يتوقع المحللون فى شركة “إينكريمينت” المتخصصة فى أبحاث أسواق السلع، التى تتخذ من إمارة ليشتنشتاين مقرًا لها، ارتفاع أسعار الذهب إلى 1400 – 1500 دولار للأوقية، ليسجل أعلى مستوى منذ 4 أعوام، مع تصاعد معدل التضخم، والارتفاع المرتقب فى أسعار الفائدة التى هوت خلال الأعوام الماضية، فى العديد من الدول المتقدمة إلى مستويات متدنية تقل عن الصفر، ما يساعد على تزايد الإقبال على شراء المعدن النفيس.
وذكرمجلس الذهب العالمى WGC أن أسعار الذهب صعدت بحوالى 9.4 % هذا العام حتى الآن، بعد أن ارتفعت بأكثر من 8.5 % خلال العام الماضى، كما أنه من المتوقع أن يرتفع أكثر بقية شهور هذا العام بحوالى 13 %، غير أن هذه الزيادة تضعه فقط على المراحل الأولى للانتعاش المطلوب، الذى شهده الذهب عام 2013، كما أن أسعار الذهب قفزت لأكثر من 23 % خلال الفترة من يناير حتى يوليو من العام الماضى، لتتجاوز 1380 دولارًا للأوقية.
ويقول رونالد بيتر ستوفيرل، العضو المنتدب بشركة إينكريمينت؛ إن أسعار الذهب انتعشت هذا العام، مع تزايد المخاطر”الجيوبوليتيكية” مع فوز دونالد ترامب بالرئاسة الأمريكية، ومخاوف المستثمرين من سياسته ذات النزعة القومية، وضربته الجوية المفاجئة لإحدى مطارات سوريا، وتصريحات وزير خارجيته أن حكم الأسد اقترب من نهايته، وهذا يعنى تصاعد التوترات بين الإدارة الأمريكية، وروسيا، وإيران، حليفتى نظام الأسد.
وذكرت وكالة بلومبرج، أن هناك مخاوف أيضا تنتشر بين المستثمرين، بسبب الغموض الذى يعترى الانتخابات الأوروبية هذا العام، لا سيما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، علاوة على ظهور بوادر على ارتفاع التضخم، مع اتجاه بنك الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى لرفع أسعار الفائدة، 3 مرات خلال العام الجارى.
وكانت أسعار الذهب قفزت خلال الأسبوع الماضى إلى أكثر من 1274 دولارًا للأوقية، خلال التعاملات الفورية، وإلى 1280 دولارًا للأوقية لأسعار عقود الذهب الأمريكية، ليسجل أعلى مستوى منذ العاشر من نوفمبر الماضى، ليحقق مكاسب للأسبوع الرابع على التوالى، مع إقبال المستثمرين على الأصول، التى تعتبر آمنة وسط تصاعد التوترات السياسة والأمنية العنيفة، بخصوص سوريا، وكوريا الشمالية، والشرق الأوسط، والانتخابات الفرنسية المرتقبة.
ورغم أن الذهب يعد أداة تحوط عادة ضد ارتفاع التضخم، وتزداد قيمته وتساعد مالكيه على الاحتفاظ بثرواتهم، غير أن زيادة أسعار الفائدة سترفع من قيمة الدولار، وتضر بأسعار الذهب، لكن تصريحات ترامب بتقليص قوة الدولار يصب فى مصلحة الذهب، ما يؤدى إلى ارتفاع أسعاره أكثر وأكثر خلال الأشهر المقبلة.
وحذر بنك “BNP” باريبا الفرنسى، بداية العام من انخفاض أسعار الذهب، ونصح المستثمرين ببيع ممتلكاتهم منه، لارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية، وتزايد قوة الدولار، لكن الدولار هبط أمام العملات الرئيسية فى منتصف الأسبوع الماضى، ليسجل أدنى مستوى منذ 5 أشهر أمام الين اليابانى، مع إقبال المستثمرين على بيع العملة الخضراء للمخاوف من مخاطر جيوبوليتيكية، وتراجع عوائد سندات الخزانة الأمريكية.
ومن ناحية أخرى يرى مجلس WGC أن الطلب على الذهب، لا سيما المجوهرات، يرتفع كثيرا هذا العام، من كبرى الدول المستهلكة للمعدن الأصفر، لا سيما الهند، التى تشترى 650 – 750 طنًا خلال العام الجارى، مع نمو اقتصادها بقوة، وحوالى 850 – 950 طنًا من الذهب بحلول عام 2020، رغم أنها اشترت العام الماضى حوالى 600 طن فقط من الذهب – بسبب سياسة حكومة الهند وضعف ثقة المستهلكين فى الاقتصاد- ليسجل أدنى مستوى منذ 2009 عندما ظهرت الأزمة لمالية العالمية.