شهدت الساعات القليلة الماضية تحركات قضائية وسياسية بشأن بيع جزيرتي تيران وصنافير، حيث أصبح المشهد أشبه بصراع مؤسسات بين السلطة القضائية والتشريعية والتنفيذية، فبعد قرار مجلس النواب بالموافقة على بيع الجزيرتين، تحركت قوى المعارضة لوقف التنفيذ، فيما تحرك النظام للتسريع من التنازل عن الجزر للسعودية.
وصدر خلال الساعات القليلة الماضية، الحكم الأول من القضاء الإداري ببطلان الاتفاقية، وإلغاء حكم الأمور المستعجلة بسعودية الجزيرتين، اما الحكم الثاني من المحكمة الدستورية، بوقف تنفيذ كل الأحكام التي تخص الاتفاقية لحين بت المحكمة الدستورية في القضية، وقالت مصادر أن قرار المحكمة الدستورية جاء بطلب من الحكومة.
وفي المقابل أكد عبدالفتاح السيسي على بيع الجزر نهائيا قائلا «الموضوع انتهى»، حيث جاء رد السيسي على أحكام القضاء، ومطالب بعض نواب مجلس الشعب الذين تحركو ضد بيع الجزر، وطالبو السيسي عدم التوقيع على الاتفاقية.
السيسي: الموضوع انتهى
وأكد عبد الفتاح السيسي خلال مأدبة إفطار، الثلاثاء، أن ترسيم الحدود مع السعودية بشأن جزيرتي “تيران وصنافير”، موضوع قد انتهى، وليس للسلطات المصرية ما تخفيه.
وقال السيسي إن مصر دولة تحترم القانون، وإن الدول لا تقاد إلا بالقانون الداخلي أو الدولي، وبالحقائق وليس بالهوى ولا المزاج.
وأضاف، خلال كلمته بإفطار الأسرة المصرية بأحد فنادق القاهرة، قائلا «لا يجب أن نشكك في بعضنا البعض.. نحن في مهمة لإنقاذ وطن.. الخطر مازال قائما، ونحن على أتم الاستعداد.. نريد أن نغير الواقع للأفضل».
وأشار إلى أن مستشاريه أبدوا له نصيحة بعدم الحديث عن الجدل المثار حول اتفاقية ترسيم الحدود لكنه أصر على مصارحة ومكاشفة المواطنين كما عودهم منذ توليه رئاسة الجمهورية، بحسب ما جاء على لسانه.
واستكمل السيسي قائلا بالعامية المصرية: «الموضوع خلص، لكن معندناش حاجة نخبيها، هي الناس عمرها ما شافت ناس شرفاء ولا إيه!.. في ناس عندها شرف مبيتباعش، حقوق الناس ترد ليها مش بالحروب».
كما أكد في كلمته، على أهمية التصدي للدول التي تدعم الإرهاب، مشيرا إلى أن حجم الأموال التي تنفق على الإرهاب وحجم الأسلحة والمتفجرات، قيمتها مليارات.
حكم جديد للقضاء الإداري
وقضت الدائرة الأولى في محكمة القضاء الإداري أمس الثلاثاء بمصر ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية والمعروفة باتفاقية تيران وصنافير، وأكد الحكم الذي صدر مساء اليوم صحة حكم المحكمة إدارية العليا ببطلان الاتفاقية.
وقبلت المحكمة الطعون التي قدمها المحامي خالد علي والتي طالبت بإلغاء أحكام القضاء المستعجل في هذا الشأن.
ويأتي هذا الحكم بعد أيام قليلة من موافقة البرلمان المصري على الاتفاقية التي تمنح السعودية السيادة على جزيرتي تيران وصنافير في البحر الأحمر عند المدخل الجنوبي لخليج العقبة وسط حالة من الغضب الشعبي والانتقادات الحادة شملت قيادات عسكرية سابقة رفيعة المستوى.
الدستورية توقف تنفيذ الأحكام
وقررت المحكمة الدستورية العليا وقف تنفيذ أحكام القضاء الإداري بشأن اتفاقية تعيين الحدود البحرية مع المملكة العربية السعودية، والمعروفة إعلاميا بـ «تيران وصنافير».
وصدر قرار المحكمة الدستورية العليا، اليوم، بوقف تنفيذ الحكم الصادر فى الدعويين رقم ٤٧٣٠٩ و٤٣٨٦٦ لسنة ٧٠ قضائية، والمؤيدين بالحكم الصادر من دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا رقم ٧٤٢٣٦ لسنة ٦٢ قضائية عليا.
وأشار حكم «الدستورية» إلى أن «القضاء الإدارى بنظره مدى صحة توقيع ممثل الدولة المصرية على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية، حال كونه ممنوعاً من ذلك بحسبان أن التوقيع على المعاهدات الدولية من أعمال السيادة الخارجة عن رقابة القضاء».
وأكدت المحكمة في قرارها أنه «لا يجوز أن تتدخل السلطة القضائية بجميع جهاتها ومحاكمها في العلاقات بين الدول، ولا في العلاقات بين السلطتين التنفيذية والتشريعية».
بطلب من الحكومة
وقالت مصادر قضائية مطلعة، وفقا لصحيفة «الشروق» إن هيئة قضايا الدولة، التي تنوب عن الحكومة، طلبت من رئيس المحكمة الدستورية العليا تفعيل نص الفقرة الأخيرة من المادة 32 من قانون المحكمة الدستورية العليا، التي تجيز لرئيس المحكمة الدستورية وقف تنفيذ الحكمين المتناقضين أو أحدهما حتى الفصل في النزاع القائم، وذلك بشأن قضية تيران وصنافير؛ الصادر فيها أحكام متناقضة بين مجلس الدولة ومحكمة الأمور المستعجلة.
وأضافت المصادر أن هذه الفقرة تجيز لرئيس المحكمة الدستورية وقف جميع الأحكام المتعلقة باتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والمملكة العربية السعودية والمتضمنة نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير للمملكة.
وأكدت المصادر، أن هيئة قضايا الدولة طالبت رئيس المحكمة بوقف تنفيذ حكمي القضاء الإداري والإدارية العليا الصادرين ببطلان التنازل عن الجزيرتين، وذلك بصفة مستعجلة، قبل انعقاد المحكمة لنظر دعوى تنازع الأحكام التي أقامتها الهيئة، باعتبار حدوث تناقض بين الحكمين المذكورين الصادرين عن مجلس الدولة من جهة وحكم محكمة الأمور المستعجلة بعدم جواز الرقابة القضائية على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية من جهة أخرى.
تحركات برلمانية
وشهدت الأيام القليلة الماضية تحركات برلمانية وحقوقية وصحفية وكذلك طبية مكثفة رافضة لقرار البرلمان بالموافقة على إعادة ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، مطالبين رئيس الجمهورية بعدم التصديق على تلك الاتفاقية.
ففي البرلمان طالب أكثر من 119 نائبًا في مذكرة إلى عبد الفتاح السيسى بإرجاء التصديق على الاتفاقية لحين صدور حكم المحكمة الدستورية العليا بشأنها، مستهلين مذكرتهم بتحيته بمناسبة رمضان بوصفه شهر انتصار الجيش العظيم الذي استرد الأرض بتضحيات هى الأغلى في تاريخ النضال المصري.
غضب النقابات
المحامين
فيما أعلن سامح عاشور، نقيب المحامين، رفضه لانتقال الجزيرتين من السيادة المصرية إلى المملكة السعودية مطالبًا بوضع حلول حازمة بالخضوع للاستفتاء الشعبي، أو تكوين لجنة قومية محايدة يجمع فيها كل الوثائق وعرضها على الأمة.
وأضاف «عاشور» في بيان أصدرته نقابة المحامين أن الطريقة التي أبرمت بها اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين البلدين ستؤثر حتمًا على العلاقات بين البلدين بالسلب.
وأضاف البيان: «من المستحيل تصور تواطؤ مؤسسات الرئاسة والخارجية والقوات المسلحة المصرية على التفريط في ذرة واحدة من تراب مصر، ولا أحد يقبل على الإطلاق بسقوط الدولة المصرية أو أيا من مؤسساتها».
الصحفيين
صحفيا أصدرت صحفيون بيانًا أعلنوا فيه أن عدد الصحفيين الرافضين لسعودية الجزيرتين وصل إلى 1036 صحفيًا, ووصف البيان تلك الاتفاقية بأنها باطلة بطلانًا كاملاً ومنعدمة لمخالفتها أحكام الدستور، والحكم القضائي النهائي والبات الصادر من المحكمة الإدارية العليا.
وأضاف بيان الصحفيين: «يطالب الصحفيون الموقعون على البيان مؤسسات الدولة باحترام الدستور والقانون، ودماء الشهداء التي سالت دفاعًا عن الأرض المصرية، فإنهم يشددون على رفضهم لكل إجراءات التنازل عن الجزيرتين، ويعتبرون موافقة البرلمان عليها بمثابة إسقاط لشرعيته الدستورية والأخلاقية، وهو السقوط الذي يمتد لكل من خطط وشارك وأيد وأدار جريمة التفريط في الأرض المصرية».
الأطباء
وذاع صيت الأزمة في نقابة الأطباء أيضًا, حيث أثارت موافقة البرلمان على الاتفاقية خلافًا داخل نقابة الأطباء بعدما أصدر 6 أعضاء بالمجلس بيانًا انتقدوا فيه إحالة السيادة على جزيرتي «تيران وصنافير» إلى السعودية، داعين النقابات المهنية للاعتراض على ذلك، بينما أكدت الدكتورة منى مينا وكيل النقابة، أنهم «كمؤسسة مهنية نقابية ليس لهم علاقة بهذه القضية السياسية والوطنية المهمة».