كشف تقرير نشره موقع “ميدل إيست آي” عن أن الهجمات الدامية التي تعرض إليها المسيحيون المصريون الأحد الماضي في مدينتي طنطا والإسكندرية وأسفرت عن مقتل نحو 44 شخصًا وإصابة العشرات هي نتيجة لإجراءات أمنية وصفها بـ”التافهة”.
وأضاف الموقع البريطاني أن التفجيرات الأخيرة سكبت مزيدًا من الزيت على نيران الغضب المسيحي؛ حيث قال الأب دانيال ماهر، من مدينة طنطا التي انفجرت بها قنبلة أدت إلى مقتل 27 شخصًا وإصابة نحو 80 آخرين، إنه “كان هناك كثير من الإهمال والفشل في حماية الأقباط في مصر”، في الوقت نفسه أعرب كاهن طنطا توفيق قبيش عن حزنه وتنامي ما أسماه “التطرف في البلاد”.
وقال قبيش من أمام مشرحة مستشفى جامعة طنطا: “لم نكن نتوقع من الناس الذين يعيشون معنا في البلد نفسه، والأشخاص الذين نشاركهم الحب والصداقات، والذين نعرفهم، القيام بهذه الأمور”.
واعتبر الموقع أن الأقباط، وهم حوالي عشرة في المائة من سكان مصر البالغ عددهم 92 مليون نسمة وبها أكبر أقلية مسيحية في الشرق الأوسط، استهدفوا مؤخرًا بشكل متزايد في هجمات تنظيم الدولة الإسلامية.
وعبّر عدد من أعضاء المجتمع عن استيائهم إزاء ما قالوا إنه “تراخٍ أمني”، وقال الأب ماهر لـ”ميدل إيست آي”: “كان هناك نقص واضح في الأمن حول الكنيسة، والإجراءات الأمنية المتخذة تافهة، وحراس الأمن الموجودون هناك فقط لخلق صورة للأمن”.
وذهب آخرون إلى حدّ اللوم على ارتياح الحكومة لعدم اتخاذ التدابير اللازمة للهجمات. وقال إسحاق إبراهيم، وهو مسيحيّ ضمن المبادرة المصرية غير الحكومية للحقوق الشخصية: “نحن نلقي بالمسؤولية على عاتق الدولة؛ لأنها مسؤولة عن أمن مواطنيها”، وأضاف أن “الطريقة التي جرت بها هذه التفجيرات تثير تساؤلات خطيرة حول الإجراءات الأمنية المتخذة لتأمين الأماكن وضمان سلامة الشعب في الداخل”.
ومن جانبه، قال مسؤول كبير في الشرطة المصرية إن قنبلة اُكتُشفت وعُطّلت بالقرب من كنيسة طنطا قبل نحو أسبوع. وقالت أميرة ماهر، البالغة من العمر 38 عاما وتنتظر شقيقها المصاب في مستشفى قريب: “كان يجب أن يكون هذا إنذارًا أو تحذيرًا من أن هذا المكان مُستهدف؛ لا سيما يوم الأحد، اليوم الذي يتجمع فيه كثير من الناس أكثر من أي وقت آخر في العام”.
ولفت تقرير “ميدل إيست آي” إلى أنه على الرغم من أن تنظيم الدولة الإسلامية شنّ حربا على مستوى منخفض ضد الجنود والشرطة في شبه جزيرة سيناء في مصر، فإن الطريقة التي عزز بها هجومه على المدنيين المسيحيين في البر الرئيس قد تُحوّل التمرد الإقليمي إلى صراع طائفي أوسع؛ خاصة وأن التنظيم توعّد يوم الأحد بتنفيذ مزيد من الهجمات وتفاخر بعدد القتلى في ثلاثة انفجارات في الكنائس.
ووعد (الرئيس المصري) عبدالفتاح السيسي بحماية الأقلية المسيحية في إطار حملة ضد التطرف، وأعلن حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر في خطاب تحدٍّ في القصر الرئاسي يوم الأحد، وحذّر فيه من أن الحرب ضد المسلّحين ستكون طويلة ومؤلمة.
إلا أن عديدين من أعضاء المجتمع المسيحي في مصر تشاركوا الشعور بالخوف وانعدام الثقة في التدابير الحكومية المتخذة في أعقاب الهجمات. وقال الأقباط في طنطا إن الأمن كان شبه معدوم يوم الأحد على الرغم من التحذيرات المتكررة في الأسابيع الأخيرة.