مقال للكاتب المسرحي تريفور نان بصحيفة الجارديان
منذ البداية، تصرّف الجنس البشري بشكل هرمي، وتبنّى مبدأ أن أشخاصًا أهمّ من البقية، وأن بعضًا يستحق المجوهرات والذهب والثروة. كل هذه الأفكار واجهتني وأنا أخرج مسرحية جديدة بعنوان «ديزرت»، كتبها أوليفر كوتون، تطلب البحث عن أسئلة بشأن التمييز.
بالطبع حاولت الحذر من الدخول في هذه المعركة، ولكني أرى أنه من الأفضل أن أتجرأ بعرض ملاحظات عن العالم الذي نعيش فيه.
لماذا مع قوة عقولنا لم نتفق على أن نكون على قدم المساواة؟ أو على الأقل لا يملك الأشخاص في أعلى الهرم كل شيء، في حين يأخذ من في قاع الهرم أشياء قليلة؟
في كثير من الأحيان نرى أن الجنس البشري محير للغاية؛ ففي الوقت الذي يكون قادرًا على القيام بأفعال جيدة، إلا أنه يستطيع التحول في لحظات قليلة ليتصرف مثل الوحوش.
وتنتهي معظم محاولات الثورات التي تهدف لإنهاء التأثير البشري الذي قمنا به بكارثة، إما بفساد أو ديكتاتورية، على الرغم من إقرار كل الأديان وواضعي الدساتير الجديدة والحركات الثورية بحتمية المساواة؛ فإن ذلك لم يتحقق حتى الآن في العالم بشكل عام، وفي العالم الغربي المستنير بشكل خاص، ولا تزال الفرص غير متكافئة بين البشر؛ ومن المحتمل أن نشهد في المستقبل القريب تركز معظم الثروة في أيدي عدد أقل من العدد الحالي.
كلما زرت باريس كنتُ أركّز على المساحة الضخمة للوفر الذي يحتوي على مئات الغرف ويحيط به قاعات ضخمة، هذا المكان كان منزل الملوك الفرنسيين، بالرغم من الفائض والمساحة غير المستغلة كان هناك كثير من الفقراء. لهذا السبب لم يكن رد فعل الفرنسيين الذي تحول إلى ثورة فرنسية أمرًا مفاجئًا.
متى يصبح الفائض أمرًا مستفزًا للعاجزين؟ ومتى يمكن أن نعتبر هذا الفائض كبير؟ هذه الأسئلة تتعرض إليها مسرحية «ديزرت» للكاتب أوليفر كوتون، التي مثّلت إلى درجة كبرى وجهة نظري، وتسبب هذا الأمر في هوس بالنسبة إلي؛ حيث بدأت في الاهتمام بقسم الأعمال في الجرائد، وهو ما لم أكن أفعله من قبل.
تطرق ويليام شكسبير في مسرحية «تيمون أوف أثينا» إلى العالم الذي يهيمن عليه السوق ويخبرنا أنه إذا اهتممنا بالمال بهذا القدر فلن تكون هناك مجتمعات.
في عالمنا الحالي، نريد أن نصدق أنفسنا ونقنعها أن البشرية في الوقت الحديث تنشئ الحضارة الكبرى؛ ولكن الحقيقة أننا لم نتغير كثيرًا.