضل ضمان لدعم الولايات المتحدة لأنفسهم.
ونشرت صحيفة «القدس العربي»، التي تتخذ من لندن مقرًا لها، رسومًا كاريكاتورية تصوّر العالم العربي على أنه نعام يدفن رأسه في الرمال، بينما ينفجر المسجد الأقصى.
وأوضحت «أروتز شيفا» أنه منذ عام 1948، وفي تحد للسياسة الخارجية والمؤسسات الأكاديمية والإعلامية الغربية؛ تجاوز جدول الأعمال العربي والإسلامي القضية الفلسطينية.
وفي الوقت الذي تثار فيه أزمات بخصوص القضية الفلسطينية تنشغل الدول العربية والإسلامية بأحاديث فرعية؛ مثل التشرذم والإرهاب والاضطراب والتفكك في سوريا والعراق والعنف المتبادل والحروب الأهلية، وهي أمور تدفعهم نحو اتخاذ خطوات في موالاة الولايات المتحدة و«إسرائيل»؛ لما لهم من فاعلية على الأنظمة العربية، خاصة المنتجة للنفط.
كما أوضحت الصحيفة أنّ الفجوة الهائلة بين الكلام والتحرك الفعلي على أرض الواقع فيما يخص القضية الفلسطينية ظهرت بصورة واضحة في حروب «إسرائيل» في لبنان 1982 وفي الانتفاضة الأولى 1987 و1991 والثانية 2000 و2003، وحروب 2009 و2012 و2014، مضيفة أن العرب لم يخصصوا قوتهم الاقتصادية لمساعدة الفلسطينيين.
ولفتت الصحيفة إلى أن من أهم أسباب تهميش القضية أيضًا ما يحدث في العراق وسوريا، موضحة أن صانعي السياسة العراقيين الحاليين والشارع العراقي كانوا يدركون جيدًا التعاون الفلسطيني المكثف مع نظام صدام حسين القمعي؛ ما تسبب في رحيل الفلسطينيين من العراق بعد سقوطه، كما لم يلتفت الشارع السوري إلى الدعم الفلسطيني لنظام الأسد، الذي أدى إلى هجرة فلسطينية موسعة من سوريا منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011.
إضافة إلى ذلك، ينظر معظم صانعي السياسات العرب إلى فلسطين باعتبارها تهديدًا لوجودهم وتهديدًا للاستقرار المحلي والإقليمي في مناطقهم؛ ويهدفون إلى تقليل عدد البقع العاصفة في الشرق الأوسط، فأي اندلاع للعنف من وجهة نظرهم يشبه صخرة ألقيت في بركة وتولد آثارًا تموج في جميع أنحاء المنطقة، ووصفت الصحيفة ما يحدث بـ«تسونامي» عربي يخشاه الحكام العرب.
وفي عام 1948 و1949، كما في الحروب العربية الإسرائيلية التالية، لم تساعد الدول العربية فلسطين؛ بل ساعدت في حظر أنشطة فلسطينية، مؤكدة حقيقة أنّ ما فعلته الأنظمة العربية في الأعوام الماضية هو السبب الحقيقي في فشل دفع السلام إلى الأمام؛ وبات ضروريًا مناقشة أثر القضية الفلسطينية على السياسات العربية في المنطقة من أجل السلام.