دائماً ما أطرح على نفسى هذا التساؤل. لماذا لم يخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بأن الأرض كرويه؟ وقد أعطاه الله من علمه الكثير. أو لماذا لم يخبرنا الله عز وجل فى القرآن مباشرةً بينما على عكس ما يتصور البعض من أنه يناقضُ الحقيقه أخبرنا فى أياته الجليلهوقال عز وعلا (وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا) وإن كان قد أخبرنا الله بطريقٍ غير مباشر فى قوله عز وجل (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا) والدحية في اللغة هي الكرة أو البيضه (غالباً بيضة النعامه أو موضع بيض النعامه) حيث أن الأرض بيضاويه ويتناسب هذا التفسير مع الواقع لكن هذا التفسير لم يخرج إلى النور إلى موخراً عقب إكتشاف كروية الأرض بالدليل القاطع. ولكن قبل التأكد من أن الأرض كروية فسر علماء المسلمين الدحو على نحو مختلف عن هذا حيث قال إبن كثير أن دحاها بمعنى أن الله أخرج ما كان في الأرض بالقوة إلي الوجود كما فسرهاابن عباس بأن الله أخرج من الأرض الماء والمرعي, وشقق فيها الأنهار, وجعل فيها الجبال والرمال, والسبل والآكام. كما فسرها بعض كبار علماء المسلمين فى حينها بأن دحاها أي بسطها ومهدها لتكون صالحة للحياة. حيث كانت كروية الأرضِ حينها لا يُمكن أن يقبلها المنطق أو العقل بأى حالٍ من الأحوال وأن هذا قد يخالف على حد فهمهم قول الله تعالى (وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا). ولكن هل تتنافى هذه الأيه مع كون أن الأرض كروية. بالطبع لا. لكنهم قديماً وقبل إكتشاف كروية الأرض بالدليل القاطع كان يُجزم البعض أن الأرض مسطحه طبقاً على حد قوله لأيات رب العباد. وعلى الرغم من لو أنه أعمل عقله قليلاً فى كون أن الأرض منبسطه. حيث كانوا يعيشون حينها فى ثلاث قارات بما يسمى بالعالم القديم. ومع تطور الزمن وركوب البحر إستطاعوا أن يكتشفوا قارتين أخرتين. ولو سمح لمخيلته بالإنطلاق وتصور أن العالم سيصل فى يوم إلى إختراع الطائره والصاروخ الذين يعبران بسرعات فائقه وسارت مثلاً الطائره وعبرت القارات الجديده ووصلت إلى ما بعد ذلك فإلى ماذا ستصل. ربما يقول لنفسه (بعض القارات الجديده الأخرى). ولكن ما أخر هذه القارات التى لا تنتهى هل سنصطدم بأخر الأرض حيث يستطيع أن يقف الإنسان ويلقى بنفسه فى الفضاء وإذا ما أمال رأسه لأسفل قليلاً ماذا سيرى. هل سيرى عالماً أخراً فى الجهه المقابله للأرض يتكون من بعض الكائنات الحيه الأخرى. ربما يقول أن العالم أو الأرض ممتدين إلى مالا نهايه والله قادر على كل شئ. ولكن هذا ما قد نفاه العلم. وهل كان إذا فسر الرسول لنا تلك الأيات تفسيرها الصحيح وأخبرنا أن الأرض كروية ما كان صدقه أحد حينها؟ بالطبع لا. وكيف لهم ألا يصدقوا ما قد يكون واقع وهم صدقوا رسول الله حين أخبرهم أنه فى ليلة واحده سافر إلى الأقصى وصلى بالأنبياء ثم صعد إلى السماء ورأى الله عز وجل بكلتا عينيه ثم عاد مجدداً لبيته؟ وهنا يتضح لنا أن العلم وتطوره وتقدمه لا يخالف أيات الله عز وجل. وإنما الذى خالف أيات الله هو فِهمنا لتلك الأيات. حيث أن إمتداد الأرض ينطبق على كرويتها أكثر من إنبساطها. حيث لو سار أحد منا على الأرض فإنه يظل سائراً والأرض من أمامه ممتده ومنبسطه. إذا إفترضنا وجود هذا الإنسان الخارق الذى يستطيع أن يسير بلا نهايه فإنه كلما سار وجد الأرض أمامه منبسطه ليسير عليها. ولكن إذا كانت الأرض تأخذ من الإنبساط شكلاً لها فإن هذا الخارق سيأتيه يوم ويصدم بنهاية الأرض وهنا لا يجد أمامه أرضاً ليسير عليها وعندها تنتفى صفة إمتداد الأرض التى ذكرها الخالق فى قوله (وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا). وهنا يتضح لنا بما لا يدع مجالأ للشك أن الله وهو أعلم العالمين لم يذكر لنا صراحة كروية الأرض فى أياته. وإنما جعلنا طبقاً لبعض الأيات نظن بالخطأ أن الأرض منبسطه. ولكن التساؤل الثانى الذى يطرح نفسه أمامنا هو ما الحكمه من عدم إخبارنا بكروية الأرض؟. نستطيع أن نفهم من ذلك أن الله يريد منا أن نُعمل عقولنا ونستخدمها فى البحث وراء الأشياء حتى تصل عقولنا الصغيره لمقاصد الله فى أياته. وإلا لأخبرنا الله بكل الحقائق الكونيه بأيات القرآن أو على لسان الرسول وأخبرنا عن عدد الكواكب السياره حول الشمس وأسماها لنا وفسر لنا طبيعتها وعدد الأقمار التى تدور حولها …. إلى أخره. ولكن الله أراد لعقولنا الصغيره التى ميزنا بها عن سائر المخلوقات أن تعمل لتصل إلى نقطه فى بحر علم الله. وعلى الرغم من أن الله يعلم أن هذا لن يُكتشف إلا بعد الرسول بألاف السنين إلا أنه تركه مجالأ للخلاف بيننا وبين البشر عامه وربما كان هذا الذكر يُدخل الكثير من غير المسلمين فى الإسلام. ولكن الله لا يريد أن يدخل أحد فى الإسلام لإثباته نظريات وحقائق قبل أن يثبتها البشر وإنما أراد أنَ من يدخل فى الإسلام يدخل فيه لإيمانه بأن الله هو الخالق فالله لا يحتاج لأدله ليثبت بها لنا أنه قد خلقنا وخلق الأرض ومن عليها؟. وهنا يتبادر إلى ذهنى سؤال ثالث وأخير.ماذا لو ورد لنا من أحد كبار الصحابه والسلف الصالح تفسيراً يؤكد بأن الأرض منبسطه شكلاً وربما هذا ما كانوا يعتقدونه وقتها إذ لم يرد ما يخالف ذلك؟ فهل حينها نكذب الصحابى الجليل ونصدق العلم الذى أتى به بعض علماء الغرب. وهنا نستطيع أن نقول أن الله قد طالبنا بإعمال العقل. وأن الصحابه والتابعين قد أعملوا عقلهم وأخذوا بالأسباب بمقدار ما يستطيعون ولكن ظروف العصر وإمكانيته لم تسمح لهم بإكتشاف ما نستطيع أن نكتشفه نحن الأن. فإذا وصلوا بتفكيرهم وتفسيراتهم إلى أن الأرض منبسطه كما كان يعتقد كافة أهل الأرض حينها فإننا اليوم نستطيع أن نصحح ذلك الخطأ الذى أثبته لنا العلم باليقين. ولكن ما يؤسف أنك تجد إلى اليوم بعض الذين يرفضون قول العلم الأكيد لأنهم لا يريدون لصحابى أو تابعٍ أو عالمٍ فى دين الله أن يكون على خطأ وأنهم يأخذون منهم كل ما قالوه على أنه مؤكد رافضين إعمال عقلهم فيه غير متقبلين لكل ما هو حديث ربما حتى يريحوا أنفسهم. فبالله عليكم أعملوا عقلكم بل أكثروا من إعمال العقل فهذا ما أراده الله منا. ولو أراد عكس ذلك لأخبرنا بكل الحقائق أو ربما بعضاً صغيراً منها مما إكتشفناه فى حياتنا وما سنكتشفه مستقبلاً. ولكن الله أراد لنا أن نُعمل عقولنا حيث قال عز وجل فى أياته الكريمه (..أَفَلاَ تَعْقِلُونَ) (..لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (..لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) ( ..إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ) ..) أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ) (..لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (..لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُواْ(.. (قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا .(..