أكدت منظمة العفو الدولية، بعد منظمة هيومن رايتس ووتش، صحة فيديو مسرّب يظهر تورط جنود من الجيش المصري في قتل مدنيين بشمال سيناء؛ وطالبت المنظمتان السلطات المصرية بإجراء تحقيق في وقائع القتل خارج إطار القانون ومعاقبة المسؤولين عنها.
إلا أن السلطات المصرية التزمت الصمت حتى الآن حيال الفيديو الذي أكدت المنظمتان صحته، ولم تكن هذه المرة الأولى التي تلتزم فيها القوات المسلحة الصمت حيال اتهامات أو تسريبات تخص الجيش أو أيًّا من وحداته؛ لكن الفارق هذه المرة يكمن في كون “فيديو سيناء” يحوي مشاهد واضحة لقتل أفراد من الجيش لمدنيين عُزّل ليسوا في موقف مواجهة حربية.
فماذا وراء صمت السلطات المصرية عن تأكيد منظمات حقوقية دولية صحة التسجيل المصور؟ وما الذي يضير السلطات بالنفي أو التوعد بفتح تحقيق في الأمر؟
حرب نفسية
في هذا الصدد، وصف المحامي والناشط الحقوقي والسياسي المصري أسعد هيكل التسجيل المصور المذكور بأنه “مفبرك جملة وتفصيلًا، وأمره مكشوف ومعلوم”.
وأضاف أن بث التسجيل يأتي في إطار حرب نفسية ضد الجيوش العربية، بدأت بحل الجيش العراقي ومحاولة تفكيك الجيش السوري “ويحاولون الآن النيل من الجيش المصري، آخر الجيوش العربية التي ما زالت تحتفظ بقوتها ووحدتها وسلامتها”.
وقال إن عدم صدور بيان رسمي من السلطات المصرية عن تأكيد منظمتي العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش صحة الفيديو يعود إلى أن الأمر لا يستحق؛ لأنه يجيء في إطار الحرب الإعلامية الحديثة ببث الصور المفبركة واستخدامها على شاشات التلفزة.
استخفاف وتعتيم
من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة الدكتور سيف الدين عبدالفتاح إن شريط الفيديو يؤكد ممارسات حقيقية يقوم بها العسكر، وهو فيديو مؤكد وتسنده قرائن؛ منها قول عبدالفتاح السيسي في وقت سابق إن القوانين في البلاد تغل يد العدالة الناجزة وإعلان الطوارئ أولا في وقت سابق بسيناء، ثم في عموم أرض مصر مؤخرًا.
واعتبر عبدالفتاح في تصريحات تلفزيونية أن عدم صدور بيان رسمي من السلطات المصرية بشأن الفيديو يأتي في إطار استخفاف وتعتيم اعتاد عليهما الجيش المصري عندما يكون الأمر في غير صالحه. وأضاف أن هالة القداسة التي تحيط بالعسكر يجب أن تنتهي.
كما دعا إلى التفريق بين العسكر والجيش، مشيرًا إلى أن العسكر هم قادة الجيوش الذين يتلاعبون بها ويجعلون لها دورًا غير دورها الأساسي في حماية الحدود والوجود، واصفًا الجيش المصري بأنه تحوّل من الجيش الذي حقق نصر أكتوبر إلى جيش “البزنس” المنخرط في السياسة والأعمال في عهد السيسي.
وقف المساعدات
بدوره، نفى الناشط الحقوقي المصري هيثم غنيم أن يكون شريط الفيديو مفبركًا، موضحًا أن منظمتين دوليتين موثوقتين هما منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش أثبتتا صحته.
ودعا غنيم إلى المطالبة بوقف المساعدات العسكرية للجيش المصري من الولايات المتحدة؛ خاصة أنها تستخدم في قتل المدنيين.
كما دعا إلى رفع دعاوى قضائية على الشركات التي تصدر الأسلحة للجيش المصري الذي يراد له أن يتحول من مؤسسة عسكرية إلى مليشيات مسلحة، مشيرًا إلى أن ذلك سيكون كارثة تسير إليها مصر في ظل نظام السيسي بخطوات سريعة.