شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

لماذا يُصر السيسي وأنصاره على أن “العلبة فيها إنجازات”؟!

لماذا يُصر السيسي وأنصاره على أن “العلبة فيها إنجازات”؟!
في خطاب ألقاه عبد الفتاح السيسي في أبريل ٢٠١٦ قال إن الإنجازات التي تحققت خلال سنتين من عهده كانت تحتاج لأكثر من عشرين عاما لتحقيقها إلا أن المصريين لم يشعروا بهذه الإنجازات بسبب الأعمال المضادة من " أهل الشر"

في خطابٍ ألقاه عبدالفتاح السيسي في أبريل ٢٠١٦م، قال إن الإنجازات التي تحققت خلال سنتين من عهده كانت تحتاج إلى أكثر من عشرين عامًا لتتحقق؛ إلا أن المصريين لم يشعروا بهذه الإنجازات بسبب الأعمال المضادة من “أهل الشر”.

لكن الواقع شهد بأن إنجازات السيسي ما هي إلا ادعاءات ليس لها على أرض الواقع أثرٌ يُرى. فلماذا اختار السيسي مشاريعه كافة من هذا النوع الذي توقّع الخبراء له الفشل من قبل الشروع فيه؟ ولماذا يصر هو وأنصاره على أن ثمة إنجازات تتحقق في عهده وثمة مشروعات تنجح؟

التغطية على الجرائم

يرى الكاتب الصحفي سليم عزوز أن السيسي أراد من خلال التسرع في إنجاز مشاريع وهمية أن يُنسي الناس جرائمه في حق الشعب بالاعتداء على أول تجربة ديمقراطية عقب ثورة يناير ٢٠١١م.
وتابع: إلا أن هذا التسرع كان من الطبيعي أن يُنتِج فشلًا ذريعًا، والسيسي نفسه قد يكون على علم باحتمالية هذا الفشل؛ لكنه -كعادة كل ديكتاتور- يكون جاهزًا بمبررات وهمية وبقمع بوليسي يجعل مصير أي معارضة ما بين القتل والاعتقال والتشويه.

قلة الخبرة 
ويرى خبراءٌ أن الفشل الذي يلاحق السيسي في مشاريعه التي يدّعي لها النجاح له أسباب عديدة، على رأسها قلة الخبرة لديه ولدى فرق العمل التي يستعين بها؛ فعلى سبيل المثال كان معلومًا لدى الجميع أن تفريعة قناة السويس التي أصرّ السيسي على حفرها لم تكن مصر في احتياج كبير إليها؛ بل يرى بعض الخبراء أنها لم تكن سوى مشروع لاستنزاف العملة الأجنبية من البلاد، في الوقت الذي لم تحقق فيه قناة السويس الرئيسة إشغالًا يتجاوز الـ60%.

ومع ذلك، أصر السيسي على تنفيذ هذا المشروع؛ بهدف التلميع السياسي ليس أكثر، مدعيًا أن المشروع كان هدفه تحسين الحالة المعنوية للشعب!

 شو إعلامي ومخدرات

من زاويته، اعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور أشرف دوابة أن هذه المشروعات ما هي إلا “شو إعلامي”؛ كونها باهظة التكاليف وبسيطة العائد، واصفًا إياها بـ”الفنكوش” (وهو تعبير بالعامية المصرية يطلق على الوهم).

وأضاف في تصريح تلفزيوني أن الحكومة تخدّر الشعب بمسكنات اقتصادية تتسبب في ارتفاع الدين الداخلي والخارجي؛ مما يهدد البلاد بالإفلاس في وقت لاحق.

وقال إن النظام ابتعد عن تحقيق تنمية حقيقية وتوفير فرص عمل للشباب، في مقابل الهرولة وراء مشروعات تفتقر إلى الأولويات وتغرق الأجيال القادمة في الديون.

من معالم الفشل “المؤتمر الاقتصادي”

وتعاملت السلطة مع المؤتمر الاقتصادي الذي عقد في مارس/ آذار 2015م بمدينة شرم الشيخ بوصفه إنجازًا ضخمًا، واعتبرته وسائل الإعلام الموالية لها بوابة دخول مرحلة الرخاء الاقتصادي، وذهب وزير الاستثمار وقتئذ إلى إعلان وصول قيمة الاتفاقيات الموقعة خلال المؤتمر إلى 130 مليار دولار.

لكن المستقبل كان يحمل واقعًا مغايرًا؛ إذ لم تُنفّذ غالبية الاتفاقيات التي لم تكن سوى مذكرات تفاهم، كما خسر الجنيه أكثر من ربع قيمته أمام الدولار بعد أشهر قليلة من انعقاد المؤتمر.

وليس أدل على فشل المؤتمر الاقتصادي من سعي النظام إلى الاستدانة من مؤسسات دولية مثل صندوق النقد الدولي، وارتفاع الدين الخارجي إلى 46 مليار دولار والدين المحلي إلى 2.259 تريليون جنيه بنهاية العام الماضي.

عاصمة السراب

وفي الوقت الذي تختنق فيه العاصمة القاهرة بأزمات المرور والعشوائيات والتلوث وانقطاع الكهرباء والمياه وانسداد الصرف الصحي، كان السيسي يأمر مسؤولًا في حكومته أمام شاشات التلفاز بتقليل المدة المحددة لإنشاء عاصمة إدارية للبلاد من عشر سنوات إلى خمس فقط.

وحسب ما أعلنه وزير الإسكان خلال المؤتمر الاقتصادي، فالمشروع سيتكلف 45 مليار دولار؛ ويتضمن نقل مباني الحكومة والبرلمان والرئاسة إلى المدينة الجديدة، وإنشاء ناطحات سحاب ومدينة ترفيهية.

وانتظر المصريون عاصمتهم الجديدة التي ستناطح السحاب، لكنهم فوجئوا بإلغاء مذكرة التفاهم التي وقعتها شركة إماراتية لتنفيذ المشروع؛ ليَصْدُرَ قرارٌ رئاسيٌّ في فبراير/ شباط الماضي بتخصيص اﻷراضي المحددة للمدينة لصالح وزارة الدفاع، وتولي شركات صينية إنشاء العاصمة.

تفريعة قناة السويس

أبرز المشاريع التي ضخّمت السلطة من جدواها الاقتصادية هو محور تنمية قناة السويس، الذي افتتح في أغسطس/ آب الماضي؛ إذ صورت المشروع بوصفه مجرى ملاحيًا جديدًا يوازي القناة الأصلية، رغم أنه لا يتعدى كونه تفريعة طولها 37 كيلومترًا، وجيوب المصريين كانت السبيل لتنفيذ المشروع؛ عبر طرح شهادات استثمار بقيمة 68 مليار جنيه بفائدة 12%.

ورغم توقعات رئيس هيئة قناة السويس اللواء مهاب ممش بأن تبلغ عائدات القناة مئة مليار جنيه سنويًا بافتتاح التفريعة، فإن الإيرادات انخفضت العام الماضي إلى 5.175 مليارات دولار؛ بنقص بلغ 290 مليون دولار عن عام 2014.

وأكد تقرير الملاحة الصادر عن قناة السويس تراجع الإيرادات خلال يناير/ كانون الثاني الماضي بنسبة 5.2% عن إيرادات الشهر نفسه من العام الماضي، بنحو 23 مليون دولار.

وحدات سكنية
وكان مشروع إنشاء مليون وحدة سكنية بارزًا في الدعاية الانتخابية للسيسي قبل تنصيبه رئيسًا؛ لكن مصيره انتهى بعدم التنفيذ. ففي أكتوبر/ تشرين الأول 2014 أعلنت الحكومة عن التراجع عن المشروع لخلاف مع الشركة المنفذة.

واستبدلت المشروع بآخر للإسكان المتوسط والاستثماري؛ لكن حتى هذا الأخير خفضت الحكومة دعمه في الموازنة الجديدة بنسبة 25%.

أما مشروع استصلاح 1.5 مليون فدان، فقد افتتح السيسي المرحلة الأولى منه الشهر الماضي بمحافظة الوادي الجديد جنوبي غرب مصر، رغم تحذير خبراء مياه من عدم توفّر مياه جوفية لزراعة هذه المساحة، بخلاف مخاطر انخفاض حصة البلاد من مياه النيل بسبب سد النهضة الإثيوبي.

ولقي مشروع إنشاء الشبكة القومية للطرق بطول 4400 كيلومتر خلال عام واحد النسيان، رغم أنه كان ضمن البرنامج الانتخابي للسيسي، والمصير نفسه واجهه مثلث التعدين الذهبي المستهدف منه إقامة مركز اقتصادي عالمي في صحراء مصر الشرقية من منطقة إدفو جنوب محافظة قنا إلى منطقة سفاجا.

تحليل ” بلومبيرغ”

وقد نشرت هيئة تحرير وكالة “بلومبرغ” تحليلًا اقتصاديًا حمّلت فيه عبدالفتاح السيسي المسؤولية المباشرة عن الفشل الاقتصادي الذي تعيشه مصر، وهو ما اتفق معه خبراء اقتصاديون ورجال أعمال داخل البلاد.

وتساءلت بلومبرغ في مقالها: أين ذهبت عشرات مليارات الدولارات التي تلقاها السيسي من الخارج منذ الانقلاب العسكري في يوليو/ تموز 2013، والتي لا يبدو لها أثر في ظل عجز في الموازنة يبلغ 12% من الناتج المحلي الإجمالي، وعجز تجاري بنسبة 7% من الناتج، وبطالة متفشية بين الشباب، واحتياطي نقدي مستنزف؟!



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023