جاء تراجع وزير التموين علي مصيلحي، عن قرار وقف استيراد القمح خلال موسم توريده، ليثير الشكوك حول وجود وقائع فساد خلال التوريد، عن طريق خلط القمح المستورد، مع القمح المحلي، وحصول المستوردين على فارق السعر الذي يصل إلى ألف جنيه في الطن.
التموين تتراجع
وكشف مصدر مسئول بوزارة التموين تراجع الوزير على المصيلحي عن قرار حظر استيراد القطاع الخاص للقمح لحسابه خلال موسم التوريد، مشيرًا إلى أنه سيتم السماح للقطاع الخاص باستيراد القمح أثناء شراء الحكومة للمحصول المحلي.
يأتي ذلك في الوقت الذي تتعنت فيه وزارة الزراعة مع الفلاح المصري في شراء القمح بسعر غير عادل للفلاخ يبلغ أعلاه 3800 جنيه للطن بدعوى أنه يماثل السعر العالمي؛ حيث تعد كذبة مفضوحة، بحسب خبراء زراعيين، لأسباب منها الآتي:
– الدول التي نستورد منها تدعم الفلاح عندها سنويًا بما يساوي 6000 آلاف جنيه مصري للفدان، رغم أن الفلاح في تلك الدول يزرع مساحات شاسعة وعلى مياه الأمطار ويستخدم الميكنة الزراعية التي توفر له الكثير من الجهد والمال ولا يتعرض لما يتعرض له الفلاح المصري من عنت.
– القمح المصري خال من فطر الإرجوت السام وما تستورده الحكومة من قمح مصاب بالإرجوت، وهناك فارق في السعر لا يقل عن عشرة دولارات في الطن الواحد.
– القمح المصري من النوع الصلب الذى يستخدم في صناعة المكرونة ونسبة الرطوبة فيه لا تزيد عن 9 بالمائة ويتحمل التخزين لفترة طويلة بعكس القمح المستورد وهو من النوع “اللين” الذى لايمكن استخدامه إلا فى صناعة الخبز ونسبة الرطوبه فيه 13.5 في المائة؛ ما يعني أن القمح المصرى يوفر زياده بمقدار 4.5 بالمائة من دقيق عند الطحن عن القمح المستورد، كما أن القمح المستورد يصاب بالعفن إذا خزن لفترة طويلة نسبيًا.
قرار سابق لوزير التموين بمنع استيراد القمح
وكان وزير التموين الدكتور على المصيلحى، قد أكد أنه سيتم إيقاف استيراد القمح من الخارج للقطاع الخاص خلال توريد القمح المحلى من المزارعين، اعتباراً من 15 أبريل المقبل وحتى انتهاء التوريد، في حين ستستمر هيئة السلع التموينية التابعة للوزارة في توفير الأقماح المخصصة لإنتاج الخبز المدعم، سواء من الاستيراد أو القمح المحلي.
وأضاف الوزير، على هامش انعقاد المؤتمر الصحفي اليوم، أنه سيتم استلام القمح المحلي من المزارعين من خلال لجان مشكلة، تتضمن أعضاء من التموين والزراعة وهيئة الرقابة على الصادرات والواردات، وأمين الشونة أو مدير الصومعة، كما سيتم حظر تسويق القطاع الخاص القمح لحساب وزارة التموين، وعدم تخزين الأقماح في الصوامع المملوكة للقطاع الخاص، وأنه من المتوقع استلام قمح محلي في الموسم الحالي بحجم إنتاج يتراوح من من 4 ملايين إلى 4.5 ملايين طن قمح محلي.
بدء توريد القمح
وتبدأ الحكومة، اليوم، استلام محصول القمح لهذا الموسم من الفلاحين، طبقاً للكميات المنتجة فعليًا، مع تسليم المستحقات المالية للمزارعين خلال 48 ساعة طبقًا للأسعار المقررة.
وقال الدكتور عباس الشناوي، رئيس قطاع الخدمات والمتابعة بوزارة الزراعة، إنه سيتم اليوم، بدء استلام محصول القمح من الفلاحين فى محافظتي الشرقية والمنيا فى بداية موسم التوريد لهذا الموسم، مشيرًا إلى أن الكميات الموردة تبعا للإنتاج الفعلى للفدان، وحسب ما سيورده المزارعون، في حين تبلغ المساحة الإجمالية للقمح على مستوى الجمهورية 3 ملايين و156 ألف فدان.
فساد توريد القمح
في السياق ذاته قال الدكتور علي محمد إبراهيم، الخبير بمركز البحوث الزراعية: “ملف القمح يدار بعشوائية، وهناك حالة من التخبط في اتخاذ القرار، وهذا ما حدث من جانب الوزير، حيث إن وقف الاستيراد كان قرارًا جيدًا، لكن للأسف تم التراجع عنه، مشيرًا إلى أن منع الاستيراد ليس متعلقًا فقط بفرق السعر بين المستورد والمحلي، لكن لأسباب علمية، منها الخوف من انتشار الآفات والأمراض الزراعية الموجودة بالقمح المستورد ومن الممكن أن تنتقل إلى القمح المحلي الذي يعتبر الأفضل جودة في ظل انشغال وزارة الزراعة باستلام القمح من المزارعين”.
وأضاف: “حجم القمح العام الحالي أقل من العام الماضي، حيث كانت المساحة الزراعية العام الماضي تتجاوز 2.5 مليون فدان، وتقلصت إلى 2 مليون فقط، وحدث ذلك في أكثر من مجال، كالقطن الذي انخفض هو الآخر بمقدر 20% مقارنة بالعام الماضي، مؤكدًا ضرورة وجود رقابة على التوريدات الوهمية، التي كلفت الدولة الملايين من الجنيهات، إذا كانت هناك رغبة حقيقية في مكافحة الفساد”.
توصيات البرلمان
في السياق ذاته قال النائب مجدي ملك، رئيس لجنة تقصي حقائق فساد القمح، والتي شكلها البرلمان العام الماضي: “اللجنة اوصت بسلسلة من التوصيات لمنع وقوع فساد كما كان يحدث من قبل”، مشيرًا إلى أن بعض تلك التوصيات تم تنفيذها، والبعض الآخر لم ينفذ، من بينها تقارب السعر بين القطاع العام والقطاع الخاص، فالمزارع يلجأ للبيع للقطاع الخاص لأن سعره أغلى.
وأضاف “ملك”، في تصريحات خاصة، أن إيقاف الاستيراد أثناء فترة التوريد كان أمرًا جيدًا، خاصة أن السنوات الماضية كان الفرق بين المستورد والمحلي يتراوح بين 800 إلى ألف جنيه، وكان هذا أحد أبواب الفساد التي كان لابد من وضع حل لها.