عسكوريا دولة لطيفة تقع في مكان استراتيجي كما علموا أطفالها في المدارس، تطل على البحر الأصفر من الشمال والبحر البنبي من الشرق. عسكوريا دولة حديثة عمرها حوالي ستين عام فقط لكن أهلها يتحدثون عن تاريخ عمره الآف السنين وأمجاد بدأت منذ قديم الأزل.
سكان عسكوريا طيبون للغاية لم يحكمهم قط شخصا اختاروه بأنفسهم فمنذ بداياتها وهي تحكم من الرعيون والعنخيون و الأمونيون ، مر بأرضها مختلف الأعراق والشعوب ، بعضهم جلس قليلا ليستريح من عناء السفر فأكرمه أهل عسكوريا وأحسنوا وفادته حتى مشى وجاء غيره!
وهكذا مرت السنين وأهل عسكوريا يستقبلون الأغارقة والأفراس ، البطلميون والهكساس ، وحديثا البراطنة والفرناس… يستقبلونهم دون كلل أو تأذي، يتعايشون معهم ويرحبون بهم إلا من رحم ربي منهم.
وعندما حانت لحظة البداية جاء عسكور شاب يسمى الجميل المنصور مع بعض أصدقاءئه (لاحقا سميت الدولة عسكوريا تيمنا به) وأنشأوا دولتهم الجديدة .. دولة لذيذة تقوم على العدل والمساواة بين الجميع، لا فرق فيها بين يساري ولا اسلامي الكل سواء والكل قابع في نفس المكان ، مكان جديد ابتدعه المنصور رحمة بهؤلاء من حرارة الشمس، مكان هادئ وبعيـيـيـيــد … ورا الشمس نفسها.
عاش الشعب العسكوري في أمان وسكينة طوال ستة عقود ، عاش حلم المنصور بإنشاء دولة عسكورية كبيرة ثم لم يلبث أن أفاق على زوبعة صغيرة وهزيمة لا تذكر في معركة تافهة . تخطى العسكوريون هذا الحادث العارض وبدأوا صفحة جديدة مع المنصور ومن بعده المنير ثم المبروك. اختلافات جذرية شهدتها العصورالثلاثة لكن المحصلة كانت واحدة … الشعب مبسوط.
وفجأة ظهر ما عكر صفو العسكوريون وراحة بالهم، مجموعة من الشباب الطائش يسمون أنفسهم باسم شهر من شهور السنة (ضحكة ساذجة) ومعهم بعض الذين قبعوا وراء الشمس فترة طويلة من الزمان ، اتجننوا وانتشروا في كل ميادين عسكوريا يخربون ويحرقون ويدمرون .. قال ايه عايزين المبروك يمشي، المبروك الذي لم يرى منه أهل عسكوريا أي شر أو للدقة لم يعودوا قادرين على الرؤية أصلا في عهده.
المهم … اعتصامات ، تصادمات وعنف وهتافات ودم ثم … المبروك رحل وجاء مكانه عسكور جديد، عسكور يحبه أهل عسكوريا ، عسكور اسمه الطنطوني (نسبة إلى الطينة) . جاء الطنطوني محملا بأحلام وطموحات أهل عسكوريا الطيبين ، جاء مدعيا أنه يحمل لهم خارطة الدولة الجديدة ، الدولة المدينية (نسبة إلى المديونيات التي نصرفها ونقترضها)
صدق أهل عسكوريا كلامه الطنطوني فهم اعتادوا أن يصدقوا أي عسكور وهم الآن تسعة عشر عسكورا، وعد العسكور بالرحيل والاتيان بأحد المخربين ليحكم فثار الناس ، كيف لنا أن يحكمنا شخصا غير عسكوري؟ ماذا نفعل باسم دولتنا؟ ثار العسكوريون وثار المخربون وظلت المعارك بينهم تارة ملتهبة طافية على السطح وتارة أخرى هادئة مختفية في الاعماق.
لكن لما زادت أعداد المخربين وفاقت أعداد العسكوريين ، فطن العسكوريون إلى ضرورة ادخال عنصر جديد في المعركة، عنصر يبدو حياديا وحينها لم يجدوا إلا الطاهرين (دستوريين كانوا أو زنديون)
الآن الصورة واضحة تماما، العسكوريون التسعة عشر ومعهم أهل عسكوريا الشرفاء والطاهرين أيضا يحاربون من أجل الدولة المديونية، يحاربون من أجل ألا يستولى المخربون على البلد ويغيرون اسمها … كيف نغير اسمها؟ كيف نغير اسم عسكوريا الخالد؟
الطاهرون الآن يضربون بقوة ، انضم إليهم منذ زمن الفضائيون و الجرنانيون والعكشيون وغيرهم من الفلوليون الشرفاء.. الطاهرون ينقذون الدولة بتعليمات من الطنطوني والمخربون لازالوا يخربون.
أهل عسكوريا الشرفاء عند منصة المنير الآن، يهتفون باسم عسكوريا، يريدونها عسكورية إلى الأبد … أسطورة عسكوريا لن تنتهي ، أسطورة عسكوريا ستظل خالدة ولو كره المخربون
لكي الله يا عسكوريا..
أيمن قدري – الرياض
10 يوليو 2012