تستعد الأحزاب الإسلامية الجزائرية خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة في مايو القادم، بعد أن أعلنت وزارة الداخلية الجزائرية، الترخيص لها بقوائم موحدة، في بيان صادر مساء الأربعاء الماضي.
واشترطت الداخلية الحصول على تواقيع مسؤولي الأحزاب المتحالفة، وأن يكتسي «توقيع التحالفات طابعاً وطنياً» أي أن ينسحب على كل المحافظات.
وأشار بيان وزارة الداخلية الذي نشرته على موقعها الرسمي: “تحسبا لعملية إيداع الترشيحات وردا على الانشغالات التي طرحتها بعض التشكيلات السياسية بشأن تشكيل تحالفات، تحيط وزارة الداخلية والجماعات المحلية هذه التشكيلات السياسية، علما بأنه بإمكانها تشكيل تحالفات”.
وشدد بيان الوزارة: “يجب إرسال وثيقة الإثبات المؤسسة لهذا التحالف، موقعة قانونا من قبل مسؤولي الأحزاب السياسية المعنية إلى وزارة الداخلية والجماعات المحلية، والهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات، قبل إيداع قوائم الترشيحات، بغرض نشرها وأخذها بعين الاعتبار على مستوى الولايات والدوائر الانتخابية في الخارج”.
موافقة وزارة الداخلية الجزائرية ستمكن “إسلاميي” الجزائر من الترشح للانتخابات لأول مرة في تاريخ الجزائر، وبعد سنوات من الانشقاق، بعد أن قرروا الاتحاد في قوائم مشتركة استعدادا للانتخابات البرلمانية القادمة.
وحددت الجزائر الرابع من مايو المقبل، موعداً لإجراء سادس انتخابات نيابية تعددية في البلاد منذ إقرار دستور الانفتاح السياسي عام 1989.
ويتشكل التيار الإسلامي في الجزائر من 6 أحزاب رئيسية، تضم “حركة مجتمع السلم” و”جبهة التغيير”، و”جبهة العدالة والتنمية” وحركة النهضة” و”حركة البناء الوطني”، بالإضافة إلى “حركة الإصلاح الوطني” الذي لم يدخل في التحالفات الجديدة بسبب أزمة داخلية بين قياداته، وكذلك “الجبهة الإسلامية للإنقاذ” التي حظرت بعد انقلاب 1992.
وأعلنت جبهة التغيير، التي أسسها وزير الصناعة الأسبق عبد المجيد مناصرة، في 2012، تحالفها مع حركة مجتمع السلم (أكبر حزب إسلامي في البلاد) ودخول الانتخابات البرلمانية بقوائم موحدة، في انتظار عقد مؤتمر وحدة بين الحزبين.
من جهة أخرى، أعلنت 3 أحزاب إسلامية؛ هي: جبهة العدالة والتنمية التي يقودها الشيخ عبد الله جاب الله، وحركة النهضة بقيادة محمد ذويبي، وحركة البناء الوطني (المنشقة عن حركة مجتمع السلم) بقيادة مصطفى بلمهدي، دخول الانتخابات بقوائم موحدة في انتظار الاندماج النهائي في حزب واحد.
ويسعى التيار الإسلامي في الجزائر، جاهدا لاسترجاع المكانة التي كان يحتلها في السابق، بعد الانقسام والتشتت الذي عرفهما مؤخرًا بسبب الحرب على الزعامة، وتوقعت العديد من الدراسات إن الانتخابات البرلمانية المزمع تنظيمها بداية مايو المقبل، تعد فرصة لغربلة المشهد السياسي الجزائري، إنها ستحدد مدى التماسك والتوافق عند قوى المعارضة.
وجاء قانون الانتخابات الجديد الصادر 2016، بشروط جديدة لمشاركة أي حزب في الانتخابات، حيث يشترط حصول أي حزب على نسبة 4% من الأصوات في آخر 3 انتخابات وطنية لكي يدخل السباق القادم، وإلا فهو مطالب بجمع التوقيعات لقوائمه.
اتحاد “مجتمع السلم”
وفي 7 يناير الماضي، أصدر مجلس شورى “حركة مجتمع السلم”، بيانا قال فيه: “تم التصويت بالأغلبية على اتفاق للوحدة مع جبهة التغيير”.
وسوف تتم الوحدة عبر ثلاث مراحل، الأولى هي المرحلة الانتخابية، وتقتضي دخول الانتخابات التشريعية صفا واحدا في إطار حركة مجتمع السلم، والمرحلة الثانية عبارة عن “مرحلة توافقية وتبدأ بمؤتمر استثنائي بعد الانتخابات التشريعية وتدوم سنة على الأكثر”.أما الثالثة والأخيرة، “تبدأ بالمؤتمر العادي لحركة مجتمع السلم في بداية سنة 2018″، حيث يقع اندماج كلي بين الهيئتين في صيغة تنظيمية واحدة، وفقًا لإتفاق الحزبين.
وفي تصريحات للصحف، اعتبر عبد المجيد مناصرة رئيس “جبهة التغيير”، أن حزبه “سيدخل الانتخابات التشريعية القادمة بقوائم موحدة مع حركة مجتمع السلم، تحمل اسم هذا الحزب، تنفيذا لروح الوحدة والاندماج التي تمت بين الحزبين، وهي وحدة اندماجية في حزب واحد وليست ظرفية، وسيعلن الحزب عن قرار حله رسميا في مؤتمر توافقي مع حركة مجتمع السلم”.
الاتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء
يضم “الاتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء”، ثلاث مكونات سياسية هي “جبهة العدالة والتنمية”، و”حركة النهضة”، و”حركة البناء الوطني”.
واعلنت حركة البناء الوطني انضمامها لاتفاق وحدة كان قد وقعه حزبا جبهة العدالة والتنمية بقيادة المعارض الإسلامي عبد الله جاب الله وحركة النهضة، ليصبح تحالفا بين ثلاثة أحزاب إسلامية، بحسب بيان لها الشهر الماضي.
وأضاف البيان أن مجلس شورى الحزب “صادق على الوثيقة الإطار، لتجسيد التحالف السياسي الاستراتيجي الوحدوي بين حركة البناء الوطني وجبهة العدالة والتنمية وحركة النهضة”.
اندماج العدالة والتنمية، وحركة النهضة
وفي ديسمبر الماضي تم الإعلان عن اندماج قيادتي جبهة العدالة والتنمية، وحركة النهضة بقيادة محمد دويبي.
وقال الشيخ عبد الله جاب الله، زعيم جبهة العدالة والتنمية، إن “(تحالف الاتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء)، ليس تحالفا انتخابيا، هذه مغالطة إعلامية يتم الترويج لها على خلفية أنها الإعلان عن هذا الاتحاد جاء في سياق انتخابي، وإلا فإن وحدة الإسلاميين واجب شرعي وضرورة حياتية”.
وأضاف جاب الله في تصريحات للصحافة أن “الاتحاد لا نريده أن يكون رهينة الانتخابات، لأن الانتخابات تفرق وتجاربنا وتجارب غيرنا تؤكد ذلك، ونحن نريد أن نوفر للاتحاد ما استطعنا من عوامل الصمود والنجاح”.
وتابع: “العمل السياسي لا يقبل الفكر الإطلاقي، وإنما فيه الإقدام والإحجام، وفيه المشاركة والتعايش، وفيه أيضا المعارضة والتعايش، كما أن العمل السياسي لا يقبل المقاطعة الدائمة، ولا القطيعة التامة مع السلطة”.
وأكد أنه “لو كانت السلطة استبدادية ظالمة، فهي شرّ لا بد منه، وهي لا تضع التي تصنع الحدث، لذلك تجد المعارضة مضطرة للتفاعل معها”.
وأوضح: “نحن جربنا الانتخابات من قبل كما جربنا المقاطعة، وعلى الرغم من أن الشروط الضامنة للانتخابات الشفافة غير متوفرة، لكننا نحتاج للمفاضلة بين الشرين”.
وسجل أن “الاتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء” قد يتوسع ليشمل حركات إسلامية أخرى، وقال: “فكرة انضمام حركة مجتمع السلم للتحالف قائمة، والتواصل بيننا موجود، لكنه لا يزال في بداياته”.
تأتي الانتخابات التشريعية الجزائرية القادمة عقب تغييرات كبيرة شهدتها الجزائر في السنوات الثلاث الأخيرة، أبرزها تنحية الرجل القوي في السلطة مدير جهاز الاستخبارات الفريق محمد مدين المعروف بالجنرال توفيق، وتعديل الدستور في فبراير2016، الذي منح المعارضة ضمانات أكبر، وأقر تشكيل هيئة عليا مستقلة لمراقبة الانتخابات، وإن كان كل هذا لا يرضي المعارضة بالشكل المطلوب.
ويرى محللون أنه لا يعول كثيرًا على التغيير في الانتخابات القادمة، حتى لو فازت المعارضة بالمراكز الأولى، فالنظام الجزائري لا يتيح للبرلمان أي سلطة تأثير على صناعة القرار أو توجيه السياسة العامة للدولة بشكل عام.