اعتبرت صحيفة «سالون» الأميركية أن خطط «الإصلاح» السعودية التي يقودها الأمير السعودي محمد بن سلمان تواجه عقبات كبرى؛ من بينها قطعها علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع قطر.
وتضيف أن الأمير السعودي وعائلة آل سعود يواجهان خطرًا كبيرًا؛ فالفشل في تحقيق إصلاحات اقتصادية واجتماعية يمكن أن يقوّض من شعبية محمد بن سلمان، الذي استطاع التقرب من شريحة كبرى من الشباب السعودي بسبب سنه الصغيرة؛ وهو ما لم يستطع أيّ مسؤول سابق فعله.
وتلفت الصحيفة إلى أن تعقّد خطط الإصلاح التي وضعها الأمير السعودي في وثيقة بعنوان 2030 يمكن أن يحدث بسبب تعامل المملكة السعودية والإمارات مع الأزمة القطرية بجانب انهيار أسعار البترول.
كما تثير الأزمة الخليجية، التي تتجاوز التوازن بين سياسات السلطة والضرورة الاقتصادية، تساؤلات بشأن القضايا الرئيسة اللازمة لزيادة الثقة في الجهود التي تهدف إلى تنويع اقتصاد المملكة وتبسيط القطاع العام المتضخم وتعزيز القطاع الخاص.
عقوبات قطر
وتضيف «سالون»: تحدّت العقوبات المفروضة على قطر مفاهيم سيادة القانون ومبدأ حرية التنقل وأمن الملكية الخاصة وحرية التعبير في منطقة توجد بها قيود كبرى على الحقوق الأساسية.
ومن بين العقوبات التي فرضتها السعودية والإمارات والبحرين على الدوحة إعطاء الأوامر لمواطنيهم بمغادرة قطر وطرد القطريين من هذه الدول، بجانب غلق مكاتب الشركات القطرية والتخلّص من الأصول التابعة لقطر، وغلق المجال الجوي أمام رحلات الطيران من الدوحة وإليها.
وشكّك الجميع في رغبة دول الخليج في تقليل مساحة الإبداع، عبر الجهود غير المسبوقة لغلق شبكة الجزيرة القطرية.
فيما كشفت دراسة استقصائية أجراها الباحث بجامعة الملك فهد للبترول «مارك تومبسون» أن الأمر على المحكّ بالنسبة إلى الأمير السعودي؛ حيث قلّ حماس الشباب السعودي لرؤية 2030 بعدما كانوا جاهزين لتشجيعها ومفهوم توفير اقتصاد قوي في مقابل قبول الملكية المطلقة التي تحدّ من الحريات الأساسية.
وقال «مارك» إنه كان هناك إجماع بين هؤلاء الشباب على أن تقليل البطالة وتوفير السكن بأسعار معقولة ورعاية صحية لائقة يجب أن يكونوا ضمن أولويات الحكومة؛ لأن هذه الأزمات تعتبر القضايا الأكثر أهمية في المجتمع.
رأى «مارك» أن الحماس الأوليّ بين الشباب السعوديين لرؤية 2030 التي وضعها الأمير محمد بن سلمان تبخّر، وقالوا إنهم كان يملؤهم الأمل عند بدء تنفيذها، ولكن بعد مرور أشهر لم يشهدوا سوى نتائج ملموسة قليلة؛ وهو ما تسبّب في إحباطهم.
اعتبر «مارك» أن الأداء كان هامًا؛ لأن خطة الإصلاح التي وضعها محمد بن سلمان جاءت على خلفية الوعود السابقة بالتغيير التي قالها القادة السعوديون ولم تتحقق أبدًا.
رؤية 2030
وتلفت الصحيفة إلى أن من أسباب تقويض الثقة حقيقة أن خطة الأمير السعودي تضمّنت إعادة صياغة أحادية للعقد الاجتماعي للمملكة الذي قدّم دولة رفاهية في مقابل الولاء السياسي.
يضيف «مارك» أن ما سبّب اعتراضات السعوديين هو أن رؤية 2030 أصبحت مرادفًا لتخفيض الرواتب وفرض الضرائب على الشعب وإعفاء المواطنين من المزايا التي كانوا يحصلوا عليها.
فشهد السعوديون ارتفاعًا في أسعار المرافق وزيادة الشكّ الوظيفي بسبب سعي الحكومة لتقليص البيروقراطية وتشجيع العمالة في القطاع الخاص.
نقل «مارك» عن طالب بكلية الطب أنه كان متدربًا في مستشفى الحرس الوطني السعودي وشهد غضب معظم المتواجدين هناك بشأن هذه الرؤية؛ بسبب تخفيض رواتبهم، بجانب غضب الجنود لعملهم طوال الوقت، وخفض المزايا التي كانوا يحصلون عليها، إضافة إلى تخفيض رواتب البعض بنسبة 30%؛ فيما يبدو أن الحكومة ترغب في حل الأزمة الاقتصادية بالقوة، ويفعلون ذلك برفع الضرائب دون أي تفسير، بجانب رفع الأسعار.
تزايد المعارضة
أجبرت الاحتجاجات المستمرة الحكومة السعودية في أبريل على التراجع عن تدابير تقشفية وإعادة معظم الامتيازات التي يتمتع بها موظفو الحكومة.
واعتبر «مارك» أنه من أجل النجاح يجب أن يتميز تنفيذ الأمير محمد بن سلمان لرؤية 2030 بالشفافية، موضحًا أنه من مسؤولية الحكومة ضمان شعور السعوديين بكونهم جزءًا من خطة التحول الوطني، وإذا شعروا أن مساهماتهم لها أهمية للتطور الوطني فسوف يشاركون.
تلفت الصحيفة إلى أن المحاولة الفاشلة هذا الشهر لتنظيم الدولة للهجوم على المسجد الحرام كانت ضمن محاولات تقويض إصلاحات الأمير، التي تتضمن تخفيف القيود الدينية الصارمة للسنة المحافظين، موضحة أنها كانت تشبه محاولات حصار المسجد في 1979 التي ساهمت في إعطاء الحكومة للمؤسسة الدينية لسيطرة كبرى على العادات العامة.
انتقدت المؤسسة الدينية في المملكة جهود الأمير السعودي للتحرير الاجتماعي؛ من بينها تقديم أشكال الترفيه الحديثة، لكنها أيّدت بشكل كبير خططه الاقتصادية. أما التغيير الاجتماعي فأشادت به شريحة كبرى من الشباب السعوديين.
على الرغم من ذلك، هناك نسبة كبرى من الشعب السعودي لن تقبل بهذه التغييرات الاجتماعية؛ بسبب تمسّكهم بالشكل الحالي للمملكة من ناحية العادات والتقاليد.