مثّلت دول شرق آسيا قلقًا كبيرًا للجانب الأميركي والعالم، خاصة في الفترات الأخيرة؛ حيث تواجه أميركا وحلفاؤها تهديدات نووية من نظام كوريا الشمالية، إضافة إلى ضرورة تعاملها مع الجانب الصيني وإقناعه بالانضمام إليها.
وقالت صحيفة الإيكونوميست في تقرير لها إن تعامل الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع الرئيس الكوري سيكون واحدة من أعقد المهام التي سيمر بها، بالإضافة إلى كيفية تعامله مع الصين، مضيفة أنه لا يوجد أي حل جيد حتى الآن؛ إلا أنه يجب الوصول إلى الحل الأقل ضررًا، موضحة أنه لفعل ذلك يجب معرفة نظام الدولتين، كما أن ذلك سيتطلب صبرًا.
وقال الرئيس الأميركي في تصريح له إنه لا يملك كثيرًا من الخيارات عندما يتعلق الوضع بكوريا الشمالية، بينما قال نائبه إن كل الخيارات متاحة.
وأضاف التقرير أن الرغبة في فعل شيء ما بشكل سريع تعتبر أمرًا عاطفيًا، مؤكدًا أنه يجب الأخذ في الاعتبار ديكتاتورية دولة تعاقب أبناء الحكام على عدم ولائهم أو أفكارهم وخطورة ذلك؛ ولذا يجب التفكير في خطره على أميركا.
واعتبر التقرير أن الاقتراحات التي تطالب بضربات استباقية على كوريا الشمالية متهورة؛ إذ إن كوريا لديها أجهزة نووية مخبأة، وتنتشر صواريخها على قاذفات متنقلة، موضحًا أنها يمكن أن تستهدف اليابان أو كوريا الجنوبية الحليفتين لأميركا، بالإضافة إلى إمكانية تحول الصراع سريعًا إلى حرب نووية تتسبب في قتل ملايين.
وأكد التقرير أنه على الرغم من تهديدات ترامب؛ فإن تحركاته العسكرية الحذرة في سوريا وأفغانستان تشير إلى عدم رغبته في بدء حرب مع كوريا الشمالية، ولكن يجب أن تعلم أميركا أن الرئيس الكوري قد يأمر بضربة نووية استباقية إذا شعر أن هناك تهديدًا؛ ولذا يجب على ترامب أن يخفف من حدة خطاباته.
وأشار إلى أنه رغم غرابة الرئيس الكوري؛ إلا أن له أسبابه؛ حيث شاهد تخلي القائد الليبي معمر القذافي عن برنامجه النووي من أجل علاقات أفضل مع الغرب وانتهى به الأمر مقتولًا. ولذا؛ يرى “كيم” أن ترسانته النووية ضمانة على نجاته ونظامه، ولا يمكن لترامب تغيير رأيه، كما فشلت العقوبات الاقتصادية على شعبه أنه تثنيه عن تحركه؛ ولذا فإن الطريق الوحيد لحل هذه الأزمة في وساطة صينية.
وأوضح أن الصين لديها نفوذ على كوريا الشمالية؛ حيث تمثل نسبة 85% من التجارة الخارجية لكوريا، ويمكنها إيقاف إمدادات النفط. ولكنها تعتبر حليفة لكوريا الشمالية؛ ولذا فإنها لا تملك مصالح أميركا نفسها.
وأضاف التقرير أنه على الرغم من عدم تفضيل الصين لنظام كيم؛ فإنها لا ترغب في انهياره وإعادة اتحاد كوريا الشمالية مع الجنوب الديمقراطي. ومن مخاوفها أن تخسر حاجزها القيّم؛ حيث يتمركز حوالي 28500 من قوات أميركا في الجنوب ولا ترغب الصين في وجودهم على حدودها.
ورأى التقرير أنه إذا رغب ترامب في احتواء الأزمة الكورية فيجب عليه التواصل مع الصين، ومع غريزته في عقد صفقات. وقال الرئيس الأميركي الأسبوع الماضي إن عقد الصين لصفقة تجارية مع أميركا سيكون أفضل إذا قاموا بحل أزمة كوريا الشمالية، وشرح بعد ذلك أن قراره بعدم اعتبار الصين دولة تتلاعب بالعملات جاء لرغبته في حث الجانب الصيني على المساعدة في أزمة كوريا الشمالية. ويعتبر هذا التحرك صحيحًا؛ ولكن تحوَّل ترامب إلى نهج دبلوماسي يعد خطأ أيضًا.
وأوضح التقرير أن العالم سيصبح مكانًا أخطر إذا بدأت أميركا في كسر قواعدها من أجل حل مشكلات أخرى، ولكن الحل الأمثل على تصاعد الصين الحالي وعقدها لمثل هذه الصفقات هو أن تتمسك أميركا بقواعدها والنظام العالمي وتدعو الصين إلى الانضمام إليها بفاعلية.
وشدد التقرير على أمل الجميع في أن يقنع ترامب أو الدبلوماسيون الأميركيون الجانب الصيني أنه في مصلحته إيقاف كوريا الشمالية، وأفضل طريقة لذلك أن تتحدث أميركا عن كوريا نفسها وليس عن مشاكل الدولتين.
وأشار إلى أنه ليس من مصلحة الصين إذا قامت كوريا الشمالية بزعزعة استقرار آسيا أو بدء سباق أسلحة في المنطقة؛ وهو ما سيقود كوريا الجنوبية واليابان نحو بناء أسلحتهما النووية الخاصة.
وأكد التقرير حتمية طمأنة أميركا لحلفائها في سيول وطوكيو أنهما ما زالا تحت حمايتها، ويجب عليها أيضًا التعامل مع مخاوف الصين، ويجب أن توضح أن هدفها هو وقف البرنامج النووي الكوري وليس تغيير نظام كوريا الشمالية.
ولذا؛ يجب أن تكون الرسالة الحاسمة للرئيس الكوري أنه في حالة استخدامه للسلاح النووي سيتم التخلص من نظامه.