مع تزايد حدة الاستفزازات بين أميركا وكوريا الشمالية، يخشى العالم وقوع حرب كورية ثانية؛ والتي ستكون نتائجها كارثية بوجود أسلحة كيميائية ونووية، وبتدخل عدة أطراف في هذه المعركة.
ونشرت صحيفة “ستراتجيك كالتشر” مقالًا للكاتب دانيس هالبين حذّر خلاله من اندلاع حرب كورية ثانية لعدة أسباب تناولها في مقاله.
وإلى نص المقال:
هناك عدة حقائق يجب معرفتها عن العسكرية في كوريا الشمالية؛ أولاها امتلاكها لحوالي 30 ألف شخص في قوات العمليات الخاصة الذين ينتظرون الدخول لتدمير كوريا الجنوبية من خلال الأنفاق، وثانيتها امتلاكها أسلحة نووية تصل إلى 20 ألف سلاح نووي، وكذلك ترسانة من الأسلحة الكيميائية تصل إلى عشرة آلاف سلاح جاهزة لإمطار العاصمة سيول التي تقع على بعد 35 ميلًا.
ووفقًا لتقرير صحيفة بكوريا الجنوبية في 2016، فإن كوريا الشمالية تملك ما يقرب من 2500 إلى خمسة آلاف طن من الأسلحة الكيميائية. أما صحيفة “سي إن إن” فقالت في 13 أبريل الماضي إن رئيس وزراء اليابان حذّر من قدرة كوريا الشمالية على استخدام صواريخ مُعدَّة بغاز السارين.
وفي الوقت الذي تحدى فيه زعيم كوريا الشمالية الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يبدو أنه يعلم أن الجانب الأميركي لن يخاطر ببدء حرب كورية ثانية.
ولم يتردد جدُّ الزعيم الحالي في اتخاذ موقف استفزازي ضد قادة أميركا السابقين؛ حيث استولت دولته على سفينة استطلاع أميركية في يناير 1968 وبها 82 شخصًا، احتجزوا لمدة عام، ورفض الرئيس الأميركي ليندون جونسون اتخاذ أي رد فعل انتقامي؛ لانشغاله في حرب فيتنام. ولكن، في أبريل 1969 تم إسقاط طائرة استطلاع أميركي فوق بحر اليابان؛ ما أدى إلى مقتل 31 شخصًا من الطاقم، وعلمت كوريا الشمالية أن أميركا لن تتخذ أي رد فعل لانشغالها في حرب فيتنام أيضًا.
وفي صيف 1976، بعد سحب الرئيس جيرالد فورد قواته من فيتنام، قتلت كوريا الشمالية ضابطين أميركيين، وكانت تعلم أن أميركا لن تنخرط في أي حرب أخرى في منطقة آسيا. ولذا؛ كانت المخاطرة مع عدم وضع اعتبارات لرد الفعل جزءًا أساسيًا من استراتيجية كوريا الشمالية.
ولكن، هل سيكرر كيم جونغ أون هذه الاستفزازات؟
صرّح “ثاني يونج هو”، ضابط منشق في كوريا الشمالية، أنه لا يجب أن يقلل أحد من قوة الزعيم الكوري، وأخبر شبكة “سي بي إس” في فبراير الماضي أن زعيم كوريا الشمالية لديه القدرة على إيذاء أميركا وكوريا الجنوبية وأي دولة بالعالم. وأكد أنه لن يتردد في استخدام أسلحة خطيرة على أميركا إذا شعر أن حكمه يتعرض إلى الخطر.
وفي الوقت الحالي، يفتقر “كيم” إلى الأسلحة العابرة للقارات، ويعتقد أنه سيستطيع الحصول عليها خلال سنوات. ولكنه يمتلك أسلحة قصيرة ومتوسطة المدى يمكنها أن تصل إلى القواعد الأميركية في كوريا الجنوبية واليابان. وتخشى طوكيو أن تمطرها كوريا الشمالية بالأسلحة الكيميائية إذا أدت الظروف إلى ذلك.
ومن الأسباب التي تمنع أميركا من بدء هذه الحرب وجود حوالي 28 ألف شخص أميركي في كوريا الجنوبية سيتم استهدافهم إذا اندلعت حرب. إضافة إلى ذلك، هناك الآلاف أيضًا من عائلات أفراد الجيش الأميركي.
وعلى الرغم من بدء عملية إجلاء للأميركيين في كوريا الجنوبية؛ فإن هناك أزمتين: أولاهما احتمالية عدم قدرتهم على الهروب في حالة استخدام أسلحة كيميائية، والأخرى في حالة توقع أزمة وشيكة وإجلاء واشنطن لرعاياها من كوريا الجنوبية سيؤدي ذلك إلى نزوح أعداد كبيرة وإغراق المطارات وخروج رؤوس الأموال؛ ما سيؤدي إلى هبوط مدمر في سوق الأسهم في سيول.
ومن المتوقع أن تتأذى التجارة الدولية في حالة نشوب حرب كورية ثانية؛ حيث ستخشى سفن الشحن المرور من أي منطقة بها اشتباكات ونقل للقوات والمعدات.
وإذا نشبت حرب نتيجة ضرب القوات الأميركية للصواريخ النووية الكورية، والتزمت بكين بمعاهدتها الدفاعية مع كوريا الشمالية؛ ستكون النتائج كارثية على الاقتصاد العالمي. وتدخلت الصين في الحرب الكورية في عام 1950 عندما شعرت أن مصالحها مهددة.
ووصل عدد القتلى الأميركيين في الحرب الكورية الأولى حوالي 33651 شخصًا، وفقًا لعدة مصادر، إضافة إلى عدد آخر لعدة أسباب؛ منها المرض أو الحوادث. أما عدد قتلى الصين فتراوح ما بين 132 ألفًا و400 ألف، وقتلى المملكة المتحدة وتركيا وكندا وأستراليا ودول أخرى وصلوا إلى حوالي أربعة آلاف. أما عدد قتلى كوريا فوصل إلى حوالي مليونين، منهم مدنيون. وكلفت هذه الحرب خزينة أميركا حوالي 20 مليار دولار، وكلّفت الصين 2.5 مليار دولار.
ولذا؛ فإن تكلفة حرب كورية ثانية يمكن أن تصل إلى أكثر من مليوني قتيل من الجانب الكوري وأكثر من 50 ألفًا من الجانب الأميركي، وكذلك التجنيد الواسع المحتمل من أميركا للمدنيين، وتدمير البنية التحتية لكوريا الجنوبية، والهجوم الكيميائي المحتمل على القواعد الأميركية في دول المحيط الهادي، واضطراب في التجارة العالمية، وتدخّل الصين المحتمل؛ والاحتمال الأكثر تدميرًا هو استخدام قنابل نووية للمرة الأولى منذ هيروشيما وناجازاكي.
ولذا؛ يبقى السؤال: هل تدمير أميركا لصاروخ نووي في تدريبات كوريا الشمالية يستحق كل ذلك؟