أكد الدكتور صابر حارص – أستاذ الإعلام السياسي, ورئيس وحدة بحوث الرأي العام بجامعة سوهاج – أن عدول الرئيس عن قراره بعودة البرلمان سلوك يتجاوز الحدود البشرية في مواجهة النفس والتعصب للقناعات الخاصة، وأن هذا السلوك يصبح مستحيلا بالنسبة للرؤساء الذين يُخوِّل لهم الدستور صلاحيات سيادية في أي بلد بالعالم تنتهي بانتصار الرئيس.
درس في المواطنة
وأضاف حارص: إن قرار الرئيس في ظل مناخ سياسي يُسمم البيئة المصرية بالتهور والغوغائية, ويُولد العند والتعصب واستغلال النفوذ يعكس نمطا أخلاقيا جديدا على البيئة المصرية، ويُعطي درسا في المواطنة يخضع فيه الرئيس للقانون كأي مواطن عادي، ويدعو أساتذة الأخلاق في العالم لتحليل وتأمل سلوك الرؤساء الذين لا يخضعون للقانون حتى في جرائم القتل والخيانة العظمى.
إعلاؤه للمصلحة الوطنية
ولفت حارص إلى أهمية دلالات هذا القرار في استقلالية الرئيس في وقت مبكر عن أي جماعة أو تيار سياسي, وإعلائه للمصلحة الوطنية فوق أي اعتبار سياسي، واحترامه للقانون والدستور حتى في حال اعتراضه مع قناعات الرئيس القانونية الخاصة رغم وجود تيار قانوني محترم وموثوق فيه يرى سلامة قرار الرئيس بعودة البرلمان قانونا ودستورا، وأضاف حارص: إنه لا يمكن فهم سلوك الرئيس المتحضر في ظل مواءمات سياسية أو قيم غربية في احترام القانون؛ لأن هذا كله غير موجود على أرض الواقع، ولكنه سلوك تحتكره فقط نمط التربية الإسلامية التي نشأ عليها الرئيس, وغلفت أسرته وجماعته التي ينتمي إليها.
قفز على توقعات مؤيديه ومعارضيه
وأوضح حارص أن قرار الرئيس قفز بسرعة متناهية على توقعات الشعب المصري كله مؤيديه ومعارضيه, ووضع الرئيس في مقام القدوة الحقيقية التي يفتقدها المشهد السياسي المصري منذ زمن بعيد, وألقى بالكرة في ملعب الآخر سواء كانت المؤسسة القضائية أو المؤسسة العسكرية؛ لتتبنى رد فعل مساو في الوطنية واحترام الدستور، وأضاف حارص: إن رد الفعل هذا يجب أن يظهر في إعادة النظر بإلغاء الإعلان الدستوري المكمل الذي صدر في ظروف استثنائية, ويتسبب الآن في احتكار إرادة الشعب لغير ذي صفة وتخصص, ويعود بالممارسة التشريعية إلى استبداد القرار بدلا من الشورى, وينتقص من صلاحيات الرئيس بما يُعطل مشروعات قومية وثورية ويقوض انطلاقة الجمهورية الثانية نحو البناء والتطهير والإصلاح.
إلغاء المكمل والحفاظ على التأسيسية
وقال حارص: إن أقل رد فعل من جانب المؤسستين العسكرية والقضائية على قرار الرئيس يجب أن يظهر بسرعة في اتجاه إلغاء الإعلان الدستوري المكمل, والحفاظ على الجهود التي أنجزتها اللجنة التأسيسة للدستور خاصة بعد الوفاق الكبير الذي أظهرته القوى السياسية على مواضع الخلاف الدستوري كالمادة الثانية, وباب الحريات، وأشار حارص إلى أهمية تناغم السلطات الثلاث على طريقة سلوك الرئيس في العدول عن قراره حتى تعلو المصلحة الوطنية على حساب النزعات السياسية والذاتية.