بعد مرور أربع سنوات على تفويض مؤيدي عبدالفتاح السيسي له بالقضاء على «الإرهاب المحتمل» كما طلب منهم، لا يزال الجدل قائمًا بشأن تنفيذ وعده وبسط الأمن والأمان.
في 24 يوليو من العام 2013، طالب الفريق عبدالفتاح السيسي، وزير الدفاع آنذاك، مؤيديه من الشعب المصري بالنزول إلى الشوارع لمنح الجيش والشرطة تفويضًا شعبيًا لمواجهة ما أسماه «العنف والإرهاب المحتمل»؛ ومن هنا بدأ التمهيد لمجزرتي رابعة والنهضة في أغسطس من العام نفسه.
ومنذ حينها، تشهد مصر بشكل أسبوعي اعتداءات وتفجيرات وهجمات قتل وطعن ومواجهات عنيفة ينفذها مسلحون، كان أبرزها في السابع من يوليو الجاري حينما تعرّضت قوات نقطة إلى انفجار عربات مفخخة نتج عنها مقتل وإصابة 26 فردًا من القوات المسلحة.
الأقباط في جحيم
ولا شك أن الاستهدافات طالت الأقباط والكنائس، وكانت من أبرز دلائل فشل تفويض الكنيسة لعبدالفتاح السيسي لما أسموه «الإرهاب المحتمل».
وعانى الأقباط من هجمات عديدة أدت إلى مقتل العشرات منهم؛ آخرها حادثة الهجوم المسلح في محافظة المنيا الذي استهدف عشرات الأقباط كانوا يستقلون ثلاث حافلات في طريقهم إلى دير الأنبا صموئيل، وأسفرت عن مقتل 29 شخصًا وإصابة 24 آخرين صباح يوم الجمعة 26 مايو الماضي.
وعد جديد
وبعد الحادثة توعّد السيسي بضرب ما وصفها «معسكرات تدريب الإرهاب داخل مصر وخارجها»، داعيا دول العالم إلى الاتحاد من أجل مواجهة ما وصفه بـ«الشر»، وقال في تعقيبه على الهجوم: «أحبطنا كثيرًا من المحاولات لاستهداف مصر».
وأضاف أن مصر لن تتردد في توجيه ضربات لمعسكرات التدريب في أي مكان، وأنها ستتصدى لكل من يقترب منها، وقال إنّ بلاده وجّهت ضربات إلى معسكرات انطلقت منها هجمات.
ثم تفاجأ المصريون بأنّ الردّ على حادثة المنيا كان بتوجيه ضربات جوية في مدينة سرت الليبية؛ ليثير ذلك الجدل بين المراقبين والمتابعين بشأن غياب أي معلومات عن المتورطين في الهجوم، أو القبض على أحد، والتوجه نحو ليبيا.
مصر شبه دولة
وفي ظل الظروف الاقتصادية والسياسية المتردية، وصف السيسي مصر بأنها شبه دولة»؛ نتيجة الضربات المسلحة الكبرى التي تلقتها وفشل نظامه في وقفها، ما ترتب عليها وقف نحو خمس دول أوروبية رحلاتها الجوية إلى مصر؛ إثر سقوط طائرة روسية على متنها أكثر من مائتي مواطن روسي.
بالإضافة إلى اختطاف طائرة من مطار القاهرة واستمرار الهجمات المسلحة في سيناء وامتدادها إلى وسط القاهرة؛ واستهدفت موكب النائب العام هشام بركات، وراح ضحيتها عشرات الضباط.
فشل في الحماية
من جانبه، اتّهم عبدالغفار شكر، نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، السلطات الأمنية بالفشل الكامل وعلى جميع الأصعدة؛ قائلًا إنّ الوضع في مصر يشهد عودة القمع والاعتقالات التعسفية دون وقف الأنشطة المسلحة.
وأضاف، في تصريح لـ«رصد»، أنّ «السيسي وعد بالقضاء على الإرهاب؛ لكنّ ما يحدث الآن في مصر إرهاب من الخارج وقمع من الداخل، وكلاهما يؤثران على السياحة في مصر؛ فالإرهاب يدفع الدول من حظر السفر إلى مصر، والقمع والتحكم الأمني في كل شيء يدفعان رجال الأعمال إلى الهروب من مصر».
وسبق واتهم تقرير لمنظمة العفو الدولية السلطات المصرية بإعادة مصر إلى دولة القمع الشامل وسجن النشطاء الشباب لإخماد الاضطرابات.
وتنتقد منظمة العفو الدولية وغيرها من منظمات حقوقية دولية ومحلية السياسات القمعية في عهد السيسي، الذي تولى الرئاسة قبل عام بعد انتخابات.
«تنظيم الدولة» يمارس القنص
قتلت الجماعات المسلحة مئات الجنود الضباط، ويواصل نظام عبدالفتاح السيسي إطلاق التصريحات بالوعود.
ثم جاءت الفضيحة الكبرى التي كشفت فشل قوات الجيش في حماية أنفسهم، عبر الإصدار الذي بثّه «تنظيم الدولة» الذي أظهر تفوق المسلحين في قنص ضباط وجنود واستهدافهم بسهولة.
قانون جديد
وفور اغتيال النائب العام المصري، وعد السيسي بتسريع المحاكمات وبتشديد التشريعات، وبعد أقل من يومين صادقت الحكومة على قانون «مكافحة الإرهاب» بما يحقق العدالة الناجزة والقصاص السريع للشهداء.
ومع كل هذه الإجراءات القمعية للشارع المصري في انتظار محاربة الإرهاب المتفشي اليوم، لا يزال إنعاش الاقتصاد من التحديات الكبرى المطروحة على السيسي في وقت تعاني فيه البلاد من تضخم بلغت نسبته 13,5% وعجز في الميزانية بنسبة 12%.