قالت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية إن كوريا الشمالية لعبت دورًا غير معتاد في الأزمة الخليجية الحالية التي اندلعت بين الكتلة التي تقودها السعودية والإمارات من ناحية في مقابل الدولة القطرية.
تضيف الصحيفة أنه في الأيام الأخيرة وُجّهت اتهامات للجانبين بوجود علاقات اقتصادية مع الدولة المعزولة؛ ما يعد أمرًا حساسًا بالنسبة إلى واشنطن؛ نظرًا لبرنامج الأسلحة النووية لبيونج يانج، إضافة إلى العداء مع أميركا.
وظهرت تقارير الأسبوع الماضي تفيد بوجود صفقة أسلحة بين كوريا الشمالية وشركة تابعة للإمارات بقيمة مائة مليون دولار، وفي الثلاثاء الماضي وجّهت اتهامات إلى قطر بوجود علاقة خطيرة مع كوريا الشمالية؛ وهو ما نشر في عمود بصحيفة «ذا هيل» الأميركية.
وترى الصحيفة في تحليلها أن هناك حقيقة في هذه التقارير، موضحة أن صحيفة «نيويورك تايمز» نشرت تفاصيل بيع كوريا الشمالية لشركة إماراتية كُشف عنها في تسريب عام 2015، وتوضح هذه التسريبات أن السفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة استدعي في اجتماع مع وزارة الخارجية بسبب الصفقة المزعومة.
على الجانب الآخر، يعتقد أن قطر كانت من بين دول استخدمت عمالة من كوريا الشمالية تقدر بنحو ثلاثة آلاف عامل، ويساعد أغلبهم في بناء المنشآت الخاصة بكأس العالم 2022.
تؤكد الصحيفة أنه رغم صحة هذه التقارير؛ إلا أنها تعد جزءًا من الحرب الإعلامية في الخليج العربي، موضحة أن تفاصيل علاقة الإمارات بكوريا الشمالية تحدثت عنها صحف قطرية، بجانب أن علاقة قطر بالدولة نفسها نشرت في صحيفة «ذا هيل» بقلم سلمان الأنصاري، أحد البارزين في لجنة العلاقات العامة الأميركية، وهي جماعة تابعة للسعودية.
ومع انقسام إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن طريقة التعامل مع الأزمة الخليجية، هناك جهود موسّعة للتأثير على رأي صُنّاع القانون والرأي العام الأميركي؛ وهو ما أكّده الخبير في الشؤون الخليجية بمعهد بيكر للسياسات العامة «كريستيان أولريكسون» قائلًا إنّ الحملات الإعلامية تعتبر جزءًا هامًا للفوز بقلب واشنطن وعقلها.
تعتبر أزمة كوريا الشمالية متقلبة؛ ففي بداية هذا الأسبوع نشرت صحيفة «واشنطن بوست» تقريرًا يوضّح أنّ المسؤولين الأميركيين يتوقعون قدرة بيونج يانج على بناء صواريخ باليستية عابرة للقارات بإمكانيات نووية في بداية العام المقبل؛ ما يعد تهديدًا مباشر للأراضي الأميركية.
يقول الخبير في الشؤون الخليجية «ثيودور كاراسيك» إنّ الصلة بين الصراع في الخليج وأسلحة كوريا الشمالية ليست خطأ تمامًا، مضيفًا أن المقالات المنشورة يجب وضعها في سياق حرب المعلومات؛ لكنها في الوقت ذاته أمر خطير للغاية.
وتقول الصحيفة إنّ إدارة الرئيس الأميركي الحالي دفعت كثيرًا من الدول إلى تقييد علاقاتها مع كوريا الشمالية تماشيًا مع العقوبات. وفي إعلان جديد للتعقيب على فرض عقوبات على السودان، قالت الخارجية الأميركية إنّها جاءت بسبب أنها لم تلتزم تمامًا بعقوبات الأمم المتحدة، وذلك في إشارة إلى اتفاقية الدفاع بين الخرطوم وبيونج يانج.
في هذا الشأن، قالت الباحثة في معهد ميدلبري للدراسات الدولية «أندريا بيرجر» إنّه من المتوقع مواجهة الإمارات وقطر الرد الأميركي نفسه في حالة اشتعال الأزمة، موضحة أنه من المتوقع بدء أميركا بالتلويح باستخدام عقوبات إضافية على الأفراد أو المؤسسات في المنطقة التي تخترق عقوبات أميركا والأمم المتحدة عبر التعاون مع كوريا الشمالية، بجانب استمرار تهديد أميركا خلف الكواليس لهؤلاء الأطراف بعقوبات أقوى في حالة تأخر الرد على التحذيرات العلنية.
ترى الصحيفة أنّ أميركا إذا أرادت الاتساق في قيامها بذلك يجب عليها النظر خارج عدسة الأزمة الخليجية؛ إذ إنّ أقوى علاقة اقتصادية بين كوريا الشمالية والكويت، التي تعد أقوى شريك لها مقارنة بباقي دول الخليج، وهي الدولة التي حاولت الحياد في الأزمة الحالية، وكذلك تعد شريكًا هامًا لأميركا.
تضيف الصحيفة أنه في الوقت الذي تجاهلت فيه أميركا الأحداث وقعت أزمتان في العالم؛ ما يمكن أن يجعل إدارة الرئيس الأميركي تعيد التفكير بشأن هذا النهج.