في مقابلة تلفزيونية، قال اللواء أحمد عسيري، مستشار وزير الدفاع السعودي والمتحدث باسم قوات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، إن مصر عرضت المشاركة في تحالف دعم الشرعية في اليمن في بدايته، بقوة برية قوامها نحو 40 ألف جندي.
جاء هذا في تصريحات له خلال لقاء مع الإعلامي السعودي تركي الدخيل على فضائية العربية السعودية، مساء الأحد، 16 أبريل 2017، وقال عسيري: “عبدالفتاح السيسي عرض على الحكومة السعودية وعلى التحالف قواتٍ على الأرض”.
وفي رده على سؤال عن حجم القوات المصرية المشاركة في تحالف دعم الشرعية في اليمن، قال عسيري: “الجيش المصري يشارك في الجهد البحري وفي الجهد الجوي (حالياً)، ولكن كنا نتكلم آنذاك (في بداية العمليات) عن المشاركة بنحو 30 إلى 40 ألف جندي كقوات برية”.
وبيَّن “أن منهجية العمل في اليمن هي عدم وضع قوات غير يمنية على الأرض اليمنية”.
ترميم العلاقة
السياسي الأردني، نصير العمري، قال إن النظام المصري والسعودي يتحركان الْيَوْمَ بدوافع ومخاوف إستراتيجية خطيرة تتقاطع أحيانًا وتفترق أحيانًا أخرى، مضيفًا: “نظام السيسي لديه مشاكل إقتصادية عميقة تشكل هاجسه الأول بعد سيطرته الأمنية في الداخل المصري”.
وأضاف “العمري” في تصريحات لـ”رصد”: “السعودية تشكل مصدر دخل محتمل للنظام المصري إذا إستطاع أن يوظف الجيش المصري كمرتزقة في الملف اليمني الذي فشل النظام السعودي بإغلاقه عسكريا”، مشيرًا إلى أن النظام المصري بتنسيق أميركي يحاول ترميم العلاقة المصرية السعودية لخدمة هدف إحتواء ايران في اليمن.
وتابع: “المشكلة أن النظام السعودي لا يحب المقايضة ويفضل الإملاء على النظام المصري، ورفض السعودية للمساعدة العسكرية المصرية سببه أنه يضع النظام المصري في موقف الحامي والمدافع عن السعودية بشروط ربما تتغير على أرض المعركة في اليمن فيتحول الوجود المصري كعامل ضغط على النظام السعودي ماليا وسياسيا”.
من جانبه، طالب الدكتور خالد رفعت مدير مركز طيبة للدراسات السياسية والاستراتيجية وأحد أبرز مؤيدي عبدالفتاح السيسي، برد رسمي مصري فورًا على تصريحات اللواء أحمد عسيري المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف لدعم الشرعية في اليمن، وقال “رفعت” إن السكوت على تلك التصريحات مهزلة تهدر سمعة مصر وجيشها الوطني.
وكتب “خالد” عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: “مطلوب رد رسمي فورًا.. تتناول منذ الأمس كل صحف ومواقع العالم تصريحات أحمد عسيري مستشار وزير الدفاع السعودي والمتحدث الرسمي باسم قوات التحالف بكثافة غير طبيعية على أنها حقيقية وموثقة”.
وتابع: “المتحدث الرسمي للتحالف صرح أن السيسي هو اللى عرض على السعودية أن ترسل مصر من 30 إلى 40 ألف جندي مصري للحرب فى اليمن.. وأن السعودية هي اللي رفضت ذلك!!.. وأن مصر تقتصر مشاركاتها الآن على الجهد البحري والجوي مع التحالف”.
ومضى بالقول “: لا يمكن الصمت تجاه هذه التصريحات أبدًا لسببين.. الأول هو انتشارها فى العالم كله الآن وبكثافة غير طبيعية.. ثانيًا لأن من أطلقها هو المتحدث الرسمي لقوات التحالف نفسه”.
وشدد على أن” :الصمت على هذه التصريحات يعطيها مصداقية أكثر ويوسع من انتشارها أكثر وأكثر.. لا شئ يمكن أن ينهي هذه المهزلة سوى الرد الرسمي.. دى سمعة مصر وسمعة جيش مصر.. وده دور بل واجب المتحدث الرسمي للقوات المسلحة بما يتمتع به من مصداقية مش دور واحد زى مصطفى بكري!”، حسب قوله.
واختتم قائلًا: “تخيلوا مثلا إن المتحدث الرسمي للقوات المسلحة المصرية يخرج بتصريحات زى دى عن جيش دولة تانية.. ساعتها لابد أن ترد الدولة التانية بالنفى وفورا”.
اليمن لا ينقصها جنود
الناشط الشبابي اليمني، باسم مغرم، قال إن الموقف ليس غريبا او جديدا على مصر العروبة فقد شاركت من قبل عام 1962 ب70 الف جندي؛ وذلك دعما للثورة اليمنية ضد قوى الامامة والملكية آنذاك، ولن يكون بجديدا عليها المشاركة في دحر احفادهم المتمثلين بالحوثيين.
وأوضح في تصريحات لـ”رصد”: “الأفضل أن تكون معركة التحرير يمنية خالصة، فالشرعية اليمنية والمقاومة لا ينقصها الأفراد والجنود، ولكن ينقصها الإرادة السياسية، ومزيدًا من الدعم بالسلاح الثقيل والاليات المدرعة”.
وأضاف: “فكثيرا من جبهات المقاومة تفتقر الى ابسط المقومات القتالية وتواجه بأسلختها الخفيفة قوات الحوثي وصالح بآلياتها الثقيلة والمتوسطة وترسانتهم العسكرية الضخمة، وخصوصا في محافظة تعز، والتي واضح انه يراد لها ان تبقى فقط بؤرة للاستنزاف، ولا نية للشرعية او التحالف تحريرها في القريب العاجل على الاقل، ولو ارادوا لفعلوا”.
يُشار إلى أنه في بداية الثورة اليمنية، في سبتمبر 1962، قرر جمال عبد الناصر إرسال ثلاث طائرات حربية وفرقة صاعقة وسرية من مائة جندي إلى اليمن، ثم وصل العدد إلى “55” ألف مقاتل مصري في اليمن.
يشير المؤرخون العسكريون المصريون إلى حرب اليمن باعتبارها “فيتنام مصر”، وكتب المؤرخ الإسرائيلي ميخائيل أورين أن “مغامرة” مصر العسكرية في اليمن كانت كارثة، لدرجة أنه “يمكن مقارنتها بحرب فيتنام”. وبحلول عام 1967، كان هناك 55,000 جنديًا مصريًا مرابطًا في اليمن، من ضمنهم الوحدات الأكثر خبرة وتدريبًا وتجهيزًا في كل القوات المسلحة المصرية. وبالرغم من قتالهم العنيد ضد الفصائل الملكية، إلا أن غيابهم عن أرض الوطن خلف فجوة في الدفاعات المصرية. وأثر ذلك كثيرًا على مصر خلال حرب يونيو 1967.
ليس هناك اتفاق رسمي على عدد الذين سقطوا من الجنود المصريين في تلك الحرب ففي حين يرى وجيه أبو ذكري الذي كان يشغل منصب- رئيس قسم الشؤون العربية بمجلة آخر ساعة- في كتابه “الزهور تدفن في اليمن” أنهم كانوا عشرين ألف قتيل، وترى مصادر أخرى أنها بين 10000 إلى 15000 جندي، ومصدر ثالث يقول إنهم 5000 جندي فقط.
نفي مصري
وفي سلسلة تغريدات عبر حسابه الرسمي على موقع “تويتر”، علق الكاتب الصحفي المقرب من النظام، مصطفى بكري، قائلًا: “لقد سبق للرئيس السيسي أن نفي في 18 أبريل عام 2015 أمام طلاب الكلية الحربية صحة الشائعات التي تحدثت في هذا الوقت عن إرسال مصر قوات بريه مصرية للحرب في اليمن، وأكد أن الشعب المصري سيكون أول من يعلم بذلك رسميا إذا قررت مصر اتخاذ خطوة كهذه”.
وأضاف بكري: “عندما أثير الموضوع مرة أخرى نفت رئاسة الجمهورية رسميا ما تناولته بعض وكالات الأنباء حول إرسال القاهرة قوات بريه إلى اليمن، وأكدت أن هذا الخبر عار عن الصحة وأن مشاركة مصر في قوات التحالف العربي تقتصر فقط على وحدات من قواتها البحرية والجوية”.
وتابع بكري بالقول: “عندما يثار هذا الموضوع الآن كما ورد في حديث المتحدث العسكري السعودي فالواقع يكذب ذلك وأية أحاديث عن أقوال لا تجد طريقها على أرض الواقع لا تعتبر حقائق، إنني لا أعرف سببا لحديث المتحدث العسكري السعودي الذي أدلي به في مؤتمر صحفي أمس، ولكني على يقين بأن الواقع يقول إن مصر ليس لها أية قوات برية خارج حدودها وهذا هو المهم”.