قال مجمع البحوث الإسلامية، التابع للأزهر الشريف، إن ما صدر عن الدكتور سالم عبدالجليل من تصريحات بشأن الديانة المسيحية والمسيحيين “تعبير عن رأيٍ شخصيٍ له، وهو لا يعبر عن الأزهر الذي لا يملك تكفير الناس، ولا عن أي هيئة من هيئاته المنوط بها التفسير والتحدث باسمه”.
وناقش المجمع في جلسته المنعقدة بمشيخة الأزهر اليوم الخميس ما قاله سالم عبدالجليل في برنامجه “المسلمون يتساءلون” منذ يومين أثناء تفسيره للآية رقم 90 من سورة “آل عمران” بأن المسيحيين واليهود بـ”الكفار”، والذين يعملون السيئات أو الكفار لن تُقبل توبتهم عند الموت، وبعض النصارى واليهود كفروا بعد إيمانهم؛ حيث إنهم آمنوا بعيسى وموسى، ولكن كفروا بمحمد.
وقال المجمع إنه لا يمثل الأزهر الشريف إلا الإمام الأكبر شيخ الأزهر، والقرارات الصادرة من هيئة كبار العلماء مجتمعة، ومجمع البحوث الإسلامية مجتمعًا، أو دار الإفتاء فيما تصدره من فتاوى تلتزم بالأصول الإسلامية التي لا خلاف عليها في الأزهر الشريف وبين علمائه.
وقال إن “ما صدر من الدكتور سالم عبدالجليل لا يعبر عن الأزهر الشريف، الذي يحرص كل الحرص على البر والمودة والأخوة مع شركاء الوطن من الإخوة المسيحيين. كما أمر بذلك القرآن الكريم، ويهيب بالمتحدثين في الشأن الديني ألا يكونوا أدوات تستغل لإحداث الفتن وضرب استقرار المجتمع، كما يهيب بالجميع أن يلتزموا بقيم الإسلام ومبادئه وأحكامه، وأدب خطابه”.
لا جرح للمشاعر
يصف الدكتور سالم عبدالجليل نفسه “عالمًا أزهريًا وسطيًا”، وحصل على درجتي الماجستير والدكتوراه من جامعة الأزهر في “الأديان والمذاهب”، وشغل مناصب مدير عام الإرشاد الديني والمكتبات ورئيس الإدارة المركزية لشؤون الدعوة الإسلامية ووكيل وزارة الأوقاف سابقًا، وحاليًا مستشار المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بمصر، وأستاذ الثقافة الإسلامية بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، وعميد مركز الثقافة الإسلامية والمعهد العالي للدراسات الإسلامية بمسجد الحمد بالتجمع الخامس.
وبعد الهجوم الذي تعرض إليه من إعلاميين موالين لجهاز الأمن الوطني ومن مؤسسات رسمية أيضًا، قال في بيان على صفحته الرسمية بموقع “فيس بوك”: “ما صدر مني في إحدى حلقات برنامجي اليومي المذاع على قناة المحور الفضائية كان في سياق تفسيرنا لسورة آل عمران (ضمن تفسير للقرآن بدأ منذ أكثر من سنة) وتحديدا لقول الله تعالى في سورة آل عمران: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ ٱلْإِسْلَٰمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِى ٱلآخِرَةِ مِنَ ٱلْخَٰسِرِينَ (٨٥)}، وحيث إنّ البعض اعتبر فيه جرحا لمشاعر الإخوة المسيحيين فأنا عن جرح المشاعر أعتذر”.
وأضاف: “أكرّر تأكيدي على ما أكّدتُه في نفس الحلقة المشار إليها: الحكم الشرعي بفساد عقيدة غير المسلمين (في تصورنا) كما أن عقيدتنا فاسدة في (تصورهم) لا يعني استحلال الدم أو العرض أو المال [بأي حال من الأحوال]، وقلت هذا على الهواء وأكّدته بالفعل منذ أسابيع حين عزّيت على الهواء قسيسا كان ضيفا على القناة يوم التفجيرات الإرهابية الآثمة”.
معنى “كُفر”
وقال سالم عبدالجليل إن “كلمة كفر الواردة في القرآن الكريم تعني المغايرة والتغطية وليس مقصودًا بها من قريب أو من بعيد المعنى المتداوَل في مصر حديثًا من كون كافر وصفًا مهينًا لاحتقار الشخص السيئ الخلق والفاجر في الظلم؛ فهذا المعنى لهذه الكلمة ليس في اللغة العربية، ولم يكن حتى على زمن نزول الوحي”.
وقال إن القرآن لا يمكن أن يوجه إهانة لغير المسلمين، مضيفا: “وهو يجرّم عليّنا سبّ أصنام المشركون، فكيف بالعقل والمنطق سيستخدم كلمة فيها إهانة وسبّ لإنسان فضلا عن أنه من أهل الكتاب”.
جلسة محاكمة
وحددت محكمة جنح أكتوبر جلسة 24 يونيو المقبل لنظر قضية محاكمة سالم عبدالجليل بتهمة ازدراء الأديان؛ بعدما تقدم المحامي سمير صبري ببلاغين إلى النائب العام والمحامي العام الأول لنيابة أمن الدولة العليا ضده بشأن تصريحه المذكور.
وقال سمير صبري في بلاغه: “إن جهد مائة عام، بل مئات الأعوام من التنوير ونزع فتيل الطائفية وإشاعة قيم المحبة والسلام في بلادنا حتى نكف عن المراهقات الطائفية ونلتفت للعمل والبناء ينسفه مثل هذا الرجل في نصف دقيقة”.
وأضاف: “ما صرح به المشكو في حقه عن أشقائنا الأقباط من ركاكات ومراهقات فكرية، حيث إن ما ردده يُحدث قطعًا غائرًا في شرفاء طيبين لم يجرحونه لا بقول ولا بسيف ولا بحزام ناسف ولا بقنبلة؛ إنما يتحملون هذه السخافات، وبدلًا من أن نكف ونحترم أنفسنا يواصل المشكو في حقه السخافات والانهيار الفكري والسفه اللفظي الذي يتلوه دائما سفه إرهابي يدمر مصر وشعبها”.
إلغاء تعاقده مع “المحور”
كما أعلنت قناة المحور إنهاء تعاقدها مع الدكتور سالم عبدالجليل بعد وصفه المسيحيين واليهود بـ”الكفار”، وقالت في بيان إعلامي: “نتقدم بخالص اعتذارنا عما جاء على لسان أحد مقدمي برامجنا الدينية من تراشق مع عقيدة الإخوة المسيحين، فيما تراه إدارة المحور غير مُعبر عن رسالتها بأي حال من الأحوال، وهي التي تتبنى منذ انطلاقها عام 2002 من الرأي والرأي الآخر دون مساس أو تجريح”.
وتابعت: “بناء عليه، فقد قررت إدارة قناة المحور برئاسة حسن راتب إنهاء التعاقد مع الشيخ سالم عبدالجليل من تاريخه، مع الحفاظ على برنامج (المسلمون يتساءلون) احترامًا لمشاهديه، وباعتباره من أقدم برامج القناة وعلامة مضيئة على درب الإسلام السمح ورسالته المتوازنة الحاضنة لجميع الرسالات السماوية”.