قالت صحيفة «ذا هيندو» إن بغداد بدأت تعتمد بشكل كبير على طهران؛ خاصة بعد سحب الولايات المتحدة الأميركية قواتها من العراق في 2011، موضحة أن ذلك هو ما تسبب في زيادة الأهمية العالمية لإيران في الفترة الماضية.
تمكّنت إيران من إنشاء ممر شيعي يمتد من طهران، مرورًا ببغداد ودمشق، وحتى جنوب لبنان في المنطقة التي يوجد فيها «حزب الله» التابع لها. لكن، بدخول تنظيم الدولة إلى شمال غرب العراق، أصبحت طهران مهددة استراتيجيًا.
تضيف الصحيفة أن تنظيم الدولة تمكّن من السيطرة على الموصل، التي تعتبر ثانية كبرى مدن العراق، وذلك في يونيو 2014، وتقدمت قواته إلى بغداد؛ وفي حالة تمكّن التنظيم من السيطرة على بغداد كان يمكن لذلك أن يتسبب في خسارتها نظامًا حليفًا، بجانب قرب قوات معادية للشيعة من أراضيها؛ ما يمثل تهديدًا أمنيًا لها.
لهذا السبب؛ اتجه تركيزها سريعًا إلى إنشاء جماعات شيعية مسلحة، جنبًا إلى جنب مع الحكومة العراقية، لمحاربة تنظيم الدولة في العراق. هذه الجماعات تعرف بـ«وحدات الحشد الشيعي» و«الحشد الشعبي»، ولعبت دورًا كبيرًا في تحرير المدن العراقية مثل الفلوجة والموصل من سيطرة تنظيم الدولة.
كيف دخلت إيران العراق؟
ترى الصحيفة أن إيران أكثر دولة استفادت من الغزو الأميركي للعراق في 2003؛ حيث اعتبرت نظام صدام حسين يمثل تهديدًا كبيرًا لها بعد حرب خاضتها الدولتان واستمرت ثماني سنوات.
تضيف الصحيفة أنه قبل حرب العراق، كانت سوريا الحليف الوحيد المستقر لإيران، ولكنّ كلتي الدولتين فُصلتا بوجود العراق بينهما في عهد صدام؛ لذا بدأت إيران في بناء نفوذ داخل العراق عبر روابط ثقافية ودينية، رغم محدودية الأمر بعد انقلاب نظام صدام على الشيعة العراقيين في أعقاب حرب الخليج الأولى.
هكذا جاء الغزو الأميركي والتخلص من نظام صدام، المعادي لإيران، في مصلحتها؛ وفتح لها أبواب العراق مع طموحاتها الكبرى في المنطقة.
يعتبر العراق دولة ذات أغلبية شيعية، حكمها حزب البعث العلماني عقودًا من الزمن بقبضة حديدية، بعد إجراء أول انتخابات حرة في 2005 في أعقاب التخلص من صدام حسين، وتمكنت أحزاب شيعية لها علاقات مع إيران من الوصول إلى السلطة.
منذ ذلك الوقت، أخذ النفوذ الإيراني في العراق في الازدياد؛ بداية كقوة مواجهة للاحتلال الأميركي ثم كطرف يزوّد الحكومة العراقية بالتأمين.
أهمية العراق لإيران
لا تملك إيران حلفاء في المنطقة التي تسيطر عليها القوى الإسلامية؛ لذلك حاولت بناء نفوذ جغرافي سياسي عبر إنشاء أطراف وجماعات غير تابعة للحكومة، لعل أبرزها «حزب الله» في لبنان الذي يعد واحدًا من أكبر الأصول الاستراتيجية الكبرى في غرب آسيا.
تضيف الصحيفة أنه في ظل وجود حكومة صديقة في بغداد لم تحصل إيران على عازل بينها وبين الكتلة السنية جغرافيًا؛ ولكنها أيضًا تمكنت من الدخول المباشر إلى سوريا، التي كانت قناة للإمدادات الإيرانية لحزب الله في لبنان.
توضح الصحيفة أن هذا النجاح لإيران من الوجود في العراق لم يكن واضحًا بعد حرب العراق، خاصة في ظل وجود ما يقرب من مليون جندي أميركي؛ ما مثّل تحديًا مباشرًا للطموحات الإيرانية.
لم تختلف الإدارة الأميركية الحالية عن إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش، الذي رأى أن إيران والعراق وكوريا الشمالية يمثّلون محاور الشر، وهددت بالتحرك العسكري ضدهم.
في هذا السياق، حاولت إيران باستراتيجيتها أن تجعل الاحتلال الأميركي للعراق مكلفًا؛ ما جعلها تقدّم دعمها للمليشيات الشيعية في جنوب العراق، في حين هاجم «تنظيم القاعدة» في العراق الجنود الشيعة والأميركيين في الشمال.
ترى الصحيفة أن الاستراتيجية الإيرانية كان ناجحة جزئيًا، وهو ما اتضح من سحب أميركا معظم قواتها من العراق؛ وهو ما جاء متأخرًا للغاية بعد غزو دولة وإشعال حروب طائفية فيها.
هل ستنسحب ايران؟
الآن، بعد إعلان الحكومة العراقية هزيمة تنظيم الدولة، تساءلت الصحيفة عن إمكانية سحب إيران مليشياتها وترك بغداد؛ موضحة أنه من غير المرجح قيام طهران بهذا التحرك، خاصة في ظل طموحاتها الاستراتيجية وهيمنتها على العراق.
على العكس، ستحاول طهران تعميق علاقاتها مع دول مثل العراق، إضافة إلى المليشيات غير التابعة للدولة مثل حزب الله والحشد الشعبي؛ خاصة بعد اتحاد أميركا مع الممالك الخليجية في مواجهة إيران.
توضح الصحيفة أنه بوجود ما يقرب من 40 مليشيا موالية لطهران فإنه بإمكانها ترجمة نفوذها العسكري إلى غطاء سياسي؛ وهو ما يوضح تماشي القيادة السياسية العراقية لإيران.