شهدت منطقة المثلث “السورية الأردنية العراقية” قتالًا واسعًا ومفاوضات متقطعة على مدار الشهور الماضية، وتفككت التحالفات القديمة. وعلى مدى الأسابيع القليلة الماضية، أعطت وسائل الإعلام الروسية هذا المجال اهتمامًا كبيرًا، حسب تقرير نشره موقع المونيتور الأميركي؛ ويرجع ذلك إلى التصريحات المتكررة من السلطات السورية بأن غزو المناطق الجنوبية منها بمحافظة درعا يجري إعداده من الأراضي الأردنية كجزء من خطة وضعتها الولايات المتحدة، وأن دمشق ستعتبر هذا عملًا عدوانيًا.
وأضاف الموقع الأميركي، في تقرير ترجمته “وطن”، أنه يوجد في روسيا مراقبون متشددون يفسرون هذا التطور في المقام الأول من عدسة رؤية المؤامرات الغربية والحاجة إلى مزيد من الدعم القوي لرئيس النظام السوري بشار الأسد.
وزعم تقرير صحفي لبناني أن الأردن يرغب في التمدد من بلدة البوكمال، وكذلك احتلال درعا والقنيطرة؛ لتضمينهما في منطقة أردنية النفوذ. حجم هذه الخطة يتجاوز هجمات “درع الفرات” التي قادتها تركيا، وعلى الرغم من نفي عمان لهذه الشائعات؛ فسّر البعض في موسكو ذلك بأنه علامة على الحزم الأردني في مواجهة الضغوط الأميركية.
ويبدو أن تصريحات دمشق عنصر دعاية قوية هدفها تحييد نجاحات المعارضة في الحرب ضد تنظيم الدولة في شرق القلمون ولشن هجوم في غرب دير الزور باستخدام قواتي الجيش والدفاع الوطني والمليشيات الشيعية لتقسيم الثوار في شرق القلمون والحدود الأردنية، ويأمل النظام في التقدم إلى مخيم التنف أيضًا.
مقاصد وأغراض
والحقيقة أن غزو البريطانيين والأميركيين والأردنيين في سوريا، سواء في الشمال أو الجنوب، وقع منذ زمن طويل؛ لجميع المقاصد والأغراض.
وفي مخيم “التنف”، هناك أشخاص مدربون وائتلاف وحدة من قوات العمليات الخاصة يتصرفون مع المعارضة لتشكيل منطقة عازلة تتراوح بين عشرة و15 كيلومترًا في عمق الأراضي السورية بالقرب من الحدود مع الأردن؛ حيث تشرف القوات الأميركية والبريطانية على الخطة.
وتعتبر “البوكمال” مدينة مهمة وبوابة حدودية استراتيجية، والسيطرة عليها هدف للولايات المتحدة والجماعات الأخرى؛ فمن مصلحة الولايات المتحدة أولًا السيطرة عليها وإقامة منشأة عسكرية لمراقبة الحدود.
ومن وجهة نظر عسكرية، ليس واضحًا هدف الولايات المتحدة وقوات التحالف من الاستيلاء على كامل “المثلث الجنوبي” جنبا إلى جنب مع الجيوب الدرزية. ومع ذلك، هناك مواجهة بين جيش الثورة المغوار وقوات النظام.
ممر شيعي
وهكذا تستخدم دمشق فكرة غزو قوات التحالف الغربي في الأردن وعرض الصور التي تروّج لمزاعمها، كما تستخدم الطائرات من دون طيار والعربات المدرعة، لمواجهة المعارضة في شرق القلمون والتنف والتقدم نحو دير الزور على طول الطريق السريع بين دمشق وبغداد.
وتشجع وسائل الإعلام الموالية للحكومة هذا العمل بالقول إن السوريين بحاجة إلى تطوير العلاقات التجارية مع العراق. ومع ذلك، من الصعب أن نتصور أن أي علاقات تجارية ممكنة في المدى المتوسط؛ لا سيما في ظل استمرار الهجمات في جميع أنحاء العراق، بما في ذلك محافظة الأنبار الواقعة على الجانب الآخر من الحدود من مخيم التنف.
ومن الواضح أنه من غير المرجح أن تتخلى القوات السورية عن السيطرة على هذه المنطقة الحاسمة عند تقاطع الأردن والعراق؛ فبعد التقدم نحو “البوكمال” تعتزم التشكيلات الموالية للحكومة -على الأرجح- تنظيف هذه المنطقة حتى مدينة تدمر، وبناء عليه يجب القيام بهجمات ضد المعارضة في شرق القلمون؛ وفي هذه الحالة يمكن أن تلجأ دمشق وإيران مرة أخرى إلى استدعاء إرهابيي القاعدة لخلق ممر شيعي من سوريا إلى العراق.