بلغتْ حالة “الإخوان المسلمين” في مصر الآن مستوى بالغ السوء، بعد أن كانت الجماعة لعقود “حركة المعارضة” الأقوى في مصر، ولكنها الآن لا تواجه تحديات هائلة وتناضل لتتمكن من البقاء على قيد الحياة وحسب؛ بل أيضًا للحفاظ على وحدتها وتماسكها، بحسب تقرير نشره موقع الجزيرة الصادر باللغة الإنجليزية.
وأدى القمع غير المسبوق الذي تتعرض إليه الجماعة من قبل نظام عبدالفتاح السيسي إلى التأثير بشكل كبير على نفوذها وصورتها العامة. ومع ذلك، فإن الأثر الأكبر كان على التنظيم الداخلي للحركة وتكاملها؛ حيث أصيبت الجماعة بالشلل إلى حد كبير وفقدت كثيرًا من قدراتها التنظيمية.
ويلفت التقرير الانتباه إلى أنه “تاريخيًا، المستوى المعتدل من القمع كان يأتي في صالح الجماعة، التي كانت تستخدم ذلك للحفاظ على تضامن أعضائها وولائهم”، بحسب التقرير نفسه.
حيث استخدمت الجماعة مدخل “المِحْنة”، أي استخدام الشعور الجماعي بالتعرض إلى الإيذاء والمعاناة بسبب قمع النظام للإخوان، في جذب دعم المجتمع وتمكين القيادة في تحقيق المزيد من السيطرة.
ويضيف تقرير الجزيرة أنه مع ذلك، فشل هذا المدخل في تحقيق مهمته بعد زوال الإخوان من السلطة في يوليو عام 2013م؛ بل وأدى إلى تأثير مناقض تمامًا للهدف الأصلي، حيث تزايد شعور الأعضاء الشباب بالخديعة في القيادات القديمة للحركة.
كما شهدت جماعة الإخوان منذ انقلاب عام 2013م تقسيمات تنظيمية وسياسية وعقائدية لا تعدّ ولا تحصى؛ حيث نجح قمع السيسي في خلق فروق ذات دلالة إحصائية بين أفراد الجماعة حول العديد من القضايا، بدءًا من الموقف من النظام إلى وجهات النظر السياسية والأيديولوجية والدينية للجماعة نفسها.
وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية، تم تقسيم الإخوان إلى معسكرين: القادة السابقين والمحافظين مقابل الأعضاء الشباب والثوريين.
وفي تطور جديد في فبراير 2014م، بعد أشهر قليلة من إعلان جماعة الإخوان منظمة إرهابية، شهدت الحركة صراعًا مكثفًا على السلطة وانقسامات حول من يجب أن يقود الحركة والاستراتيجية التي يجب أن تُتّبع للرد على قمع النظام.
أما عن التحولات السياسية، انقسم الإخوان حول كيفية التعامل مع قمع النظام والاستراتيجية التي ينبغي اعتمادها.
ففي حين تبنّت القيادة الجديدة موقف المواجهة ورفض المساومة، كانت القيادة القديمة تميل إلى استيعاب قمع النظام وإبقاء الباب مفتوحًا للتفاوض والمصالحة مع النظام.
كما تبنّت القيادة الجديدة قضية إعادة الرئيس المخلوع محمد مرسي كأمر لا بد منه، ولا يمكن التفاوض بشأنه، في حين رأت القيادة القديمة في ذلك قضية تقبل المساومة.
ومن المؤكد أن هذه ليست المرة الأولى التي تشهد فيها جماعة الإخوان المسلمين في مصر مثل هذه الانقسامات؛ ولكن المؤكد أن الانقسامات الأخيرة هي أكثرها أهمية وجدية حتى الآن.
المصدر