لاتزال قضية زواج القاصرات تشغل الرأي العام والجمعيات الحقوقية، بسبب انتشارها بشكل مبالغ فيه في أرجاء الوطن العربي، رغم القوانين والعقوبات التي يتم سنها في مواجهة تلك الظاهرة.
وفي آخر تقرير لليونسيف، تحدث عن زواج الأطفال، أشارت إلى أن ثلث النساء البالغات من العمر بين 20 إلى 24 عام حاليا، قد تزوجن في سن أقل من 18 عاما.
وقالت الأمم المتحدة، أن 14 مليون فتاة تتزوج في سن قاصر سنويا، وبحسب الإحصاية فإن الدول العربية بها نسب عالية من هذه الزيجات على النحو التالي: اليمن 32%، وفي لبنان تمثل 6% من مجموع حالات الزواج وفي المغرب فتمثّل 16%، وفي مصر 17%، وفي فلسطين تصل إلى 21%، بينما تأتي أقلهم في تونس والجزائر بنسة 2 %.
واهتمت السينما والدراما التلفزيونية بالظاهرة بسبب انتشارها الملحوظ، خاصة في البيئة الفقيرة وبين الأسر غير المتعلمة، فرصد عدد من الأعمال الفنية مساوئ الظاهرة من خلال تجسيد بعض الشخصيات التي تتعرض لهذه التجربة، ومنها من استوحى أعماله من قصص واقعية.
أعمال فنية رصدت الظاهرة
فيلم نور اللبناني
خرج الفيلم اللبناني “نور” إلى شاشات العرض أمس، بعد تصويره، بحوالي 3 سنوات، حيث يتناول قصة فتاة صغيرة اسمها نور، تبلغ من العمر 15 عاما، وهي من عائلة ريفية، وتدور أحداثه عن تحول الحياة النابضة بالحيوية والبراءة إلى حياة قاسية معنفة، تتعرض لها الفتاة بعد تزويجها من شاب ثلاثيني.
ويناقش الفيلم الظاهرة في لبنان، خاصة وأن قوانين الأحوال الشخصية تتعدد بتعدد الطوائف داخل الدولة، مما يجعل تحديد سن قانوني، صعب تطبيقه.
المغربي “حياة بريئة”
استطاع هذا الفيلم أن يحصد جوائز متعددة، في مهرجان مكناس للدراما التلفزيونية، لدورته السادسة، ويتناول الظاهرة، من خلال طبيبة تعمل في قرية، على سفح جبل، لتلاحظ سن الزوجات الصغير والامهات التي لم تتعد سن الزواج الرسمي، وتحاول إنقاذ إحدى الفتيات من عائلتها بمساعدة شاب تعرض لأزمة نفسية عقب تزويجه من فتاة صغيرة تموت يوم زفافها.
الفيلم اليمني “أنا نجوم بنت العاشرة ومطلقة”
هذا الفيلم، مستوحى من قصة حقيقية لفتاة تدعى نجود، أثيرت قضيتها عام 2008، وتدور أحداث الفيلم في صنعاء، حيث ترغم عائلة بنتها التي تبلغ من العمر 10 سنوات على تزويجها لرجل يكبرها بعشرين عاما، وهي لا تعرف شيئا عن الزواج غير الفستان الأبيض والحفلات.
المسلسل المصري القاصرات
يرصد المسلسل قصة عبد القوي التاجر بالصعيد الذي يهوى الزواج من القاصرات ونرى كيف يشتري الرجل المسن الفتاة الصغيرة بماله من أهلها الفقراء لتعيش حياة قاسية تضطر فيها الطفلة على مجاراة رجل تجاوز الستين من عمره انتهك طفولتها وبراءتها.
الوثائقي التركي”جرووينج أب ماريد” أو “أن تكبري متزوجة”
يتناول فيلم “جرووينج أب ماريد” أو “أن تكبري متزوجة”، تأثير تزويج الصغيرات وذلك من خلال قصة تزويج أربع نساء في سن المراهقة في غرب تركيا.
زواج فاطمة
يحكي قصة فتاة قاصر يجبرها والدها على الزواج من شاب ميسور الحال بالمنطقة، رغم رفضها التام لهذا الزواج.
قانون الأحوال الشخصية
وينص قانون الأحوال الشخصية المصري، للمسلمين، على مادة تمنع توثيق الزواج، لمن هم دون الـ 18 عاما، حيث يقول نص المادة: “لا يجوز توثيق عقد زواج لمن لم يبلغ من الجنسين ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة … ويعاقب تأديبيًا كل من وثق زواجًا بالمخالفة لأحكام هذه المادة”، إلا أن تحايل العائلات بالمواططئة مع موظفين يقومون بإصدار شهادات لتوثيق الزواج بسن مخالف للحقيقي لإتمام عقد الزواج.
كما تضطر بعض العائلات بتزويج بناتهم، بعقود غير رسمية، حتى لا يكون هناك مخالفة قانونية لهم.
موقف الأزهر
وأشار الأزهر في مقال له على موقعه، إلى موقفه من قضية زواج القاصرات، والاختلاط بين سن التزويج بين الحاضر والماضي، قائلا: “يجب أن يراعى عند طرح هذه القضية أنها مما يتغير بتغير الأعراف وأحوال الناس وأن ما كان سائغا في زمان قد يكون منكرا في غيره وعليه فإن إقحام الدين وجعله سيفا مسلطا على أفعال الناس وعاداتهم في مثل هذه القضية يعتبر متاجرة به”.
وأضاف المقال، أنه “على المثير لقضية زواج الصغيرات وعلى الرابط بينها وبين الإسلام أن يدرك أن الزواج شعيرة مباحة في الشرع تصبح مقننة حسب عادات وثقافات الناس بما لا يكون فيه ضرر لأي من أطراف هذه المنظومة، وعليه أن يدرك أن العقل والمنطق والموضوعية في البحث والدراسة لا تجوز أن نحاكم التاريخ بطبيعة وعقلية وقوانين الحاضر”.