استمرار لصراعات الأجهزة التي لم تتوقف بين مؤسسات الدولة، كشف قيام جهاز المخابرات العامة بالتعاقد مع شركتين للعلاقات العامة الأميركية، لتحسين صورة النظام خارجيا، عن حجم الخلاف بين وزارة الخارجية، وجهاز المخابرات، وهو ما أكدته تقارير دولية.
ولم تتوقف الصراعات بين مؤسسات الدولة، فمن صراع مؤسسة الرئاسة والأزهر، إلى صراع مجلس النواب مع القضاء، تنوعت صراعات مؤسسات الدولة.
صراع المخابرات العامة والخارجية
كشف موقع “ميدل إيست مونيتور” البريطاني، وجود صراع بين وزارة الخارجية المصرية وجهاز المخابرات العامة، وهو ما كشفت عنه التقارير الإعلامية التي نشرت مؤخرا عن قيام جهاز المخابرات العامة بالتعاقد مع اثنين من شركات العلاقات العامة الأميركية في واشنطن للضغط من أجل تحسين صورة النظام المصري مقابل 1.8 مليون دولار سنويًا.
وأوضح الموقع البريطاني أن هذا العقد ربما يكون مرتبطا بالزيارة المرتقبة لعبد الفتاح السيسي إلى واشنطن، مضيفا: “الأمر الثاني هو أن التعاقد مع الشركتين جاء بعد عقد آخر عقدته الحكومة المصرية ومثلتها فيه السفارة المصرية في واشنطن مع مجموعة “غلوفر بارك” لتوظيف حملات الضغط في واشنطن لسنواتٍ عديدةٍ”.
وأضاف التقرير أن الخطوة الأخيرة للمخابرات العامة تشير إلى وجود منافسة بين وزارة الخارجية وأجهزة الاستخبارات، والتي تشعر بالإحباط من أداء موظفي الدولة وعدم قدرتهم على الترويج لسياسات الحكومة المصرية لدى الحكومات والمستثمرين الأجانب.
وأشارت الصحيفة إلى وجود سيناريوهين نتيجة الكشف لأول مرة عن معلومات تخص الجهاز الأمني القوي في البلاد؛ الأول أن جهاز المخابرات العامة المصرية لم يكن على علم بالقوانين والأعراف الأميركية التي تنص على نشر هذه العقود والتفاصيل بشكل علني، ووفقا لذلك، فإن نشر هذه الوثائق قد يشكل مفاجأة غير سارة لجهاز المخابرات الذي لم يخطط لذلك أو يضعه في الاعتبار.
وفي السيتاريو قال التقرير: “ثانيا: يعرف المسؤولون بجهاز المخابرات لوائح قانون fara لكنها لم تهتم بنشر تفاصيل العقود لإرسال رسالة إلى السيسي أنها قوية في واشنطن وتسلط الضوء على ضعف وزارة الخارجية المصرية في تنفيذ أعمالها مع حليفتها مصر الأكثر أهمية”.
صرع الرئاسة والأزهر
وبالتزامن مع ذلك، ظهر صراع آخر بين مؤسستي الأزهر والرئاسة خلال السنوات الأخيرة، إلا أنه ظهر خلال الأشهر القليلة الماضية بسبب التصريحات التي أدلى بها الرئيس عبدالفتاح السيسي في احتفالات عيد الشرطة على سبيل المداعبة لشيخ الأزهر أحمد الطيب عندم قال له “تعبتني معاك يا شيخ”، وكذلك عندما رفض الأزهر مقترح الرئيس بحظر الطلاق الشفوي.
ويعود الصراع غير المعلن بين مؤسستي الرئاسة والأزهر إلى رفض الأزهر فض اعتصامي رابعة والنهضة، في أغسطس 2013.
وقال “الطيب”، في بيان أذاعه التليفزيون المصري وقتها، إن الأزهر يؤكد دائما على حرمة الدماء وعظم مسؤوليتها أمام الله والوطن والتاريخ، ويعلن الأزهر أسفه لوقوع عدد من الضحايا صباح اليوم، ويحذر من استخدام العنف وإراقة الدماء، أنه لم يكن يعلم بموعد فض الاعتصام في ميداني “رابعة العدوية” و”نهضة مصر”، إلا عبر وسائل الإعلام، ودعا جميع الأطراف إلى “ضبط النفس وتغليب صوت الحكمة.. والاستجابة إلى الجهود الوطنية للحوار والمصالحة الشاملة”.
أما التحدي الثاني، فكان في 2014، عندما رفض الأزهر برئاسة الشيخ أحمد الطيب تكفير “داعش” وأصدر بيانًا رسميًا رافضًا لتكفير أي مؤمن، وهو ما تكرر في عام 2015 ونهاية 2016، وهو ما أثار غضب مؤسسة الرئاسة خاصة في ظل محاربة القوات المسلحة للعناصر المتطرفة في سيناء وتقديمها لشهداء.
أما التحدي الأكبر بين الأزهر والرئاسة، فكان في الأيام الأخيرة، بعدما رفض الأزهر طلب “السيسي” بشأن الطلاق الشفهي، حيث دعا الرئيس في احتفالات الشرطة إلى إصدار قانون يقضي “بألا يتم الطلاق إلا أمام مأذون”، أي حظر الطلاق شفويا، معتبرًا أن مثل هذا القانون سيكون الهدف منه “إعطاء الناس فرصة لمراجعة نفسها بدلا من أن يتم الطلاق بكلمة يقولها (الزوج) هكذا” في أي لحظة.
وتوجه السيسي بعد ذلك إلى شيخ الأزهر أحمد الطيب الذي كان يحضر الاحتفال، قائلا له بالعامية “والا إيه يا فضيلة الإمام؟”، ثم أردف “تعبتني يا فضيلة الإمام”.
وبعد أيام من تلك الدعوة خرجت هيئة كبار العلماء في الأزهر ببيان لرفض دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى إصدار قانون يحظر الطلاق الشفهي، وأكدت أن هذا الأسلوب “مستقر عليه منذ عهد النبي، قائلة : “وقوع الطلاق الشفوي المستوفي أركانه وشروطه والصادر من الزوج عن أهلية وإرادة واعية وبالألفاظ الشرعية الدالة على الطلاق، هو ما استقرَّ عليه المسلمون منذ عهد النبي… دونَ اشتراط إشهاد أو توثيق”.
القضاء والبرلمان
وتسود حالة من الجدل مؤخرا في مصر بعد نشوب أزمة بين القضاء والبرلمان جراء طرح مشروع تعديل قانوني على عمل الهيئات القضائية توسع من صلاحيات عبدالفتاح السيسي.
واجتمع مجلس القضاء الأعلى الأحد برئاسة المستشار مصطفى شفيق ورفض بإجماع آراء رؤساء الهيئات القضائية مشروع قانون اختيار تعيينهم، الذي يفرض ترشيح ثلاثة أسماء بكل هيئة قضائية ليختار منهم السيسي رئيسا لها، وهو ما يفتح باب الجدل والصراع بين القضاة والبرلمان خلال الأيام المقبلة.
وقال المستشار عادل الشوربجي النائب الأول لرئيس محكمة النقض وعضو مجلس القضاء الأعلى في تصريحات صحفية، إن القضاة متمسكون بطريقة اختيار رؤساء الهيئات القضائية الواردة في قانون السلطة القضائية الحالي والتي تنص على مبدأ الأقدمية في اختيار رؤساء الهيئات.
وكان النائب أحمد حلمي الشريف وكيل لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب تقدم بمشروع قانون لتعديل المادة (44) من قانون السلطة القضائية، والخاصة بطريقة تعيين رؤساء الهيئات القضائية الرئيسية، وهي محكمة النقض ومجلس الدولة وهيئة قضايا الدولة وهيئة النيابة الإدارية، بما يعيد النظر في بعض بنود هذا القانون السابقة وتعديل البعض الآخر، الأمر الذي رفضه القضاة ملوحين بالتصعيد ضد البرلمان إلى “مستويات غير مسبوقة”.
وقال الشريف في تصريحات لـ”العرب” اللندنية إن “رفض الهيئات القضائية غير ملزم للبرلمان، وسوف تناقش اللجنة الدستورية مشروع القانون وفي حال الموافقة عليه سوف يتم رفعه إلى الجلسة العامة لمجلس النواب لمناقشته وإقراره”.
وأضاف أن “البرلمان ليس في صراع مع السلطة القضائية، لكنه يتبع الدستور والقانون، ولا يمكن أن يستمر العمل بالعرف القضائي القائم منذ العشرات من السنين في طريقة اختيار رؤساء الهيئات القضائية”.