مقالٌ لأستاذ العلوم السياسية دونالد نويشتيرلين
منذ 16 عامًا، ركّز الرئيس الأميركي جورج بوش على المشاكل الأميركية الداخلية لا على السياسة الخارجية؛ لكن حذره بيل كلينتون من تخطيط تنظيم القاعدة لمزيد من الهجمات في أفغانستان، ثم في سبتمبر 2001 سقط مركز التجارة العالمي على أيدي التنظيم.
الآن، يركّز الرئيس الأميركي دونالد ترامب على إصلاح نظام الضرائب. لكن، عكس عام 2001، بدأت إدارته في الاستعداد للحرب؛ وتواجه الإدارة الأميركية الآن ثلاث أزمات: كوريا الشمالية وروسيا وإيران.
تتمثل أزمة كوريا الشمالية في تهديدات الصواريخ لليابان وكوريا الجنوبية وأميركا، أما الأزمة الروسية فتأتي بسبب الغارات العسكرية على شرق أوكرانيا ومنطقة البلطيق؛ وهو ما أدى إلى رد حلف الناتو. من ناحية إيران، فإنها تنوى توسيع نفوذها في الشرق الأوسط وتقويض الأنظمة العربية ووضع أنظمة صديقة لطهران.
وتعتبر احتمالية وجود اشتباك في آسيا اليوم أقل مما كانت عليه منذ شهرين؛ بعد تهديد كوريا الشمالية ضد قاعدة أميركية عسكرية في اليابان، وزاد انتشار القوات البحرية والجوية في المنطقة والضغط على الصين لوقف حليفتها كوريا الشمالية.
بالمثل، أصبح الصراع المسلح مع روسيا أقلّ احتمالية؛ لسببين: أولهما نشر أميركا وحلف الناتو قوات في بولندا وثلاث دول أخرى لتحذير موسكو من مواجهة الأساليب التي تستخدمها في شبه جزيرة القرم وشرق أوكرانيا بالقوة، بالرغم من أن الطائرات الروسية استمرت في مضايقة قوات الناتو في بحر البلطيق؛ لكنها أيضًا بدأت في اتخاذ خطوات لتجنب الصدامات غير المقصودة.
من ناحية أخرى، تمثّل إيران تحديًا مختلفًا؛ لأنها إذا لم تغيّر نهجها ستتسبب في صراع مسلح مع القوات الأميركية في العراق والخليج الفارسي.
يملك الحرس الثوري الإيراني وحدات شبه عسكرية تدعم القوات الشيعية في لبنان واليمن وسوريا والعراق، وتعمل على تقويض الحكومات الموالية لأميركا في السعودية والكويت ومصر والأردن، ولا تقع قوات الحرس تحت سلطة الحكومة المنتخبة؛ لكنها مسؤولة من المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي.
تملك أميركا قاعدتين عسكريتين برية وبحرية في «الخليج الفارسي»، إحداهما في البحرين والأخرى في قطر، وتستمر السفن الإيرانية السريعة في تحدي السفن الحربية الأميركية بانتظام؛ ويمكن أن يؤدي تحدٍّ منها إلى صراع مسلح.
يعتبر العراق أخطر منطقة؛ حيث تتزايد فيها احتمالية وجود صراع بين أميركا وإيران. بعد التخلص من وجود تنظيم الدولة من المدن الكبرى، تخطط المليشيات الشيعية والقوات الخاصة العراقية لملء الفراغ السياسي لصالح إيران.
بالطبع سيكون رئيس الوزراء العراقي المعتدل حيدر العبادي دون قوة في مواجهة هذه النتائج؛ إلا إذا تحركت السعودية وغيرها من الدول العربية، بجانب أميركا، لدعم الحكومة والجيش العراقيين.
قال وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون أمام لجنة مجلس النوب إنّ قيادة طهران تخطط لتوسيع هيمنتها في «الخليج الفارسي» على حساب السعودية، موضحًا أنّ سياستهم تجاه طهران تنطوي على مكافحة هذه الهيمنة، ودعم الفصائل الإيرانية التي يمكن أن تسهّل من تغيير الحكومة؛ وهو ما اعتبره البعض دعوات لتغيير النظام في طهران.
في السياق نفسه، اعتبر وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس أن طهران أكثر قوة مزعزعة لاستقرار الشرق الأوسط؛ لذا رأى خبراء أنّ أميركا أخطأت بانسحابها من العراق في 2012، وحاولت تغيير هذا النهج في 2016؛ بإرسال خمسة آلاف مستشار ومدرب وخبير استخبارات إلى العراق ساعدوا جيشه على التخلص من باقي معاقل تنظيم الدولة.
يرى جيمس ضرورة إرسال مزيد من القوات للمساعدة في إعادة الاستقرار للعراق، وتقليل فرص انتشار طهران وإنهاء سعيها المستمر لكسب السيطرة؛ فهل تستعد الإدارة الأميركية للتحرك العسكري ضد طهران؟
إذا لم تأتِ الدبلوماسية بأيّ جديد فسيأتي الدور على الصراع المسلح.