استمرت اليوم الاشتباكات العنيفة في محيط المسجد الأقصى بين قوات الأمن الإسرائيلية وعدد من الفلسطينيين بعد مرور أسبوع على بداية العنف بين الجانبين والذي أسفر عن قتلى وجرحي، بجانب القرارات الإسرائيلية بمنع دخول المصلين سوى من خلال بوابات الكترونية.
ونشرت صحيفة «باكستان اوبسيرفر» مقال لـ يوسي ميكيلبيرج أستاذ العلاقات الدولية تحدث فيها عن أخر زيارة له لفلسطين وإسرائيل والتي شهد من خلال بداية الأزمة بين الجانبين.
وتحدث يوسى من خلال مقاله عن ضرورة التحرك من أجل السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين معتبراً أن الهدوء الذي يحدث بين الحين والآخر لا يوجد له أساس قوي لذا فإننا نشهد اشتباكات مثل التي تقع حالياً.
وإلى نص المقال:
قبل عودتي من زيارة إسرائيل وفلسطين، وقع اشتباكات بالقرب من الحرم الشريف أسفر عن مقتل شرطيين إسرائيليين وعدد من الفلسطينيين على أيدي القوات الإسرائيلية، واستمرت هذه الاشتباكات، لتؤكد أن الهدوء الذي يحدث بين الحين والآخر لا يوجد له أسس قوية.
رغم أن الحديث مع عشرات الأشخاص على الجانبين تركني في حالة من القلق الشديد إلا أنه أيضاً أعطاني بعض التفاؤل الحذر، فعلى الرغم من قلة الجدية بشأن مفاوضات السلام بين إسرائيل وفلسطين وعدم وجود اتفاقية لإنهاء الصراع إلا أن عدد من المواطنين على الجانبين يساندوا هذا الحل.
للأسف لا يوجد حلول لتحقيق هذا السلام، على العكس هناك حالة من عدم الثقة بين الشعبين ومسؤوليهم بسبب سعيهم لخدمة مصالحهم الخاصة، والاعتداء على المجتمع المدني وقمع حرية التعبير وغيرها من حقوق الانسان الأساسية، ويتضح كذلك أنه في وجود السلطة الحالية، فإن حلول السلام بعيدة للغاية.
لم تبدى الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو أي نوع من أنواع مفاوضات السلام والتي قد تؤدي إلى اتفاقية، في حين أن الجانب الفلسطيني يشهد انقساماً بسبب العداوة بين حركتي فتح وحماس والتي أدت لشلل سياسي واضعاف قدرتهم على القيادة وعلى المفاوضة.
لايزال احتلال الضفة الغربية مستمراً، بالإضافة إلى مأساة مواطني غزة بسبب الحصار المفروض عليهم، ولا يبدو أننا سنشهد نهاية قريبة للوضعين، مع وجود عسكري إسرائيلي في كل مكان، وحتى في المناطق التي يفترض انها تقع تحت السيطرة الكاملة للسلطة الفلسطينية.
ويمكن أن نرى أن هناك نتائج مرئية وملموسة للاحتلال الإسرائيلي، حيث أن الطرق المنفصلة المخصصة للمستوطنين، وطوابير التفتيش الطويلة، وعدم السماح باستخدام الموارد الطبيعية لها تأثير قوى على نوع الحياة التي يعيشها الفلسطينيين، كما أنها تمثل تذكير دائم للشعب الفلسطيني أنهم لا يتحكموا في حياتهم.
حتى الآن لا يوجد تدخلات قوية من أجل اتفاقية سلام بين الدولتين، وخاصة من الجانب الأمريكي الذي لم يلاحظ أحد أي تحرك قوي من جانب رئيسها دونالد ترامب أو أي مبعوث له من أجل توسط ناجح، بجانب عدم وجود رغبة قوية من المجتمع الدولي لمساعدة الجانبين للضغط على أنفسهم من أجل تعزيز قضية السلام.
ورغم هذا الوضع المؤسف فإن ما يدعو للأمل هو عمل المجتمعات المدنية على الجانبين بشكل قوي ضد كل الاحتمالات لتعزيز السلام وحقوق الإنسان، كما أن هناك مشاريع مشتركة في قطاع التكنولوجيا والتي يمكن أن تخلق فرص عمل بأجور جيدة وغير متأثرة بالقيود التي فرضها الاحتلال على الفلسطينيين.
بالرغم من سنوات الاحتلال القاسية وفشل مفاوضات السلام، إلا أن عدد كبير على الجانبين لازالوا يؤمنوا بوجود حلول للوصول إلى اتفاقية تعتمد على حل الدولتين، رغم عدم وجود ثقة قوية بين الطرفين بشأن الرغبة في الوصول لحل سلمي، إلا أن غياب المبادرات والقيادة الصحيحة يجعل المواطنين على الطرفين يستمروا في محاولاتهم.
وعندما نضع في اعتبارنا أن هذا الصراع مستمر منذ قرن على الأقل مع عدد لا يحصى من المواجهات العنيفة وما يقرب من 24 عاماً من المفاوضات الفاشلة، فمن الطبيعي عدم وجود رغبة للحوار بين الطرفين، رغم ذلك إلا أن هناك العديد سخروا وقتهم للوصول إلى حل سلمي.
ويمكن أن لا نرى في المستقبل القريب تركيز على اتفاقية الوضع النهائي التي تتعامل مع كل المشاكل الأساسية لهذا الصراع مثل الحدود والقدس واللاجئين ومستقبل المستوطنات اليهودية، ولكن يمكن أن نشهد انفتاح لمناقشة تدابير تجعل المواطنين أكثر قدرة على الحياة.
وخلال زيارتي الأخيرة أعطاني الشباب والمجتمع المدني اعتقاد قوي أنهم مصممين ومرنيين بما فيه الكفاية للقيام بأي شيء لمنع تكرار خمسون عاماً أخرى من الاحتلال والعنف واراقة الدماء.