ذهبت التقديرات الإسرائيلية بشأن الأزمة الخليجية لترى فيها فرصة لتقويض القضية الفلسطينية وضرب حركة المقاومة الإسلامية «حماس» دبلوماسيا، والترويج لقبول «إسرائيل» في العالم العربي وعدم النظر إليها عدوا، وتطبيع العلاقات معها تحت ذريعة مكافحة «الإرهاب».
وتبنت «إسرائيل» وإعلامها مزاعم السعودية بشأن التهم التي وجهتها لقطر باحتضان حماس والإخوان المسلمين ودعم إيران والنظام السوري وحزب الله اللبناني، إذ تراهن تل أبيب على الأزمة الخليجية لتقويض حماس وإعادة ترسيم السياسات الإقليمية بما يتماشى مع الرؤية الإسرائيلية التي تتطلع لتسوية سياسية مع الدول العربية بمعزل عن القضية الفلسطينية.
أزمات وهواجس
ورغم الاهتمام الإعلامي والسياسي في «إسرائيل» بالأزمة الخليجية وتبني الرواية السعودية، فإن محرر الشؤون العربية والشرق الأوسط في الإذاعة الإسرائيلية عيران زينجر، يعتقد أن تل أبيب ليست طرفا في ما يحصل، لكنه يقول أيضا إن «إسرائيل» تحتاج وساطة قطر لمعالجة القضايا الشائكة في قطاع غزة وما يتعلق خصوصا بإعادة الإعمار، مؤكدا أن قطر هي الممول والداعم الأكبر لغزة في وجه الحصار.
وأضاف «زينجر» في تصريحات صحفية أنه رغم التصريحات الإسرائيلية الرسمية الداعمة لموقف السعودية ضد قطر وحماس، فإن هناك مخاوف لدى تل أبيب وحتى هواجس إقليمية من أنه في حال تدهورت الأوضاع بين الرياض والدوحة، فسيكون لذلك تداعيات وانعكاسات سلبية على المنطقة، وقد تتفاقم أزمة غزة وتتسبب بشرخ وأزمات داخل حركة حماس نفسها، مما يقود لمواجهة عسكرية بين إسرائيل وحماس حتى لو كان الجانبان غير معنيين بذلك.
التخلي عن حماس
ورجح «زينجر» أن الهدف من محاصرة قطر هو ممارسة الضغوط عليها بحسب المواقف التي عبر عنها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه أفيغدور ليبرمان، بغرض التخلي عن حماس وإعادتها للحلف السعودي والمعسكر العربي “المعتدل” بحسب إسرائيل، التي تولي أهمية قصوى للدور القطري اقتصاديا وإن اختلفت معها سياسيا بسبب مواقفها الداعمة لحماس والإخوان المسلمين، مبينا أن كافة الأزمات التي شهدها الشرق الأوسط كانت تلقي بظلال على إسرائيل، ولا يستبعد أن يحدث ذلك حتى في الأزمة الخليجية.
أما الباحث في الشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت، فيرى أن مسارعة تل أبيب بتبني الموقف السعودي تؤكد توافق توجهات الجانبين بما ينسجم مع الرؤية الإسرائيلية للمتغيرات الإقليمية المتعلقة بقضايا الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية.
تأثُّر القضية الفلسطينية
ولفت شلحت في تصريحات تلفزيونية إلى أن إسرائيل تعول على جني الأرباح والمكاسب السياسية من وراء الأزمة الخليجية وحصار قطر وممارسة الضغوطات عليها، من خلال الرهان على إضعاف حركة حماس وتقويض نفوذها في قطاع غزة وشيطنتها في العالم العربي تحت ذريعة الإرهاب والإسلام المتطرف، وبالتالي فإن هذا الهجوم السعودي على حماس -التي هي حركة مقاومة- وتصويرها على أنها تنظيم إرهابي، يخدم ويتماشى مع الموقف الإسرائيلي الهادف لتصفية القضية الفلسطينية.
ويعتقد شلحت أن الخطورة من محاصرة قطر تكمن في اعتماد دبلوماسية جديدة بين الأشقاء والدول العربية، من شأنها أن تنعكس سلبا على القضية الفلسطينية، ولا يستبعد أن تكون الأزمة الخليجية واستهداف قطر مقدمة لنموذج قد يتم اعتماده ضد أي دولة عربية في المستقبل، وحتى ضد الفصائل والسلطة الفلسطينية، بإلزامها بتقديم التنازلات وفرض عزلة عليها ومقاطعتها لفرض تسوية سياسية إقليمية بعيدة عن تطلعات الشعب الفلسطيني.