* لاريب أن الصحافة ليست مجرد مهنة يسترزق منها الصحفي قوت يومه بقدر ماهى رسالة شريفة وأمانة ثقيلة في أعناق أصحابها لان الكلمة أمانة ومسئولية والكلمة إما أن تكون دواء أو تكون داء…!! ولايمكن للكلمة الصادقة أن تقف حائرة مضطربة فى المنطقة الرمادية بين الحق والباطل … بين النور والظلام…بين الايبض والأسود…!! لأن الكلمة لابد أن تتحرر من قيود المادة ومن أغلال الحسابات التوافقية اللاأخلاقية.
* وهناك نوعين من الصحفيين كتابا وكتبة…!! والفرق بينهما شاسع والفجوة بينهما عميقة والمسافة بينهما لايمكن حسابها بالعين المجردة..!!
* الكاتب صاحب فكر وعلم وثقافة ورؤيا واضحة كالشمس فى رابعة النهار, لايصده صاد ولايرده راد عن كلمة الحق مهما كانت التكاليف والمخاطر والعقبات والثمن الذى سيدفعه فى مقابل كلمة حرة يقولها فى زمن العبيد….. وكلمة بيضاء يقولها فى زمن الرويبضة…. وكلمة حق يقولها فى زمن الباطل… وكلمة شجاعة يقولها فى زمن الجبن والخسة والنذالة…! وكلمة حق فى وجه سلطان جائر أفضل من ملايين الدولارات يقبضها كل عميل خسيس خائن خائر……….!!
* الكاتب له رسالة وهى فى عنقه أمانة يريد أن يؤديها .. تأثير مداد قلم الكاتب المستنير تفوق دم الشهيد فى ميدان القتال عدد سنين…….! لأن طعن اللسان أخطر من طعن السنان…! وحد السنان يقطع الأوصال وحد اللسان يقطع الآجال…وجرح الكلام أشد من <رح السنان والكلمة ترفع أقواما وتحط آخرين…والكاتب يكتب مايمليه عليه ضميره وما يرتاح إليه قلبه وماتطمئن أليه نفسه وما يميل إليه عقله, لاينتظر التعليمات ولايخضع للتوصيات ولايستجيب للإملاءات ولايسجد للدولارات.
* الكاتب صاحب موقف ثابت لايعدو عليه تلون ولايعتريه تغير ولايؤثر فيه تحول ولايبيع قلمه لمن يدفع أكثر…!! لأن الكلمة ليست سلعة فى سوق الرقيق تباع وتشترى…!
* أما النوع الآخر وهم الكتبة فتصدر مطبوعاتهم من مطابع بير السلم من أسفل السافلين بما يتناسب مع مستوى كلماتهم الهابطة الدنئية المبتذلة, هم مجرد موظفين أرشيف يسجلون البيانات وينفذون التعليمات ويركضون بل ويلهثون وراء الدولارات , هم العبيد فى زمن الاحرار , هم الرقيق فى سوق النخاسة , هم مرتزقة كل نظام… وخدمة كل فرعون , وحاشية كل طاغية جبار , يرقصون على كل الاحبال , ويأكلون على الموائد , ويشربون من كل الكئوس , ويرقصون على كل الألحان , ويتحولون حسب ظروف كل زمان , هم كالغرابيب السود يتساقطون من أعالى الأشجار لينبشوا فى الارض عن مواطن الدود…! عقولهم فارغة, قلوبهم قاسية. نفوسهم خاوية , ضمائرهم هاوية , أفئدتهم ساهية , حياتهم لاهية…………!! يخفون الحسنات ويفشون السيئات, يبحثون عن العثرات لينشروها, وعن الفضائح ليذيعوها, وعن الجرائم ليكتبوها, وعن السلبيات ليضخموها, هم كالغانيات فى الملاهى الليلية لايهمهم سوى المال فى نهاية المأمورية…! لايرقبون فى أوطانهم إلا ولاذمة, تراهم فى الصحف يكذبون فى أول النهار, وفى المساء إعلاميون يشعلون فى الوطن النار مقابل سيدهم وملهمهم الدولار…!
*كلمة واحدة:
الكتاب تاج على رأس الوطن يرفعوه ويبنوه ويمجدوه ويعزوه ويشرفوه , أما الكتبة فهم أحذية فى أقدام الأسياد , متعلقة دائما بهم الأقذار والأوزار , إذا مشوا فى طريق دنسوه , وإذا تحدثوا عن شريف لطخوه, وإذا تعرضوا لأمين خونوه, وإذا انتسبوا إلى وطن هدموه وخربوه ونهشوه وضيعوه ولوثوه , نحن فى حاجة إلى كتاب أصحاب رأى وفكر ولسنا فى حاجة إلى كتبة أصحاب عهر وسكر…! والله من وراء القصد.