جاء هجوم نظام بشار الاسد على مدينة خان شيخون، بالأسلحة الكيماوية، ليصدم الضمير العالمي، ويؤكد استمرار هذا النظام في جرائمه ومذابحه ضد الشعب السوري.
ومدينة خان شيخون التي يبلغ تعداد سكانها أكثرمن 50 ألف نسمة، معظمهم من معارضي النظام، وشهدت المدينة معارك عنيفة في وقت سابق بين المعارضة والنظام.
وتبعد مسافة 37 كم عن مدينة حماة و 110 كم عن مدينة حلب و 70 كم عن مدينة إدلب.
الأهمية الاستراتيجية
يبدو أن استهداف طائرات الأسد للمدينة لم يكن من فراغ، فالمدينة لها أهمية استراتيجية عسكرية تكمن في كونها نقطة وصل بين ريف حماة الشمالي وريف إدلب الجنوبي، حيث يقع وادي الضيف بمعرة النعمان التابع للنظام، والذي يحظى بأهمية كبيرة له، وسيطرة المعارضة على “شيخون” تعني بسط النفوذ على جزء كبير من الطريق الدولي وقطع الإمداد عن قوات النظام.
فـ”خان شيخون ” بموقعها الاستراتيجي بخريطة العمليات العسكرية السورية تحتل أهمية استراتيجية باعتبارها مفتاح لسلسلة مناطق تمتد على طول الجغرافيا السورية فهي نقطة وصل بين ريفحماةالشمالي”المحرر”, وريف ادلب الجنوبي ولها اهمية استراتيجية كبرى بخارطة المعارك المقبلة بالشمال السوري بشكل عام وارياف ادلب وجبل الزواية بشكل خاص
ويعتمد سكان خان شيخون على التجارة والزراعة في معيشتهم حيث أنها تمتاز بتجارة السيارات والحبوب وزراعة الزيتون والفتسق الحلبي والقمح والبطاطا والشوندر والقطن.
كما قدمت المدينة على مر الأيام شخصيات مهمة على الساحات العلمية -الإدارية-العسكرية- قدموا لوطنهم ولمدينتهم خدمات وتضحيات جليلة، وتعتبر منطقة خان شيخون واحدة من أغنى المناطق في سوريا.
ردًا على ترامب
يبدو أن هناك أسباب أخرى دفعت النظام لقصف المدينة بالأسلحة الكيماوية، وأهمها موقف الإدارة الأميركية من الوضع في سوريا، فطبقًا لصحيفة “التايمز” البريطانية فإن النظام السوري رد على ما وصفته الصحيفة بتغير موقف الإدارة الأميركية بشأن سوريا بالقنابل، وهذه المرة بالغازات السامة، في إشارة إلى القصف الذي استهدف الثلاثاء بلدة خان شيخون بريف إدلب وأسفر عن سقوط أكثر من 100 قتيل نعظمهم من الأطفال والنساء.
ونشرت الصحيفة اليوم الأربعاء، تحليلًا قالت فيه: “إن الهجوم الكيميائي الذي شنّه النظام السوري على بلدة خان شيخون جاء في أعقاب تغير موقف إدارة ترامب بأن إخراج الأسد من السلطة لم يعد أولوية لها أمام أولوية هزيمة تنظيم الدولة.
وتضيف الصحيفة أن دوائر صنع القرار المحيطة بـ بشار الأسد التقطت الموقف الأميركي الجديد كرسالة اطمئنان للإفلات من العقاب، وعليه اتخذ القرار بشنّ هجوم بغازات سامّة على مناطق المعارضة في ريف إدلب.
جبهة النصرة
هناك سبب آخر ربما يكون أحد أسباب القصف وهو التواجد العسكري لجبهة النصرة التي دخلت المدينة في مايو 2014 ضمن باقي المعارضة، ويبدو أن لها وجود مميز تحت مسماها الجديد “هيئة تحرير الشام” ومعروف أن هناك قلق دولي تجاه النصرة وليس النظام السوري فقط.
حيث عبرت روسيا والولايات المتحدة الأميركية، ودول غربية عديدة عن قلقها من وجود هيئة تحرير الشام “النصرة سابقًا” في سوريا وتم تصنيفها ضمن التنظيمات “الإرهابية” وإبعادها خارج نطاق المعارضة المعتدلة والربط بينها وبين تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة.
مجزرة خان شيخون
من جانبها أكدت المعارضة السورية أن قوات النظام ارتكبت مجزرة في منطقة خان شخون، واستخدمت فيها غاز السارين السام، وخلفت مقتل أكثر من مئة مدني، وأكثر من أربعمئة جريح معظمهم من الأطفال، بحسب ما أكدته مديرية صحة إدلب.
وقالت إن القصف بدأ حوالي الساعة الثامنة بتوقيت دمشق واستهدف خان شيخون بـ15 غارة جوية تحوي مادة غاز السارين السام، وذلك بحسب مراسل الجزيرة “ميلاد فضل” الذي أوضح أيضًا أن هذه المدينة الملاصقة لريف حماة الشمالي سبق أن تعرضت لقصف بغازي الكلور والسارين، ولكن مادة السارين استخدمت بشكل خفيف.
وقالت مصادر طبية قولها إن الأعراض التي ظهرت على المصابين تؤكد استهدافهم بغاز السارين، منها الغيبوبة والتقلصات في حلقة العين، وتوقف عمل القلب، مشيرًا إلى أن معظم الإصابات من الأطفال الذين لا يتمكنون من مقاومة السم القاتل.
وبحسب بيان للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، فإن طائرات النظام الحربية استخدمت صواريخ محملة بغازات كيميائية سامة تتشابه أعراضها مع أعراض غاز السارين، مما تسبب في سقوط ذلك العدد الكبير من القتلى والجرحى.
ويشير الائتلاف السوري المعارض إلى أن استخدام النظام للغازات الكيميائية والسامة والمحرمة، وارتكاب جرائم الحرب وقصف المناطق المدنية، يمثل خرقا لميثاق جنيف ولقرارات مجلس الأمن أرقام 2118 و2209 و2235 و2254.
ودعا الائتلاف إلى تفعيل المادة 21 من قرار مجلس الأمن 2118، التي تنص على أنه في حال عدم امتثال النظام السوري للقرار، بما يشمل نقل الأسلحة الكيميائية أو استخدامها، فإنه يتم فرض تدابير بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
وغاز السارين السام هو أحد غازات الأعصاب الصناعية، وقد استعمل منذ العام 1938 في ألمانيا لقتل الحشرات، وهو مشابه لمجموعة من مضادات الحشرات المعروفة بالعضوية الفوسفاتية.
وسبق لقوات النظام السوري أن استخدمت غاز السارين أو غاز الأعصاب في حق سكان الغوطة الشرقية ومعضمية الشام في الغوطة الغربية يوم 21 أغسطس 2013، مما تسبب في مقتل أكثر من ألف شخص، أغلبهم من النساء والأطفال.
واعترفت سوريا لأول مرة بامتلاكها أسلحة كيميائية وبيولوجية في يوليو 2012، عندما قالت إنها يمكن أن تلجأ إلى استخدامها عندما تواجه هجوما خارجيا، لكنها تراجعت في وقت لاحق من نفس العام لتؤكد أنها لن تستخدم هذه الأسلحة ضد شعبها ولا حتى ضد إسرائيل.