شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

«pale rider» والإنفلونزا التي قتلت 50 مليون شخص

قراءة في كتاب «pale rider» أوردتها صحيفة «الجارديان» البريطانية عن خطورة مرض الإنفلونزا.

في شهور قليلة من 1918 وحتى 1919، تسبّب مرض الإنفلونزا في مقتل عدد أكثر من الأشخاص الذين قتلوا أثناء الحرب العالمية الأولى، بعد اختفائه مدة طويلة. أعيد في 2005 إحياء فيرس الإنفلونزا من نوع «إتش 1 إن 1» من أجل فهمٍ أفضل للتأثير الكارثي له على العالم منذ قرن مضى. لكن، كما توضّح لورا سبيني في كتابها «pale rider»، لم يعتقد عديدون أنّه كان أمرًا جيدًا.

ظل وباء الإنفلونزا الاسباني لغزًا بعد أن تسبب في مقتل ما يقرب من 50 مليون شخص؛ لأنّ العلماء خفي عليهم سبب كونه مميتًا، وأيضًا بسبب نسيانه عقودًا من الزمن.

حاولت سبيني في كتابها تغيير ذلك. كان الكتاب نوعًا من التراجيديا ممزوجًا بقصة تحقيقية. في نهاية الحرب، ووسط الجنود الضعفاء والسكان الذين يعانون من سوء التغذية؛ ظهرت الإنفلونزا ضيفًا صادمًا غير مرغوب فيه وبدأ في الانتشار، وقيل إنّ ضحايا هذا المرض أصيبوا بالدوخة والحمى والسعال بدماء، وتوفي على الأقل شخصان من بين مائة في أسابيع؛ خاصة الضعفاء بين سن 20 و40 سنة.

لم تكن حينها هناك طريقة للتعرف على العامل الخفي للمرض، لكننا الآن نعلم أن فيرس الإنفلونزا يحتاج إلى خلايا مضيفة لكائن حي آخر من أجل التكاثر، وفي جسد الإنسان المضيف، فإن هذه الخلايا توجد في بطانة الرئة، بمجرد انتهاء التكاثر؛ فإن الخلايا المستنسخة يجب أن تترك جسد المضيف وتحمل في الهواء لتصيب شخص آخر.

حين يصاب الجسد بالفيروس تتحرك الأجسام المضادة والخلايا المناعية إلى مناطق الإصابة، وتطلق سيتوكينًا كيميائيًا لقتل الفيروسات؛ لذا تعدّ الالتهابات في الجسد ثمنًا صغيرًا يدفعه المضيف.

لكن، يميل فيروس الإنفلونزا إلى التحور وتشكيل متغيرات جديدة؛ وبالتالي تكون هناك حاجة إلى إنتاج لقاحات موسمية. وفي حالة الإنفلونزا الإسبانية، تسببت العدوى في تفعيل عاصفة سيتوكينات في جسد ضحايا؛ وهي استجابة التهابية واسعة النطاق في الرئتين تضرّ بشكل كبير المضيف.

تعتبر سبيني صحفية علمية، واستحضرت دراما الإنفلونزا الإسبانية عندما كانت أفضل فرص النجاة تتطلب الأنانية، وحفاظ الشخص على المياه والغذاء وتجاهل نداءات الاستغاثة. رسمت سبيني الهيستيريا التي اندلعت في ثلاث موجات عدوى انتشرت في العالم.

هناك عديد من القصص المثيرة للشفقة على صفحات الكتاب، بدءًا من قصة الشاعر الفرنسي فيوم أبولينير الذي نجا من الخنادق والجراحة لإزالة شظايا من مخه، ولكنه استسلم بعد أسابيع لفيروس الإنفلونزا؛ يمكن للأطباء إنقاذك من عدوى الجراح في أرض المعركة، ولكنهم لم يستطيعوا إنقاذ ضحايا الفيروس.

رأت دول أنه ما دام أحدٌ لا يستطيع علاج الفيروس فيجب بتره؛ لذا لجأ البعض إلى سياسة التطويق وإغلاق الحدود ولوم بعضهم بعضًا على ظهور الفيروس.

في عقود، سقطت الشكوك على ثلاثة مرشحين مرتبطين بحركة العمال والجنود والخنادق، سواء في شانسي بالصين أو معسكر فونستون بكنساس أو إينابليس بفرنسا؛ لكن لم يُثبت أيٌّ من ذلك، وبقي شيء واحد هو المؤكد؛ وعلى الرغم من اسمها لم تأت الإنفلونزا من إسبانيا.

قالت سبيني في كتابها إن عجز بريطانيا عن علاج الإنفلونزا في مستعمرتها في الهند كانت حافزًا لاستقلال الدولة، كما توضّح أن الإنفلونزا كان لها تأثير على توقيت نهاية الحرب العالمية الأولى بسبب مرض الجنود الألمان.

يبدو أن سر شراسة الإنفلونزا الإسبانية بدأت تُحلّ بعد عقود من الزمن عندما فُحصت قطعة نادرة من أنسجة الرئة المحفوظة لضحية للفيروس منذ 1918، وأظهر التسلسل الجيني أن هيكلها يحمل تشابهًا وثيقًا مع فيروس الإنفلونزا الموجود في الطيور. وحتى التسعينيات، كان يفترض أنّ إنفلونزا الطيور لا يمكن انتقالها للإنسان.

صُدم الناس في 1918؛ لذا فإنهم قرروا بعدها حماية أنفسهم بالنسيان، لكنّ عالم الفيروسات جون أكسفورد أكد أنّ فيرس «إتش 1 إن 1» أثبت قدرته على أن يكون مميتًا؛ لذا لا يجب أن نجلس ونستقبل الأمر كما استقبلته الشعوب في 1918.

المصدر



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023