( حيثما تكون هناك صحافة، تكون هناك حرية، ويستطيع كل إنسان أن يقرأ وبذلك يصبح الجميع آمنين..) توماس جيفرسون – الرئيس الثالث للولايات المتحدة الأمريكية.
من هذه المقولة التاريخية و تأكيدًا على النضال و الكفاح المستمر و المتأجج للصحافيين على مدار أكثر من قرن و ترادف ذلك مع التطور الهائل فى كافة العلوم، وعلى رأسها تكنولوجيا الطباعة و الاتصالات، أصبح في مقدور الصحافة التعامل مع الخبر بطريقة أكثر جرأة و حرية و حيادية، إذ لم يعد هناك معلومة أو خبر من الممكن إخفاؤها !!. و تقاطع ذلك مع تزايد الوعي بين القراء و المتابعين فى سعيهم الحثيث نحو التعرف على السلطات والصلاحيات التي بحوزة اصحاب القرار و كذلك التي من حقهم ان يتمتعوا بها كمواطنين مع رغبتهم أن يتمتعوا بالحريات التي تصونها الدولة و دستورها.
و المواطنين و الجماهير يعلمون أنهم محكومين وفق قوانين السلطة التشريعية و يدها التي تسمي السلطة التنفيذية، و يد الحكم التنفيذي قد تكون – اعتباريا -هي اليد الطولي. و مع هذا فلا يريد المواطنين من حكامهم أن يحكموا بمعزل عنهم، بل يريدون المشاركة الجماهيرية وفقا لقواعد الدستور و القوانين المنظمة للحياة الاجتماعية والسياسية في مصر. و هنا يبرز دور الصحافة للمساهمة في التواصل الإخباري و المشاركة في تبصير هؤلاء بآداء الحكومة و تسليط الضوء على الأحداث للمساعدة على زيادة التوقعات والآمال الاجتماعية. مما يحمل المسئولية على الصحافة الحرة والمستقلة والتي تستطيع أن تحكم على ممارسة المسئولين سلطاتهم وصلاحياتهم.
و من هنا نشأت تسمية السلطة الرابعة لتضاف لمسميات مهنة المتاعب و لذا فكثير من القراء و محترفي الصحافة علي يقين بأن مهنة الصحافة تتطلب:
– الموهبة قبل الشهادة، و الأمانة قبل الواسطة و المحسوبية، و الجد و الاجتهاد قبل اسم المؤسسة الصحفية التي يعمل بها الصحفي.
– و يلي الموهبة وجود داعم أصيل و رافد راسخ للصحفي و هو العلم والتخصص والثقافة. ولن أكون متشائما عندما أصف بعضا ممن يعملون فى الصحافة بأنهم مجرد سائقي السيارات النقل ـ مع كامل التقدير لكل منهما و لمهنة كل منهما- فيحملون الخبر دون مراجعته و يكتبون الكلمة دون مراعاة لتاثيرها، و عبر ما أطلق عليه "ثقافة الاستسهال" و هي مرادف لعدم بذل الجهد المناسب للفوز بسبق صحافي أو خبر طازج من مصادره السليمة أثرت تلك الثقافة على الجودة و المحتوى و على الصحافيين بشكل عام.
إن الصحافي الحقيقي هو الذي وجدت لديها الموهبة مصقولة بالتعليم و الثقافة و أجتاز مراحل العمل الصحافي ليصل لدرجة الصحفي الحقيقي و يتساءل البعض عن دور نقابة الصحفيين, وما الذي يجب عليها فعله؟ هل يجب عليها أن تعيد النظر في شروط عضويتها، أم تفتح الباب و بحرية لمزيد من المواهب المصقولة.. و عليها أن تعقد دورات تأهيلية أو أعادة تأهيل لراغبي ممارسة العمل الصحافي من آن لآخر, ومن ثم تخضع عضوية النقابة لاختبارات و مقابلات من لجان متخصصة من آن لآخر لبيان صلاحية الصحفي من عدمه؟!! ليكون ذلك بمثابة البوابة التي يمكن للصحافيين الدخول من خلالها. و من خلالها يمكن الحد من دخول من هب ودب إلى بلاط صاحبة الجلالة.
محمد جرامون