أشارت بيانات الموازنة المصرية بالنصف الأول من العام المالي الحالي 2016/2017 والممتد من تموز/يوليو الماضي وحتى نهاية يونيو القادم ، إلى إخفاق الموازنة بتحقيق مستهدفاتها التي أعلنت عنها الحكومة سواء للإيرادات أو المصروفات ، لتسفر عن زيادة بالعجز عما تم تقديره ، رغم عدم ادارج مخصصات دعم المشتقات البترولية بالمصروفات المعلنة.
وكانت الحكومة قد استهدفت تحقيق إيرادات تبلغ 670 مليار جنيه بالعام المالي الحالي ، ليصل ما يخص نصف العام منها 335 مليار جنيه ، بينما ما تحقق كان 220 مليار جنيه بنسبة تراجع 34 بالمائة، وكان المفترض أن تصل المصروفات بنصف العام 487 مليار جنيه ، بينما ما تحقق بلغ 390 مليار جنيه بتراجع 20 بالمائة.
وهكذا زادت قيمة العجز النقدي بالموازنة بالنصف الأول عن المستهدف بنسبة 5ر11 بالمائة، رغم أن الإيرادات تضمنت عوائد ملكية حكومية غير متكررة ، تمثلت ببيع رخص الجيل الرابع من ترددات التليفون المحمول بنحو 7 مليار جنيه.
ويعنى ذلك عدم استطاعة الحكومة تحقيق ما وعدت به من مستهدفات لنسبة العجز بالموازنة ، مما اضطر وزير المالية لرفع النسبة عما سبقه له الإعلان عنه.
وداخل الإيرادات بالنصف الأول من العام المالي الحالي انخفضت الإيرادات الضريبية بنسبة 29 بالمائة عن المستهدف ، وشمل التراجع كافة أنواع الضرائب ، من ضريبة الدخل وعلى الممتلكات من أراضى ومباني ، وضريبة المبيعات التي تحولت لضريبة للقيمة المضافة مؤخرا.
كما انخفضت الجمارك بنسبة 29 بالمائة عن المستهدف رغم تغيير أسعار السلع التي يتم احتساب الجمارك عليها ، فيما سمى بالأسعار الاسترشادية ، وكذلك رفع معدل الجمارك مرتين على مئات السلع العام الماضي ، ورفع قيمة الدولار الجمركي الذي يتم احتساب قيمة الجمارك على أساسه لنحو الضعف.
63 بالمائة تراجع للاستثمارات عن المقرر
وانخفضت المنح التي حصلت عليها الموازنة بنسبة 73 بالمائة ، كما انخفضت الإيرادات الأخرى من الشركات والهيئات والبنوك التي تمتلكها الحكومة بنسبة 46 بالمائة خلال نصف العام عن المستهدف .
أما عن الشق الآخر بالموازنة والخاص بالمصروفات فقد انخفضت مخصصات الأجور بالنصف الأول بنسبة 6 بالمائة عن المستهدف ، كما انخفضت مخصصات السلع والخدمات لإدارة دولاب العمل الحكومي بالوزارات والمحافظات بنسبة 25 بالمائة.
وانخفضت فوائد الديون بنسبة 8 بالمائة، كما انخفضت مخصصات الدعم بنسبة 28 بالمائة إلا أن تلك النسبة لم تتضمن مخصصات دعم الوقود بعد ، والغريب أن تخفض مخصصات الاستثمارات الحكومية عن المستهدف بنسبة 63 بالمائة، رغم الحديث عن المشروعات القومية وما ستوفره من فرص عمل.
وكالعادة تفادت وزارة المالية المقارنة مع الموازنة المستهدفة ، وقارنت نتائج النصف الأول من العام المالي الحالي بنفس الفترة من العام المالي الماضي ، لتعلن عن نمو الإيرادات بنسبة 14 بالمائة وزيادة المصروفات بنسبة 10 بالمائة ، لكن ذلك أسفر عن زيادة قيمة العجز النقدي بالموازنة بنسبة 5. 4 بالمائة.
وكان من الطبيعي أن تزيد حصيلة الضريبة على المبيعات بعد تحولها لضريبة للقيمة المضافة وبعد زيادة معدلها من 10 إلى 13 بالمائة، حيث كان المتوسط الشهري لحصيلتها قبل التحول أقل من 11 مليار جنيه ، بينما بلغ المتوسط الشهري بعد التحول لأكثر من 15 مليار.
وكان من المفترض أن تزيد حصيلة الجمارك والتي بلغ متوسط حصيلتها الشهرية قبل تحرير سعر الصرف 5ر1 مليار جنيه ، بينما بلغ المتوسط بعد التحرير ومضاعفة قيمة الدولار الجمركي 3. 2 مليار جنيه ، لكن تراجع قيمة الواردات في ضوء التشدد الحكومي معها تسبب بانخفاض حصيلة الجمارك.
وفى المصروفات كان غربيا أن تنخفض مخصصات الأجور عن الفترة المقابلة ، وقد يكون ذلك بسبب تأخير صرف الزيادات السنوية للأجور الحكومية لحين إقرار قانون الخدمة المدنية ، إلى جانب خروج آلاف العاملين للمعاش.
إلا أن بلوغ نسبة العجز الكلى خلال نصف العام 4. 5 بالمائة من الناتج المحلى دون احتساب مخصصات دعم الوقود بعد ، يشير للمأزق الذي تواجهه وزارة المالية ، رغم أن مقام النسبة والخاص بالناتج المحلى مبالغ فيه، حيث كان محسوبا حسب توقع تحقيق نسبة نمو 5 بالمائة بينما خفض وزير التخطيط النسبة إلى 4 بالمائة.
ويتوقع زيادة معدلات العجز بالموازنة بالنصف الثاني من العام الحالي في ضوء زيادة فوائد الديون والتي كان متوسطها الشهري 19 مليار جنيه قبل تحرير سعر الصرف ، وبلغ المتوسط 29 مليار بعد التحرير، إلى جانب زيادة تكلفة دعم الوقود والسلع الغذائية المستوردة، ولهذا يتوقع أن تستمر وزارة المالية بفرض المزيد من الرسوم على الخدمات الحكومية لزيادة الإيرادات، وعدم الالتزام بما أعلنت عنه مسبقا من استثمارات حكومية وتشددها فيما يخص زيادة الأجور والدعم.