قال محب عبود، القيادي العمالي، إن قانون التنظيمات النقابية العمالية الجديد يمثل سطوًا من الدولة على العمل النقابي وعرقلة إنشاء تنظيمات نقابية عمالية تتمتع بالاستقلالية والدفاع عن حق العمال بشكل حقيقي، وهو استنساخ للقانون 35 أو تعديل له نحو الأسوأ، وليس قانونًا حقيقيًا؛ خاصة أنه يتعارض مع حق العمال في إنشاء كيانات نقابية حرة ومستقلة، ومخالف للمواثيق الدولية التي وقّعت عليها مصر.
وأضاف عبود في تصريحات خاصة لـ”رصد” أن هذا القانون مخالف للمادة 93 من الدستور، التي تلزم المشرّع بالالتزام بالاتفاقيات الدولية الموقّعة عليها مصر في حال تشريع أي قوانين جديدة؛ خاصة المتعلقة بالعمال، بالإضافة إلى أن هذا القانون يتعامل مع 70% من عمال مصر بلا مبالاة ويضع شروطًا تعجيزية لإنشاء النقابات العمالية، ولا يضع هؤلاء العمال -الذين لا يعملون بشكل منتظم، سواء في الحكومة أو القطاع الخاص؛ لكنهم عمالة غير منتظمة مثل الباعة الجائلين وغيرهم- في الاعتبار، وهؤلاء العمال الأولى بمظلة نقابية عمالية تدافع عن حقوقهم؛ وهذا ما لا يوفره القانون الجديد المطروح للنقاش.
وأكد القيادي العمالي أنه سيكون هناك عديد من الخطوات لوقف هذا القانون؛ سواء بالتواصل مع نواب البرلمان المتضامنين مع العمال وحثهم للضغط على البرلمان لوقف القانون، أو تعديل المواد مثار الجدل، أو باللجوء إلى القضاء الإداري بمجلس الدولة لوقف القانون واستبداله بقانون يحفظ حق العمال.
ومن جانبه، قال هشام فؤاد، عضو مكتب العمال بحركة الاشتراكين الثورين، في تصريحات صحفية، إن “مشروع القانون يقضي بشكل كامل على النقابات المستقلة؛ حيث يضع شروطًا تعجيزية أمامها ويهدف إلى إعادة هيكلتها حتى يجعلها مهمشة؛ ليكون المتحدث عن عمال جمهورية مصر العربية صوتٌ واحدٌ تمثله النقابات الحكومية“، موضحًا أن المشروع يعطي الأحقية للنقابات الحكومة في كل شيء، بينما النقابات المستقلة لا تمثل أي شيء؛ مما يمثل خطرًا على العمال؛ إذ إن النقابات المستقلة مثلت حائط الصد ضد الفصل التعسفي للعمال.
وأثار مشروع قانون المنظمات النقابية العمالية وحماية حق التنظيم، المعروف باسم قانون “الحريات النقابية” الذي تقدمت به الحكومة إلى مجلس النواب، غضب المنظمات النقابية العمالية ورفضها؛ معتبرة أن مواد مشروع القانون تعيد الاحتكار النقابي وتقضي على النقابات المستقلة وتعترف فقط بالاتحاد الحكومي، بجانب أنه يخالف الدستور والمواثيق الدولية.
ويشترط القانون تشكيل نقابة من مائة عامل بجانب نقابة عامة تتكون من 30 ألف عامل، واتحاد نقابي من 300 ألف عامل، كما يلغي حق التقاضي الذي كان متاحًا في السابق نيابة عن أعضائها، فضلًا عن التمييز الواضح بين النقابات التابعة للاتحاد الحكومي والمستقلة رغم أنها أنشئت بشكل سليم قانونًا.
وتمثلت أبرز الملاحظات في الاعتراض على عدم ذكر الاتفاقيات الدولية الموقعة عليها جمهورية مصر العربية؛ خاصة 87 لسنة 1948 و98 لسنة 1949، ونصوص الدستور؛ خاصة المادتين 76 و93 كمرجعية أساسية لإصدار القانون.
كما شملت الملاحظات الاعتراض على المادة الثانية التي تنص على احتفاظ المنظمات النقابية العمالية بشخصيتها الاعتبارية التي اكتسبتها بالقانون، وتستمر في مباشرة اختصاصاتها وفقًا لأحكامه، وكذا لوائح نُظمها الأساسية بما لا يتعارض مع أحكامه، وتثبت الشخصية الاعتبارية لغيرها من التجمعات العمالية من تاريخ تأسيسها وفقًا لأحكام القانون المرفق؛ مما يعني الاعتراف فقط بالاتحاد الحكومي كممثل وحيد للعمال، وإضفاء المشروعية على تشكيلاته، رغم العديد من الأحكام القضائية التي قضت ببطلانه!
كما تم الاعتراض على نص المادتين 14 و16 اللتين تشترطان لتكوين النقابة ألَّا يقل عدد أعضائها عن مائة عضو، وألَّا يقل عدد العاملين بالمنشأة عن مائة عامل، ولتكوين النقابة العامة ألَّا يقل عدد اللجان النقابية المنضمة إليها عن عشرين لجنة نقابية، وألَّا يقل عدد عضويتها عن ثلاثين ألف عضو، ولتكوين الاتحاد العام ألَّا يقل عدد النقابات العامة المنضمة إليه عن عشر نقابات (300 ألف عضو)؛ وهي شروط تعجيزية لا تتوافق مع المعايير الدولية لإنشاء النقابات بحرية واستقلالية.
وشملت الملاحظات الاعتراض على نص المادة 26 فقرة “و” المعنية بالاحتفاظ بالعضوية النقابية حتى بعد سن المعاش، والتي فُصّلت أساسًا لقيادات الاتحاد الحكومي، والمادة 54 فقرة “د” التي تحظر تلقي أي تبرعات من الاتحادات العمالية والمنظمات الدولية، والمادة 70 في باب العقوبات التي تنص على معاقبة من يتلقى التبرعات بالسجن والغرامة التعجيزية؛ وهو ما يتنافى مع روح التضامن الدولي التي يجب أن تتحلى بها الاتحادات والنقابات العمالية.
ولم يقتصر الرفض للقانون على النقابات المحلية؛ فقد أبدت منظمة العمل الدولية ملاحظات على القانون وطالبت بتعديله؛ لما به من مواد تعيد الاحتكار النقابي مستقبلًا، مؤكدة أن القانون يعترف فقط بالنقابات التي أنشئت حسب القانون 35، مطالبة بمراجعة القوانين لتتوافق مع المعايير الدولية، بحسب بيان النقابة.