بعد خمسة أشهر من فشل مشاورات تشكيل الحكومة المغربية، جدد رئيس الحكومة المغربية المكلف عبد الإله بنكيران تلويحه بتقديم استقالته من منصبة إذا اقتضت مصلحة الوطن.
وأضاف “بنكيران”، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، في الملتقى الوطني الثاني لشباب المجال القروي بالوليدية: “كثيرون من يقترحون علي تنازلات لكي أبقى رئيسًا للحكومة، ولكني أريد الحفاظ على كرامة الشعب والديمقراطية وهي مسئولية فوق أعناقنا، مهما كانت النتائج، ولو كانت النتيجة أن نفدي الوطن بأعناقنا”
وأضاف: “نرفض الذهاب فى طريق لا تخدم مصلحة البلاد”.
أزمة الحكومة
بعد أزيد من خمسة أشهر من المشاورات التي أطلقها عبد الإله بنكيران لتشكيل حكومة جديدة، بعد تعيين العاهل المغربي الملك محمد السادس له رئيسا للحكومة، عقب تصدر حزبه العدالة والتنمية الانتخابات البرلمانية في 7 من أكتوبر الماضي، عاد “بنكيران”، ليقول إنه ينتظر عودة الملك محمد السادس من جولته لعدد من الدول الإفريقية، ليخبره بمصير تشكيل الحكومة.
لكن رئيس الحكومة المكلف ترك الباب مواربا، وعاد في تصريح لاحق مقتضب، إلى القول إنه “متفائل بمستقبل مشاورات تشكيل الحكومة”، وأنه ينتظر رد كل من عزيز أخنوش، رئيس التجمع الوطني للأحرار، وامحند العنصر، الأمين العام للحركة الشعبية، على عرض جديد قدمه لهما، بعد استئناف المشاورات، التي كان “بنكيران” أعلن عن وقفها في 8 يناير، الماضي.
واشترط الحزبان سابقا مشاركة الاتحاد الدستوري والاشتراكي في الحكومة، وهو ما رفضه “بنكيران”، الذي قرر الاقتصار على الأحزاب الأربعة التي كانت تشكل الحكومة، وهي العدالة والتنمية (125 مقعدا)، والتجمع الوطني للأحرار (37 مقعدا)، والحركة الشعبية (27 مقعدا) والتقدم والاشتراكية (12 مقعدا)، خصوصا أن هذه الأحزاب بإمكانها تغطية العدد المطلوب في مجلس النواب لتشكيل الحكومة (198 مقعداً).
ورغم أن “بنكيران” لم يكشف عن العرض الجديد الذي قدمه لحليفيه المفترضين أخنوش والعنصر، في مقابل امتناع هذين الأخيرين عن الكشف عما دار بينهما وبين “بنكيران”، فإن تصريح هذا الأخير، بأن حزب الاتحاد الدستوري يمكن أن يلتحق بالحكومة، بعدما شكل هذا الحزب تحالفا وفريقا (كتلة) برلمانيا واحدا في مجلس النواب مع التجمع الوطني للأحرار، واستمرار رفض بنكيران مشاركة الاتحاد الاشتراكي، قد يشي بطبيعة عرض بنكيران لأخنوش والعنصر.
ورغم أنه لا يعرف حتى الآن موعد عودة الملك محمد السادس من زياراته لعدد من الدول الأفريقية، فإن “بنكيران” قد حدد مصير تشكيل حكومته بطلب لقاء الملك بعد عودته.
دعوه جديدة
وفي تفسيره لتصريحات “بنكيران”، قال خالد يايموت، الباحث في جامعة محمد الخامس بالرباط، إن هذه التصريحات “تأتي في سياق التواصل بين الملك رئيس الدولة ورئيس الحكومة المعين”، وأضاف أن الملك عمل على متابعة المشاورات الحكومية وسبق له أن بعث بمستشاريه، عبد اللطيف المنوني، وعمر القباج، اللذان التقيا بشكل رسمي “بنكيران”، للاطلاع على مسار المشاورات، كما عمد الملك إلى بعث مستشاره فؤاد عالي الهمة، في مهمة غير رسمية التقى “بنكيران” في بيته.
واعتبر “يايموت” أن تصريح “بنكيران” “هو دعوة جديدة من جانبه للتواصل المباشر مع الملك بشأن تعثر تشكيل الحكومة، فقد كانت المبادرة الأولى من الملك، وهذه المرة المبادرة تأتي من رئيس الحكومة المعين”، وأوضح أن “بنكيران” من خلال هذه الدعوة “يريد أن يترك للملك المبادرة للتدخل لحل الإشكال عبر تيسير المفاوضات لتشكيل الحكومة أو الدعوة للانتخابات جديدة”، وأضاف أنه “في حال اختيار الملك بالتشاور مع بنكيران، إعادة الانتخابات، فإن الملك من الناحية الدستورية، يمكنه إعلان ذلك في خطاب رسمي يوجهه للأمة”.
أما عمر الشرقاوي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني بالمحمدية، فقال إن “الخلاصة الأساسية بعد 140 يوما من انسداد المنافذ السياسية لتشكيل الحكومة هي المفاجأة في القرارات السياسية”، وأقر بصعوبة توقع القرار الذي يمكن أن تصله إليه النخبة السياسية المشاركة في المشاورات، لذلك “يصعب توقع القرار أو الاحتمال أو السيناريو أو المشهد القادم.
ويقول “الشرقاوي”، مضيفا أن “المؤكد أن قرار العودة إلى استئناف المشاورات بعد بلاغ بنكيران الشهير بـ”انتهى الكلام” (بيان 8 يناير)، ليس بالسلبي لكنه ليس كافيا للقول بإمكانية التوصل لحل، واعتبر الشرقاوي أنه “خلال الأسبوعين المقبلين سيكون القرار النهائي حول مصير المشاورات، إما إيجاد حل رابح/ رابح بين بنكيران وأخنوش، والعقدة هنا هو حزب الاتحاد الاشتراكي، وإما سيغلق ملف الخيار السياسي، وسنكون أما خيارات دستورية”، معتبرا أن “هذه الخيارات الدستورية يمكن أن تكون فيها مخاطر”.
وأضاف “الشرقاوي” أن الخيار المعلن الآن هو “عودة رئيس الحكومة المكلف إلى الملك لإعلان فشله في تشكيل الأغلبية الحكومية”.